الجمعة، 20 سبتمبر 2013

التكفير.. نهج يقوض قيم الاختلاف والتعايش



التكفير.. نهج يقوض قيم الاختلاف والتعايش
أهل الغلو والتطرف يبتدعون منهج التكفير ليكون مبررا للقتل والتخلص من المخالفين، وذاك المنهج لن يخلق مجتمعا يدافع عن قيم التسامح والاعتدال.

وقد حذر مفتي عام السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مؤخرا من تكفير المسلمين والاعتداء على المعاهدين والمستأمنين في ظل «التطورات الخطيرة» في العالم الإسلامي.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن بيان للمفتي صدر من دون إيضاح المناسبة، أنه «نظرا لهذه الأحداث المتسارعة الخطيرة في العالم الإسلامي، يجب أن ننبه إلى خطورة الاعتداء على الأنفس المعصومة من مسلمين أو معاهدين أو مستأمنين» في إشارة إلى اتباع الديانات الأخرى. وعدد «الأنفس المعصومة في الإسلام وهي المعاهدين وأهل الذمة والمستأمنين»، كما ندد بما وصفه «شبهات تجيز أو تهون من إهراق دماء المسلمين والآمنين في بلدانهم». ولم يتسن معرفة ما إذا كان المفتي يقصد سوريا بقوله هذا في حين حذر مجلس الوزراء السعودي من أن «تعنت النظام» السوري يصب في صالح المتطرفين.

وتشهد سوريا البلد المتعدد الأديان والأعراق أعمال عنف ذات طابع طائفي.

واستشهد آل الشيخ بالكثير من الآيات القرآنية والأحاديث التي تنهي عن ذلك مشيرا إلى من «أدخله ولي أمر المسلمين بعقد أمان وعهد فإن نفسه وماله معصوم لا يجوز التعرض له وقتله».

وأكد أن «أهل الغلو والتطرف ابتدعوا منهج التكفير الذي يهون قتل المسلمين وغيرهم من المعصومين» .

ويذهب بعض الدارسين إلى أن أهل الغلو عملوا على تحويل فترة تاريخية ما إلى منهج فكري يرجعون إليه ويحتكمون له من خلال قراءة ملزمة عادة ما تلغي النهج المقاصدي للنصوص. وذاك ما يجعلهم لا يقيمون وزنا للتأويل وللسياق التاريخي المتبدل آخذين بظاهر النص دون الوقوف على المتطلبات الحادثة والتي تستدعي استحضار القراءة المقاصدية لفهم الواقع لجديد. وقال: «لم يجز أن نكفر إلا من دل الكتاب والسنة على كفره دلالة، واضحة فلا يكفي في ذلك مجرد الشبهة». إذ يجب على من يطلق أحكام التكفير على الأشخاص أن تكون لديه مرتكزات نصية واضحة وصريحة تسمح له بإصدار ذلك الحكم.

أما أن يكفر المرء الناس انطلاقا من شبهات أو من مسألة خلافية لم ترق له فذاك يعد خروجا عن الدين الذي لا يسمح بمثل ذلك السلوك. فالإسلام عاشت في ظله كثير من الأعراق والديانات المخالفة ولم نسمع أن أهله يكفرونهم انطلاقا من ذلك الخلاف الديني أو الثقافي.

وختم آل الشيخ مطالبا بالرجوع في هذه «الأحكام الخطيرة إلى كبار العلماء وليحذر المسلم من الانتساب إلى الجماعات التي تتبنى المنهج التكفيري فإن علماء المسلمين لا يوجد بينهم خلاف على تحريم مسلكهم وشناعته وخطورته».

كما يرى بعض المفكرين الذين قاموا بدراسات حول الإسلام السياسي ومقولاته الفكرية أن المنهج التكفيري الذي تتبناه بعض الحركات السلفية والتي تدعي انتسابها للإسلام ساهم في خلق أعداء جدد للدين على اعتبار أنه، وانطلاقا من تلك المقولات السلفية المتشددة، يحاصر المخالفين ولا يؤسس للحرية الفردية.

ويذهب بعضهم أن سلاح التكفير هو بيان عن عجز الخطاب السلفي المتشدد عن إقناع الخصوم بالحوار وبالحكمة وبالحجج والبراهين، فعندما يفشل الخطاب في الإقناع يكون التكفير هو المخرج من خلاله يوضع الآخر موضع العدو الذي يجب محاربته والتخلص منه. وتكون صفة كافر وحدها كافية لتبرير كل ردود الأفعال التي يقوم بها البعض انطلاقا من فهم ضيق للدين وأحكامه.

المنهج التكفيري الذي يمارسه البعض منطلقين من مقاربة خاصة وفهم خاص للإسلام وشريعته لن يتمكن من خلق مجتمع متسامح يؤمن يقيم التعايش والحوار والسلام، يحاول ترسيخ قيم الإسلام السمحة الداعية إلى التعاون وقبول الآخر مهما كان مختلفا عنا.

ليست هناك تعليقات: