تقدم أحمد بان عضو المؤتمر العام لحزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين, ومسئول شعبة الجماعة بطحا نوب بالقليوبية, باستقالته بشكل نهائي من الإخوان. وقال بان للبديل أنه تقدم بالاستقالة في 29/10/2011 وانتظر حتى الآن لكنه وجد أن المسار لازال كارثيا وهو ما دفعه لتقديمها الآن وبشكل نهائي وغفر الله للجميع وأكد أنه ليس لديه تفاصيل جديدة غير ما وردت في نص الاستقالة .
وقال أحمد بان في استقالته انه اكتشف إن الجماعة لا تعرف معنى المؤسسية أو الشورى ولم تمثل يومًا من الأيام على الأقل خلال 30 عامًا تناقضًا مع النظام الحاكم أو منظومة الهيمنة الغربية، بل كانت نعم العون لكليهما ووفرت لهما فرص الحياة ومدت في عمر هذا النظام الذي ثرنا عليه في يناير عشر سنوات على الأقل.
وأشار بان إلى أنه يغادر الجماعة وهي على شفا التمكين قائلا “يعلم ربي أنني لا أغادر الجماعة رغبة أو رهبة ، بل أغادرها وهي على شفا التمكين وملء السمع والبصر، وقد أصبحت مغنما يسعى له المخلصون وأصحاب المصالح معا، وزال عنها سيف الأمن وقد تزوجت النظام الجديد ولم يكن من المروءة أن أغادرها وهي مضيق عليها مطارد أعضاؤها .
وقال بان أنه يغادر الجماعة لينتقل من سقفها المنخفض دعويا وتربويا وسياسيا إلى فضاء الوطن الواسع بمؤسساته التي أريد أن أشارك في بنائها بوعي وانفتاح. مضيفا ” أغادرها لأني أحب الإخوان ولكن حبي لمصر وللإسلام أعظم”.
والى نص الاستقالة التي وصلت البديل نسخة منها :
نص الاستقالة
بسم الله الرحمن الرحيم
(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)
منذ عشرين عامًا طالعت أحوال وطني وواقع الدين فيه، فاخترت عن وعي الانضمام لحركة الإخوان المسلمين، اعتقادًا مني أن في ذلك حسبة لديني ولوطني، وظنًّا مني بأن الجماعة تستطيع أن تكون رافعة حقيقية لعمل وطني جاد.
شدتني تلك الروح من المحبة الصوفية بين الإخوان، والطهارة في اليد واللسان، والرغبة في خدمة الدين والأوطان، وأشهد أن الجماعة مستودع ضخم لخبرات مدهشة من كل نوع عشت مع تلك الجماعة وشاركت في مشاهد عدة بعضها مصنوع في معامل النظام السابق، وبعضها كان حلقة من حلقات النضال الوطني الحقيقي من أجل الدين والوطن لم أشعر إلا متأخرًا بأن الحركة التي وهبت لها عقدين من حياتي كانت تمضي في المسار الخطأ طوال الوقت، وأن تلك الجماعة لا تعرف معنى المؤسسية أو الشورى ولم تكن يومًا من الأيام منذ ثلاثين عامًا على الأقل تمثل تناقضًا مع النظام الحاكم أو منظومة الهيمنة الغربية، بل كانت نعم العون لكليهما ووفرت لهما فرص الحياة ومدت في عمر هذا النظام الذي ثرنا عليه في يناير عشر سنوات على الأقل.
إن انخراطي في الجماعة كل هذه السنوات سطر في عقلي بعض الثوابت المزعومة التي لا سند لها من عقل أو شرع ولكنه التنظيم الذي يشرع والناس تسمع وتطيع وبقدر التفاني في الالتزام بالأوامر في المنشط والمكره بقدر الترقي في هذا التنظيم .
حركة الإخوان كان لها مهام أساسية ثلاث: الدعوة والتربية والسياسة وكل وظيفة من هذه الوظائف استغرقت جهد جيش من ألوف المخلصين قدموا الجهد والوقت والمال في خطط إشغال طويلة استهلكت أعمارهم دون أي انجاز حقيقي.
إن تجربتي مع تلك الجماعة والتي دفعتني في بعض فصولها إلى رهن عقلي لدى التنظيم ومغالطة نفسي في معان أساسية لا أبقى معها إنسانا عاقلا حرا.
الولاء لله و للوطن
فأين يقع الولاء لجماعة أو تنظيم من ذلك، وإن تعارضت الولاءات فماذا أقدم؟! بالطبع ديني ووطني، ولكن يأبى التنظيم.
الجماعة تنظيم مدني فكيف تحول إلى تنظيم عسكري، يقدم الناس ويؤخرها بقدر السمع والطاعة للتنظيم في المكره والمنشط.
فكرة التنظيم الهرمي التي اعتمدتها الجماعة والتي تجعلها في الأخير جسما ضخما قوامه الآلاف يدير عجلته عددا لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.
إهدار قيمة المراجعة في الأفكار والسياسات والرؤى تعني أن الجماعة إما مجموعة من الملائكة لا يخطئون أو مجموعة من الأموات لا يملكون أن يخطئون أو يصيبون.
إهدار الرقابة على التنظيم بخنق مؤسسات الشورى وجعلها تحت هيمنة التنظيم، وحين تغيب الرقابة على كيان بهذا الحجم به مؤسسات وأموال تستطيع أن تتوقع حجم الفساد المالي والإداري، فالبشر عموما والإخوان منهم في ظل غياب الرقابة قد يفسد بعضهم.
إهدار قيمة الحوار داخل الجماعة والضيق بالنقد والمعارضة بما يعكس عدم الإيمان بقيمة الديمقراطية أو حتى الشورى التي يحتفظون بتعريف خاص لها لا يعرفه غيرهم.
توسيد الأمر لغير أهله ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إذا وسد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة.”
وعندما يوسد الأمر لغير أهله يخرج أهله من الجماعة، وتصبح الجماعة وسطا طاردا للكفاءات من كل لون، وأصبحنا نردد:
يسع الفرد ما لا يسع الجماعة فإذا خرج كل فرد فماذا ستسع الجماعة.
يعلم ربي أنني لا أغادر الجماعة رغبة أو رهبة ، بل أغادرها وهي على شفا التمكين وملء السمع والبصر، وقد أصبحت مغنما يسعى له المخلصون وأصحاب المصالح معا، وزال عنها سيف الأمن وقد تزوجت النظام الجديد ولم يكن من المروءة أن أغادرها وهي مضيق عليها مطارد أعضاؤها .
أغادرها لأنتقل من سقفها المنخفض دعويا وتربويا وسياسيا إلى فضاء الوطن الواسع بمؤسساته التي أريد أن أشارك في بنائها بوعي وانفتاح.
أغادرها لأني أحب الإخوان ولكن حبي لمصر وللإسلام أعظم.
أغادرها لأعمل على مشروع استقلال وطني حقيقي لم تعد الجماعة راغبة فيه ولا مستعدة لدفع كلفته وهي التي ارتضت أن تعمل تحت سقف النظام العالمي الجديد كما ارتضت دوما أن تلعب تحت سقف النظام السابق.
أغادر الجماعة لأنني أرى أنها غير جادة في تحقيق استقلال وطني حقيقي أو الانحياز إلى مشروع مقاومة حقيقي للهيمنة الغربية، وقد سيطر على إدارتها من يفكر بعقلية مدير الشركة تماما كما أدار النظام السابق مصر بمنطق الشركة لا بمنطق الدولة، فقد تماهت الجماعة مع النظام السابق وأصيبت ببعض أمراضه للأسف ولم تعد إطارا صالحا لما صنعت من أجله.
كيف أتعايش مع جريمة الجماعة في حق الوطن عندما حضرت للثورة متأخرا وانصرفت مبكرا وغلّبت منطق الصفقات التي أدمنها التنظيم الذي لا يقل براجماتية عن أي حزب من الأحزاب التي نعرفها.
كيف أصمت أكثر على جريمة الجماعة في تفكيك الزخم الثوري وشق الصف الوطني الذي نجحنا جميعا في بنائه لأول مرة بدءا من 25 يناير وحتى تنحي مبارك في فبراير الحزين عندما شارك الإخوان في خداعنا وحثنا على الانصراف من الميدان، ليبدأ مخطط القضاء على الثورة التي لم يكن الإخوان يوما من أنصارها كمنهج للتغيير، وتم دفعنا جميعا للانتقال من مربع الثورة إلى مربع السياسة التي يمتلئ قاموسها بالصفقات والمناورات والمؤامرات.
وجرت تحت الجسر مياه لنعود فنبكي سبق تونس علينا في كل المراحل.
كانت الجماعة تستطيع أن تمضي في مسار آخر مع شركاء الوطن من أجل تغيير حقيقي ولكن من قال إن التنظيم يريد أصلا تغييرا حقيقيا!
أرادها الشعب ثورة للتحرير وأرادوها هم ثورة للتحريك.
وأخيرا قد لا تكون تلك الاستقالة لها ذات الوزن الذي أحدثه خروج رموز عظيمة كـ أبو الفتوح وحبيب والزعفراني، ولكنها صيحة مكلوم قضى نصف عمره في جماعة كان يظنها سفينة ستمضي بالوطن إلى مرفأ الأمان فاكتشف أنها ليست كذلك ، ولازال في فمي ماء يمنعني الكلام.
والله من وراء القصد وهو نعم المولى ونعم النصير.
ولك الله يا مصر يا أعظم الأوطان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق