الجمعة، 10 فبراير 2012

الإضراب وأثره في الفقه الإسلامي وهل هو حلال ام حرام ؟



شروط الإضراب: -

  - سلب العامل أحد حقوقه .

2- عدم جدوى مطالبة العامل بحقه شفهيا أو بالطرق الاعتيادية.

3 - عدم تدخل الدولة لإقامة العدل وتسوية الخلاف.

4- عدم جدوى الضغط الشعبي على الدولة و عدم رضوخها عند التهديد بالإضراب.

5- عدم تسبب هذا الإضراب عن العمل بإيذاء أحد من المسلمين بسبب التوقف عن العمل أكبر من إيذاء العمال الواقع عليهم الظلم وذلك تبعا لما قرره الفقهاء في قاعدة (يتحمل الضرر الخاص لدفع ضرر عام).

6 -  وجود فجوة فعلية ما بين الأجر المعطى للعامل ومتطلبات الحياة أي عدم توافر حد الكفاية للعامل.


 حكم الإضراب العام أو الفئوي: -

يقول بن تيمية في كتابه السياسة الشرعية (فأما إذا كان ولى الأمر يستخرج من العمال ما يريد أن يختص به هو وذويه فلا ينبغي إعانة واحد منهما إذ كل منهما ظالم كلص سرق من لص ولا يحل للرجل أن يكون عونا على الظلم) ويقول في موضع أخر (ويكنز الولاة من مال الله ما لا يحل كنزه والأصل في ذلك أن كل من عليه مال يجب أداؤه كرجل عنده وديعة أو مضاربة أو شركة أو مال يتيم وهو قادر على أدائه إذا امتنع عن أداء الحق الواجب من عين أو دين وعرف أنه قادر على أدائه فإنه يستحق العقوبة حتى يظهر المال أو بدله مكانه وكذلك لو امتنع عن أداء النفقة الواجبة عليه مع القدرة عليها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (لي الواجد يحل عرضه وعقوبته)وقوله أيضا (مطل الغنى ظلم ومن أتبع على ملئ فليتبع).

ما يؤخذ من كلام بن تيمية:

امتناع الموسر عن دفع ما عليه من التزامات مادية ومماطلته في الدفع يحل عرضه وعقوبته وهذا ظلم من جهة الشرع فما بالنا إذا كان المماطل هو رب العمل فيجب على الدولة التدخل لفض النزاع ومعاقبة رب العمل لأنه ماطل في الدفع أما إذا كانت الدولة هي نفسها رب العمل فيسقط حقها في مطالبة العامل بالاستمرار في العمل.


 الإضراب وإنكار المنكر:

الإضراب صورة من إنكار المنكر مع مراعاة شروط الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فهو أبسط صور الإنكار دون استخدام اليد أو القوة وقد أمرنا الله بذلك في كتابه: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر... ).

وما رواه حذيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (والذي نفسي بيده لتآمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله - عز وجل - أن يبعث عليكم عذابا من عنده ثم تدعونه فلا يستجاب لكم).

وعن جرير - رضي الله عنه - مرفوعا أنه قال: (ما من قوم يكون بين أظهرهم من يعمل بالمعاصي هم أعز منه وأمنع لم يغيروا عليه إلا أصابهم الله - عز وجل - بعذاب) وما ورد عن أبى بكر الصديق قال: -يا أيها الناس تقرءون هذه الآية: (يا أيها الذين امنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم)وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول: (إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله - تعالى - بعذاب منه).


 الإضراب والخروج على الحاكم:

عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله قال إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان) فإذا كان هدف الإضراب إسقاط نظام الحكم فلا بد من توافر عدة شروط: -

1 -أن يكون ذلك بسبب تيقن وجود الكفر لا الفسق ونحوه.

2 - كونه كفرا بواحا أي معلنا صريحا لا تأويل فيه.

3- كونه مبنيا على دليل قاطع من الأدلة الشرعية المعروفة.

4 - قدرة المضربين على إسقاط نظام الدولة بالفعل حتى لا يترتب ضرر أكبر من الضرر المترتب على السكوت عن الكفر البواح.


 الإضراب لتحقيق مصالح للعامل أو تحسين الأوضاع:

الإضراب عن العمل إخلال بالواجب ويتنافى مع الوفاء بالعقد المأمور به في الآية (يا أيها الذين امنوا أوفوا بالعقود) فلا بد من قيام العامل بجميع الأعمال الموكلة إليه على الوجه الذي يرضى الله - تعالى -وعلى رب العمل كذلك أن يلتزم بدفع الرواتب المتفق عليها.

فإذا أخل رب العمل بدفع الرواتب جاز للعامل هنا الانقطاع عن العمل حتى يدفع له أجره لقوله - عليه الصلاة والسلام -: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه).

وإذا أراد العمال زيادة رواتبهم فلا حرج في المطالبة أولا بالزيادة ولكن لا يحق لهم الانقطاع عن العمل إلا عند رفض رب العمل الزيادة ولهم حينئذ الانتقال إلى عمل آخر إذا كانوا عمالا في القطاع الخاص أما عمال الحكومة فلهم حينئذ الإضراب لتحسين الأوضاع ولكن بعد سلوك الطرق السلمية أولا.

الإضراب وسيلة من الوسائل المشروعة:

مما سبق نستطيع القول أن الإضراب وسيلة من الوسائل يعتبر فيها أمران:

  - مدى مشروعية الوسيلة.

2- مدى مشروعية الغاية منها.

فإذا كانت الوسيلة مباحة والغاية واجبة فإن الوسيلة تصبح واجبة فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. أما إذا كانت الوسيلة محرمة أو كانت مشروعة وتتخذ لغاية غير مشروعة فلا خلاف في عدم جواز ذلك كمن يسرق ليبنى مسجدا. فلا يجوز الإضراب لأخذ ما ليس حقا للعامل أو لمنع الغير من الحصول على حقه وكذلك إذا كان يترتب عليه مفسدة عظيمة كتعطيل المستشفيات والصيدليات التي لا غنى للناس عنها لأن القاعدة الشرعية تقول(درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)

ويقول الشاطبي (إن أحكام الشريعة ما شرعت إلا لمصالح الناس وحيثما وجدت المصلحة فثم شرع الله)0 ويقول بن القيم (إن الله - سبحانه وتعالى - أرسل رسله وأنزل كتبه ليقوم الناس بالقسط وهو العدل الذي قامت به الأرض والسموات فإذا ظهرت أمارات العدل وأسفر وجهه فثم وجه الله ودينه) ويقول العز بن عبد السلام (إن الشريعة كلها مصالح إما درء مفاسد أو جلب مصالح)

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية (إن الشريعة الإسلامية جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها)) وهناك العديد من الوسائل التي يمكن اللجوء إليها لتحقيق المطالب وقد تكون أكثر فاعلية وجدوى من الإضراب أما الانقطاع عن العمل بسبب عدم دفع الأجور والرواتب فهذا جائز لأن رب العمل أخل بالعقد فللعامل أن ينقطع عن العمل حتى يدفع له أجره.


 أهم المراجع:

1: -القران العظيم.

2: - المصباح المنير.

3: - المعجم الوسيط.

4: - البحر الرائق لابن نجيم.

5: عبد الكريم زيدان (حقوق الأفراد في دار الإسلام).

6: - تفسير القرآن العظيم.

7: -سنن بن ماجه.

8: - صحيح البخاري.

9: - صحيح مسلم.

10- الأوسط للطبراني.

11- مسند الإمام أحمد.

12- سنن الدارمي.

13- السلسة الصحيحة للألباني.

14- سبل السلام للصنعانى.

15- معجم لغة الفقهاء.

16- الأشباه والنظائر للسيوطى.

17- الأشباه والنظائر لابن نجيم.

18- الموافقات للشاطبى.


ليست هناك تعليقات: