الأحد، 7 أغسطس 2011

مليونية "حب الوطن" تبعث برسالة للتيارات السلفية "اعرفوا حجمكم".. مع دعوات لخروج الصوفيين من "القمقم".. والجماعة الإسلامية تصفها بالـ"المضحكة





دعت الطرق الصوفية إلى ما أسمته بـ"مليونية مدنية الدولة المصرية" رافعين شعار "في حب الوطن"، وذلك الجمعة 12 أغسطس، وهو ما يعد ردًّا على مليونية تيار الإسلام السياسي في 29 يوليو الماضي والتي رفعت فيها شعارات الدولة الإسلامية وامتزجت لافتاتها بأعلام السعودية، وهو الأمر الذي علق عليه أحد المشاركين حينها بأن هذا العلم أفضل من العلم المصري، نظرًا إلى ما يحمله من شعار إسلامي متمثل في الشهادتين، وقد أدت تلك الجمعة الدينية والتي أطلق عليها مسمى "لم الشمل" إلى استياء العديد من التيارات السايسية المدنية، والتي انسحبت منها بسبب خروج السلفيين والإخوان المسلمين عن ما تم الاتفاق عليه مع باقي القوى في مراحل الإعداد لها.

وتأتي جمعة الصوفيين "مليونية مدنية الدولة المصرية" بناءً على دعوة "جبهة الإصلاح الصوفي" التي أكدت على ضرورة إرساء دعائم الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين وتهدف إلى التصدي للفكر السلفي، والمد الوهابي الدخيل على المجتمع المصري وتأكيدًا على مدنية الدولة، ومن المقرر أن تبدأ المليونية عقب صلاة الجمعة مباشرة وتستمر حتى موعد الإفطار ثم صلاة العشاء والتراويح وتختتم بإنشاد ديني للشيخ "ياسين التهامي" ينتهي مع صلاة الفجر.
يذكر أن الشيخ علاء أبو العزايم شيخ الطريقة العزمية قد شن هجومًا عنيفًا على الجماعات السلفية مؤخرًا مشيرًا إلى أن الفكر السلفي يعد امتدادًا للفكر الوهابي الذي يقوم بتكفير الصوفيين والمسيحيين ولا يستطيع قبول الآخر، ووصف – أبو العزايم - الوهابيين بأنهم يمثلون "الفكر اليهودي"، مؤكدًا في الوقت ذاته على ترابط الإخوان والسلفيين قائلاً: "الإخوان هم المخ والسلفيون العضلات"، وأشار إلى أن هدم الأضرحة الذي يقوم به السلفيون يعد تضييعًا للقدوة الإسلامية الحسنة، وطالب الجماعات السلفية بالكف عن محاولات الهدم لافتًا نظرهم إلى ضريح "أبو حصيرة" بالبحيرة الذي يأتيه اليهود كل عام ليقيموا شعائرهم عنده قائلاً: "إذا كنتم عايزين تهدوا أضرحة المسلمين، روحوا هدوا أبو حصيرة الأول"، مشيرًا إلى عدم قدرتهم على ذلك مما يعني تمثيلهم للفكر اليهودي كما أشار.

كما يرى أبو العزايم – الذي خرجت الدعوة للمليونية من مقر طريقته العزمية – أن المليونية تعد إعلانًا رسميًا عن ولادة "الكيان السياسي" للطرق الصوفية، كما طالب الشيخ طارق الرفاعي بضرورة توفير كافة الإمكانيات المادية اللازمة لإنجاح اليوم وسيكون حينها على مشايخ الصوفية حشد الملايين من أتباعهم، ومن جانبها دعت اللجنة التنسيقية الداعية لليوم إلى وضع خطة إجرائية مع كافة القوى المشاركة تتعلق بكافة الشؤون المتعلقة بالميدان وقت الإفطار وتأدية صلاة التراويح وإلقاء الخطب السياسية وكيفية إخلاء الميدان.
من جانبه وصف المهندس عاصم عبد الماجد – المتحدث الرسمي باسم الجماعة الإسلامية – مليونية الجمعة المقبلة بالـ"المضحكة" مؤكدًا للـ"الأزمة" بأنها لن تؤثر مطلقًا على جمعة 29 يوليو الماضي والتي ظهرت فيها قوة الإسلاميين قائلاً "خلونا نشوف هيعملوا ايه"، مشيرًا في الوقت ذاته إلى حق الجميع في التظاهر السلمي تعبيرًا عن أرائهم وتوضيحًا لرؤاهم الخاصة، لافتًا انتباه الصوفيين إلى ما يراه محاولة من قبل التيارات العلمانية لامتطاء الجواد الصوفي – على حد وصفه – لمحاربة الإسلام والجماعات الإسلامية، ثم يقومون بعد ذلك بالانفراد بالحكم كما يحلمون ويذبحون الصوفيون قائلين "عودوا إلى حلقات الذكر"
ووصف عبد الماجد العلمانيون بـ"مجموعة من الانتهازيون" قائلاً "لقد انكشفوا وظهروا على أنهم أشد ديكتاتورية من مبارك وسيعاقبهم الشعب عند أول جولة إنتخابية، فمطالبة بعضهم لرجعوع أمن الدولة وإدخال الجماعات الإسلامية للمعتقل مرة أخرى يعد شيئًا مزريًا للغاية فمن غير المقبول أن يفكر أحد بهذة الطريقة القميئة الآن"
ويرى الدكتور محمد سيد أحمد – أستاذ علم الإجتماع السياسي – أنه على الطرق الصوفية الخروج من "القمقم" لأنها أكثر من يستطيع مواجهة القوي الدينية الأخرى الأكثر تشددًا، خاصة وأنها الأكثر جماهيرية وشعبية ويصل عدد أتباعها إلى قرابة الـ15 مليون صوفي، ولا توجد معوقات أمامها سوى عدم وجود القدرة على التنظيم، ويشير إلى أن تحليل حركة التيارات الدينية بمصر يجعلنا أمام ثلاثة تيارات، الأول تيار يمارس العنف ضد الدولة ويتمثل في "الجماعات الإسلامية" والسلفيين، والثاني الأكثر اعتدالاً ويمارس اللعب والمراوغة وهو "الإخوان المسلمون"، والثالث هو الجناح الانسحابي البعيد عن الدولة والسياسة وهو "الطرق الصوفية"، وعلى هذا الجناح الانسحابي محاولة الانخراط في الحياة العامة، فبخروجه قد يعيد التوازن للحياة بمصر، خاصة وأن دعوة الطرق الصوفية روحية خالصة غير مرتبطة بالسياسة ولا تهدف إلى الوصول لسلطة الحكم.

ولكن يشير سيد أحمد إلى وجود تخوف من الطرق الصوفية حيث يقول "كما إن في خروجهم جانب إيجابي فهناك أيضا إحتمالات الخطر، فمن المحتمل استمالتهم إلى جانب التيار السلفي أو الإخوان المسلمين، لأنهم في النهاية أقرب إلى المجتمع الديني، فخطهم البياني أقرب ميلاً إلى هذا التيار، ومن الممكن انقلابهم على التيارات العلمانية التي تتحالف معهم الآن، مثلما فعلت الجماعات الإسلامية عندما استعان بها السادات لمحاربة الناصريين والماركسيين فانقلبوا عليه بعد ذلك، ولكن في حالة تمسكهم بفكرة مدنية الدولة كما يرددون فستكون رسالتهم قوية للآخرين تقول "اعرفوا حجمكم".
ويرى سيد أحمد أن مواجهة التيار السلفي الراغب في تحويل مصر إلى دولة دينية تكمن في تحريك القوة الصامتة من المصريين، غير المنتمية سياسيًا، والتي تقدر بنحو 60 مليون، وهم من يطلق عليهم "حزب الأكل والشرب" لاهتمامهم بحياتهم اليومية دون محاولة التدخل في مراحل صنع القرار السياسي، وهي الكتلة التي تحركت نسبة منها في ثورة يناير فأسقطت مبارك، وهي القادرة اليوم على وضع مصر في طريقها الصحيح.
كانت الطرق الصوفية قد دخلت في حالة من الشد والجذب مع الحركات السلفية منذ بداية خروجهم على الساحة بعد أحداث ثورة يناير، حيث قام التيار السلفي بتنظيم حملة واسعة – على حد قول الطرق الصوفية – تستهدف هدم أضرحة أولياء الله الصالحين، وقد قاموا فعلاً بهدم ما يقرب من مائة ضريح بمحافظات القليوبية والإسكندرية وكفر الشيخ والغربية والشرقيه، باعتبار أن هذه الأضرحة شرك بالله، وأن المصلين بها يقعون في الشرك، وهو ما أدى إلى وقوع العديد من الاشتباكات فيما بين السلفية والصوفية، وقد كانت الطامة الكبرى بالنسبة للصوفيين هو ما هدد به السلفيين من رغبة في هدم ضريح الحسين، مما دعا الصوفيين إلى حشد قواهم بالليلة الختامية لمولد الحسين من أجل حمايتة من أية محاولات للاعتداء عليه.

وهو ما يعني أنه في حال نجاح مليونية الجمعة المقبلة، قد تصير هناك مواجهات عنيفة فيما بعد بين الصوفيين والسلفيين، إذا ما أصرت الجماعات المتشددة على فرض سطوتها، أو قد تنتهي بزوال حلم السلفيين بالصعود إلى حكم مصر مرحليًا.

ليست هناك تعليقات: