الأحد، 28 أغسطس 2011

نشر وثيقة تكشف النسخة الإسرائيلية لاتفاق سايكس-بيكو لتقسيم الوطن العربي



كشفت وثيقة إسرائيلية يرجع تاريخها لعام 1996، عن المخططات الإسرائيلية لتقسيم الوطن العربي إلى دويلات متناحرة، من خلال اللعب بورقة الأقليات في الدول العربية على غرار اتفاق سايكس-بيكو الشهير الذي قضى بوضع حدود فاصلة بين الدول العربية عقب الحرب العالمية الأولى وسقوط الخلافة العثمانية.

وينفرد موقع "قاوم" بنشر الوثيقة التى تحمل عنوان "الاستراتيجية الإسرائيلية حيال شعوب الأقليات فى الشرق الأوسط" أعدها الخبير الاستراتيجي الإسرائيلي موردخاي نيسان، والتى تناول فيها أبعاد التعاون بين إسرائيل والأقليات التي تعيش في مختلف الدول العربية، وإمكانية تعزيز العلاقات بين تلك الأقليات وتل أبيب بالشكل الذي سيسهم فى إقامة دويلات عرقية داخل الوطن العربي موالية لإسرائيل، في مواجهة السيطرة العربية والإسلامية.

أشار الخبير الإسرائيلي فى مستهل وثيقته، إلى أن أبناء الأقليات فى منطقة الشرق الأوسط القديم لم ينسوا للحظة أن تواجدهم التاريخي فى المنطقة سبق الفاتحين المسلمين العرب فى القرن السابع الميلادي، والذين ظلوا منذ هذا التاريخ قابعين تحت كنفهم وسلطتهم، ويحلمون بالتحرر الوشيك من ذلك، وإقامة كيانات مستقلة بهم على غرار دولة إسرائيل لليهود، زاعماً وجود الكثير من المشاعر المشتركة والمصير الواحد بين الاقليات فى الشرق الاوسط والشعب اليهودي، حيث أن هناك تعاطفاً منهم حيال الدولة الاسرائيلية التي باتت تعتبر نموذج يحتذى به ، من خلالها يمكن لتلك الأقليات أن تضمن لنفسها حياة أفضل وبخاصة للأقليات المسيحية.

زعم الكاتب الإسرائيلي فى وثيقته أن حقيقة سيطرة الاسلام والقومية العربية على أقليات كثيرة ، جعل أبناء تلك الأقليات يعيشون واقعاً مريراً ، وعلى هامش أحداث الشرق الاوسط. ففي لبنان فقدت الطائفة المارونية القديمة مكانتها المرموقة، وسط تداخل القوى العاملة فى لبنان خلال السنوات الأخيرة، وفى مصر يعاني الأقباط فيها من الاضطهاد المستمر، وفى العراق تعرض الآشوريين للظلم والقهر. كل هذه الحالات تسببت فى هجرة جماعية لتلك الأقليات للدول الغربية، نتيجة لشعورهم باليأس .

وهناك حالتين جسدتا وبحق الخراب الشنيع الذي لحق بالمسيحيين داخل الاطار الإسلامي،على حد وصف موردخاي نيسان، هما الأرمن تحت الحكم التركي العثماني، حيث أصبحوا ضحايا الإبادة والطرد خلال الحرب العالمية الاولي، ونتيجة لذلك تم محو دور أرمينيا من ناحية الشرق، بطمس جميع الاسماء الارمنية على القرى والشوارع حتى أسماء الكنائس نفسها. وكذلك فى جنوب السودان، حيث دارت معارك طاحنة ضد المسيحيين هناك.

وتابع الخبير الإسرائيلي وثيقته بالإشارة إلى أن تاريخ الأقليات العربية ظل لعقود طويلة مرتبط بالوعود الكاذبة للدول الغربية، التى فضلت فى نهاية المطاف التعاون مع العنصر العربي الاسلامي أو التركي الاسلامي بدلاً من التعاون مع تلك الاقليات ودعمها استناداً على مبدأ حق تقرير المصير؛ ففرنسا تخلت عن الموارنة فى لبنان، وانجلترا تجاهلت مآسي المسيحيين فى مصر والسودان والعراق، وعلى الرغم من ميل فرنسا فى السابق لدعم البرابرة فى الجزائر لكنها تراجعت عن ذلك، وفضلت التعامل مع النظام الجزائري الاستبدادي.

الاستراتيجية الإسرائيلية:

يزعم كاتب الوثيقة أن الشعب اليهودي ، هو الوحيد من بين الأقليات في منطقة الشرق الأوسط الذي استطاع أن يكسر الحواجز العربية ويقيم دولة خاصة به، وأن الكراهية التى تحيط بتلك الدولة دفعها للبحث عن حلفاء تتفق مصالحهم مع مصالحها، هذا التقاسم للمصالح خلق مع مرور الوقت صلة وثيقة للغاية بين جميع الأطراف، أي بين اليهود وغير اليهود ضد العرب والمسلمين. منوهاً إلى أن استراتيجية الأقليات التى تنتهجها إسرائيل لم تحقق فى الماضي إنجازات ملموسة، لكن على أية حال هناك عدد من السمات البارزة لهذه الاستراتيجية الإسرائيلية، يمكن إجمالها فى النقاط التالية:

- الشعوب المسيحية، وحتى الإسلامية غير العربية ينظرون إلى المشروع الصهيوني وإقامة دولة لليهود كعمل يحظى بالشرعية الكاملة، ولا يتشككون فى حق الشعب اليهودي فى إقامة وطن له، يمارس فيه سيادته وحقوقه وبخاصة فى القدس عاصمته.

- سواء دولة إسرائيل أو الأقليات يتواجدون في خندق وواحد ضد المسلمين والعرب، هذا الوضع نشأ عنه منظومة علاقات متقاربة بيننا وبينهم ضد الديكتاتورية الإسلامية والإمبريالية العربية.

المطلوب الآن، كما يؤكد موردخاي نيسان، هو تخطيط سياسي واضح ومفصل لإسرائيل تجاه المجال الإقليمي كله، سواء على المستوى العربي أو على مستوى الأقليات. كما أنه مطلوب رسم خريطة سياسية للمنطقة التى تبرز دولا عربية لا تمثل تهديداً على إسرائيل من خلال إقامة علاقات وطيدة، فى مواجهة الدول التى تهدد أمن إسرائيل، مثل إيران وسوريا ومصر والسودان ، ففي كل دولة من هذه الدول سالفة الذكر توجد أقليات تم قمعها لسنوات طويلة، ويحملون ضغينة ضد الأنظمة الحاكم بها ، لذا يمكن جعلها تشعر بأن إسرائيل شريكة لهم فى المحنة التى يعيشونها.

ورسم الخبير الإسرائيلي خريطة عرقية لدول الأقليات الجديدة فى قلب الوطن العربي، التى يمكن أن يكون لها علاقات وطيدة مع إسرائيل لمحاربة العرب والمسلمين.

* البلوشيين، الأكراد، الأذريين ، والمسيحيين فى إيران.
* الأكراد والمسيحيين فى العراق.
* الأكراد والدروز والمسيحيين فى سوريا.
* المارونيين والدروز فى لبنان.
* الأقباط فى مصر.
* المسيحيين ، وربما أيضاً قبائل النوبة فى السودان.
* البربر فى الجزائر .

هذه الأقليات مثل الأقباط فى القاهرة والموارنة فى طرابلس، الذين يتواجدون على جبهة المصادمات اليومية تقريباً مع المسلمين ، كما هو الحال مع إسرائيل والشعب اليهودي فى مواجهة حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله، فإن التعاون السري بقدر الإمكان سيزيد من فرص عدم بقاء إسرائيل منعزلة وبمفردها فى الساحة الشر ق أوسطية الإسلامية والعربية.

وكشف نيسان فى وثيقته أن الخطة الإسرائيلية من إقامة تلك الدويلات العرقية تستهدف فى الأساس خلق مناطق فاصلة بينها وبين التهديد العربي الموجه ضدها من كل اتجاه تقريباً، لذا يجب على إسرائيل تقديم الدعم للموارنة فى لبنان، وربما أيضاً للدروز ، حتى فى الجولان وجنوب سوريا.

كما أن الموقع الاستراتيجي للأكراد بالقرب من حقول النفط العراقية وتمركز المسيحيين فى السودان بجوار منابع نهر النيل المتوجهة شمالاً نحو مصر، يتطلب تفكيراً إسرائيلياً مستحكماً لمجابهة صراع تلك الدول العربية ضد المشروع الصهيوني .

وفي الولايات المتحدة الأمريكية تم أنشاء تحالف مشترك يضم ممثلين يهود ومسيحيين الذين يمثلون المصالح الإسرائيلية ومصالح الطوائف المسيحية فى الشرق الأوسط والذين يعتبرون الإسلام خطراً على وجود الطوائف غير إسلامية فى داخل العالم العربي، ويضم هذا التحالف شخصيات بارزه ذات سمعة دولية.

ليس هناك شك- حسبما يقول الخبير الإسرائيلي فى وثيقته- أن موضوع الأقلية غير الإسلامية فى العالم العربى موضوع معقد للغاية يستلزم تفكير جاد ومعالجة مناسبة من أجل تحقيق الأهداف المرجوة والتى لا يجب أن تكون على حساب أمن إسرائيل . وأشار إلى أن العرب يحذرون منذ فترة طويلة من النوايا الخبيثة لإسرائيل لتقسيم العالم العربي من خلال مساعدة الموارنة والأقباط والدروز والأكراد لإقامة دويلات خاصة بهم ، وبذلك تحقق تلك الأقليات التفوق الصهيوني على حساب انهيار العرب والمسلمين كقوة مسيطرة.

غير أن هناك ثلاث علامات استفهام رئيسية فيما يتعلق بجدوى استراتيجية الأقليات التى تنتهجها إسرائيل:

1- هل يمكن للأقليات التى تعيش فى داخل الدول العربية، على الرغم ما تتعرض له من اضطهاد وقمع على مدى سنوات طويلة أن تتعاون مع إسرائيل بشكل متحرر وفعال من أجل المصالح المشتركة.

2- هل محاولات إسرائيل للعمل بالتنسيق مع الشعوب المهملة فى المنطقة لا يجعلها أن تكون فى صورة الدولة الشاذة فى منطقة الشرق العربي الإسلامي، مما يجعلها فى نهاية المطاف تعتمد على سند مزعزع وغير صادق.

3- هل يمكن اعتبار استراتيجية الأقليات الإسرائيلية كتحد من وجهة نظر العرب ، وسيؤثر على العلاقات التى أقيمت بين إسرائيل وبعض الدول العربية.

صحيح يجب أن نفكر فى تلك العراقيل، التى قد تنشأ نتيجة تحول اهتمام إسرائيل من المحور العربي الرئيسي ، إلى العنصر الهامشي فى الشرق الأوسط، وربما ذلك سيظهر بوضوح مع تبلور الصورة مستقبلاً.على أية حال يمكن لإسرائيل- حسبما تؤكد الوثيقة- استغلال الوضع الذي فيه ينظر الغرب للإسلام كقوة متطرفة، والذي ملأ الفراغ الذي نشأ عقب انتهاء الحرب الباردة ، مع تزايد التهديد الذي يمثله الإسلام تجاه الغرب، والذي انعكس من خلال عدد من العمليات التخريبية، على ضوء ذلك تزايدت الحاجة إلى ضرورة التحالف المشترك بين إسرائيل، والأقليات المسيحية فى الشرق الأوسط من جانب ، والدول الغربية التى تحولت أراضيها إلى ساحة معركة للجماعات الإســـلامية المتطرفة من جهة أخرى، بناء على ذلك يتعين وثيقة السبل التى تهدف إلى تشجيع التعاون الإسرائيلي –الأمريكي ليس فقط ضد الإسلام ، بل أيضا لصالح " الأقليات القادرة" فى الشرق الأوسط. ويضيف الخبير الإسرائيلي فى وثيقته قائلاً: "يمكننا اعتبار إيران نموذجاً لذلك، والتى تعتبر محور استراتيجي فى الصراع الإسلامي ضد الصهيونية واليهود فى العالم بالدعم القوي الذي تمنحه لحزب الله وحماس. لذا يمكن لإسرائيل أن تكون رأس الحربة الرئيسية فى محاربة التهديد الإسلامي أينما كان" .

وخلص الكاتب فى ختام وثيقته إلى أن عملية السلام والتفاوض السياسي بين العرب وإسرائيل هدفها العلني هو إحلال السلام فى المنطقة، لكن إصرار إسرائيل على مواقفها وتمسكها بمصالحها الحيوية سيمثل تحد قوى للعرب والمسلمين، الذين لا يقبلون سوى خضوع اليهود والمسيحيين لأوامرهم، وهو ما يؤكد على إن المواجهة بين إسرائيل والعرب قادمة لا محالة ، وأنه يجب على إسرائيل أن تكون على استعداد لحين وصول تلك اللحظة، التى لا يمكن توقع وصولها.

إن الاستعداد لتلك اللحظة يتطلب منا استعداد استراتيجي للتعاون مع الأقليات بهدف استخلاص أقصى حد من الفائدة من هؤلاء الأصدقاء المحتملين الجدد والذين يرون فى إسرائيل شريك لهم؛ وأنه كلما تزايد الابتعاد بين العرب وإسرائيل، كلما زاد التقارب بينها وبين والأقليات فى الدول العربية.

على ضوء التغييرات بعيدة المدى التى ستشهدها المنطقة، من الممكن أن تشمل الخريطة الجديدة لمنطقة الشرق الأوسط الدويلات والكيانات السياسية التالية، بعضها كيانات قديمة، وأخرى جديدة فى الظهور لأول مرة :

• الكيان الماروني المحصن فى لبنان.
• الكيان الدرزي القوي فى جنوب سوريا.
• الكيان القبطي فى جنوب مصر أو فى الجزء الغربي من صحراء سيناء.
• كيان آشوري فى شمال غرب العراق.
• كيان أفريقي مسيحي فى جنوب السودان.
• كيان كردي فى تركيا، والعراق وإيران.
• كيان بربري فى شرق الجزائر.
• وربما أيضا كيان علوي فى شمال غرب سوريا، وكذلك كيان أرميني فى شمال شرق تركيا.

وأنهى موردخاي نيسان وثيقته بتأكيده على أن هذه هي اللبنات الحقيقية للشرق الأوسط الجديد، التى ليست خيالاً، وليس كما صوره شميعون بيريز فى منتصف التسعينات، ولعل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد عبّر عن ملامح هذه الخريطة الجديدة فى حديث مع صحيفة وول ستريت جورنال بتاريخ 5/4/1983 عندما قال " اليهود فى إسرائيل هم الشعب غير العربي الوحيد الذي تغلب بنجاح على الهيمنة العربية، وأعلنوا استقلاهم" بعد ذلك ذكر نتنياهو فى حديثه كل من البربر والأكراد والأقباط الذين يعيشون فى الشرق الأوسط تحت القوة السياسية للعرب والمسلمين، وربما ذلك يكون تلميح من نتنياهو لرغبته فى التعاون مع تلك الأقليات وهو ما سيسعى لتحقيقه خلال عمله كرئيساً للوزراء فى إسرائيل.

والسؤال المطروح حالياً على ضوء ما جاء فى تلك الوثيقة الخطيرة هل بعد تقسيم السودان بين شمال وجنوب، والثورات العربية فى كافة أرجاء الوطن العربي بدأت إسرائيل فعلاً فى تنفيذ مخططاتها بشأن تقسيمه على غرار سايكس-بيكو، وأن نتائجها الأولية قد بدأت تظهر مؤشراتها بالفعل ؟!

صور الوثيقة باللغة العبرية


ليست هناك تعليقات: