الاثنين، 30 يوليو 2012

انفراد تاريخي المذكرات السرية لرئيس جهاز مخابرات الإخوان

نقدم في السطور القادمة الحلقة الأولي من مذكرات مؤسس جهاز مخابرات الإخوان الدكتور محمود عساف.
بسم الله الرحمن الرحيم «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا».. صدق الله العظيم.

في جلسة هادئة في منزل ابنتي في مدينة برلين يوم 16/8/1992 بدأت تنظيم أفكاري حول هذا الكتاب وتسطيرها.. فقد طلب إلي كثير من الإخوان في مصر والبلاد العربية منذ سنوات أن أكتب ذكرياتي مع الإمام الشهيد حسن البنا، لما يعلموه من عمق الصلة بينه وبيني، وملازمتي له في فترة تعد من أخطر الفترات التي مرت بها الدعوة الإسلامية متمثلة في الإخوان المسلمين، فكراً وسلوكاً وعملاً، حيث كنت أعمل أميناً للمعلومات عنده، متطوعاً بغير أجر كما هو شأن الإخوان جميعاً.. إلا القليل ممن تفرغوا للعمل معه وكان لابد من حصولهم علي أجر.

أردت بهذه الذكريات أن أبين لجيل اليوم من الشباب الفائر الثائر، الذي لم يجد ما يملأ به فراغه الروحي والنفسي، فاستجاب -عن جهل وحُسن نية- إلي دعاوي باطلة وتأويلات خاطئة وأفكار هدامة، ملأ أذهانهم بها متعصبون ومتطرفون ليسوا من الإسلام الذي تعلمناه علي يد حسن البنا في شيء، ذلك الإسلام الحق الذي نادي به رسول الله صلي الله عليه وسلم.

أردت أن أقدم كذلك لهذا الجيل: حسن البنا الذي ظلمه التاريخ الحديث، فأهمل ذكره تحت ضغوط العلمانيين وأصحاب الأفكار الهدامة ممن لايزالون يسيطر بعضهم علي وسائل الإعلام في العالم العربي والإسلامي.

أقدم شخصيته وأفكاره من خلال أحداث قصيرة متفرقة، يتلمسها القارئ دون أن أنبهه إليها.

لم يكن حسن البنا مجرد داعية إسلامي يدعو إلي السلفية فحسب، بل كان مؤسس أمة متآلفة متآخية، مقتفيا خطي رسول الله صلي الله عليه وسلم عندما أسس أمة المسلمين في المدينة علي أنقاض جاهلية عقيمة ممقوتة.

فإلي هؤلاء الذين تلقوا تعاليم الإسلام بطريقة خاطئة ومغرضة، واقتفوا أثر ما أشيع عن النظام الخاص للإخوان المسلمين من إرهاب نسب إلي النظام زوراً..

إلي أولئك الذين نسوا قول الله تعالي: «ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن.....».

إلي الذين يهاجمون دعوة الإخوان عن جهل أو سوء قصد.. وإلي الذين يهاجمون السلفية وهم لا يعرفون معناها.. والذين يريدون أن يحرموا الدعاة إلي الإسلام من العمل بالسياسة، في حين أن السياسة بمعني شئون الوطن، لابد أن تكون في أولي اهتمامات كل مواطن.

إلي الذين اخترعوا عبارة «الإسلام السياسي» ليتهموا الإسلاميين باستغلال الدين لصالح السياسة، وهم لا يعلمون أن الإسلام دين ودولة وعبادة وحياة.

إلي الذين يعيبون علي الإخوان مطالبتهم بتطبيق شريعة الله التي أنزل في كتبه السماوية وكانت أساساً قامت عليه الدولة الإسلامية في أزهي عصورها.

إلي الذين يعتقدون أن تطبيق الشريعة يسلب غير المسلمين شيئاً من حقوقهم التي كفلها لهم الإسلام.

إلي الذين يعتبرون الأصولية علي سبة جبين الإسلاميين، وتناسوا أن معني الأصولية في الإسلام هي العودة للقرآن والسنة، وتأثروا بالفكر الغربي الذي يعتبر الأصولية تطرفاً مستمدين ذلك من سلوك راسبوتين ومحاكم التفتيش.

وإلي أولئك الذين يتظاهرون بالعمل علي نشر دعوة الإسلام وهم لا يفقهون أصولها وفلسفتها.. وإلي المؤرخين والأدباء الذين أهملوا حسن البنا وأثره في تاريخ الإسلام الحديث وتناسوا ذكره.

لكل هؤلاء وأولئك أقدم كتابي هذا لعلنا نفهم مبادئ حسن البنا مجسدة في فكره وشخصيته.

ولقد بدأت كتابي هذا مسجلاً بعض أحداث الفترة التي عايشت فيها الإمام الشهيد سواء قبل حل الجماعة علي يد الحزب السعدي، أو أثناء اعتقالات عام 1948/1949، وأوضحت ماللنظام الخاص للإخوان المسلمين وما عليه، مبيناً الفلسفة التي قام عليها والهدف من إنشائه، من خلال قصص قصيرة وأحداث مازال النظام يهاجم من خلالها، ثم بينت ما خفي علي الجيل الحالي من أمور تتعلق بصحافة الإخوان، ثم أوضحت بعض ما لا يعرفه جيل اليوم من فكر الإمام الشهيد، وأتبعت ذلك ببعض الذكريات عما حدث معي بعد الإمام الشهيد، والتي كنت أتمثل خلقه وسلوكه وأطبق تعليماته أثناءها، وأنهيت الكتاب بذكريات ما قبل معرفتي بالإخوان، وما كان ينتابني وينتاب غيري من الشباب من ملل مبعثه الفراغ الديني والنفسي.

اسأل الله أن يثيبنا علي قدر نياتنا، وأن ينفعنا وينفع بنا أمة الإسلام وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

المؤلف

مارس 1993

الباب الأول

كنت معه

قال اللواء كمال عبدالرازق وهو علي فراش الموت بمستشفي العجوزة لصديق له جالس إلي جوار فراشه، وذلك عندما رآني أدخل عليه زائراً:

«ما من مرة ذهبنا ونحن طلاب بكلية البوليس للالتقاء بالإمام الشهيد إلا ووجدنا محمود عساف معه».

وقال الأستاذ سيف الإسلام البنا يقدمني إلي رئيس الجماعة الإسلامية «وهي حزب كبير في باكستان» الدكتور محمود عساف كان الوالد يحبه كثيراً».

سكرتير السفارة الأمريكية

فيليب أيرلاند، السكرتير الأول للسفارة الأمريكية أرسل مبعوثاً من قبله للأستاذ الإمام كي يحدد له موعداً لمقابلته بدار الإخوان، وافق الأستاذ علي المقابلة ولكنه فضل أن تكون في بيت أيرلاند حيث إن المركز العام مراقب من القلم السياسي، وسوف يؤولون تلك المقابلة ويفسرونها تفسيراً مغلوطاً ليس في صالح الإخوان.

اصطحبني الأستاذ معه كما اصطحب الأخ محمد الحلوجي الذي كان مترجما فوريا ممتازاً وذهبنا إلي دار أيرلاند في شقة عليا بعمارة بالزمالك.

وبعد التحيات دخل أيرلاند في الموضوع فقال بلغة عربية سليمة جعلت الأخ الحلوجي يجلس مستمعا فقط: إن موقفكم من الشيوعية معروف لنا ولقد عبرتم كثيراً عن أن الشيوعية الحاد يجب محاربته وأطلعت علي مقال في جريدتكم اليومية يهاجم الشيوعية باعتبارها مذهبا هداما يحرض علي الثورة المسلحة وتلك هي سبيل الشيوعيين في كل مكان، وطريقهم معروف وهو نشر الإباحية التي تستهوي كثيراً من الشباب، ولقد قلتم في تصريحاتكم العلنية إن الحل لتلافي أخطار الفكر الشيوعي المنحرف هو الإصلاح الاقتصادي وتحديد الملكية الزراعية وزيادة الإنتاج القومي والعودة إلي تعاليم الإسلام، وأن الأساليب البوليسية لن تجدي في محاربة الشيوعية، بل ستزيد الشيوعيين اصراراً وتجعل الناس يتعاطفون معهم باعتبارهم معتدي عليهم.

قال الإمام: إن الشيوعية التي بدأت تنتشر في بلادنا العربية تعتبر خطراً كبيراً علي شعوب المنطقة شأنها في ذلك شأن الصهيونية بل هي أخطر في المدي القريب ولدينا معلومات كثيرة عن التنظيمات الشيوعية في مصر.

قال أيرلاند: لقد طلبت مقابلتكم حيث خطرت لي فكرة وهي لماذا لا يتم التعاون بيننا وبينكم في محاربة هذا العدو المشترك وهو الشيوعية؟

أنتم برجالكم ومعلوماتكم ونحن بمعلوماتنا وأموالنا.

قال الإمام: فكرة التعاون فكرة جيدة غير أن الأموال لا محل لها لأننا ندافع عن عقيدتنا ولا نتقاضي أجرا عن ذلك، غير أن هناك نقطة مهمة، وهي أنه إذا كانت مصلحتنا مشتركة في محاربة الشيوعية فإن أهدافنا مختلفة أنتم تحاربونها لأسباب مذهبية وسياسية، ونحن نحاربها لما فيها من إلحاد، ولكن لا مانع لدينا من مساعدتكم بأن نمدكم بالمعلومات المتوافرة عنها وحبذا لو فكرتم في إنشاء مكتب لمحاربة الشيوعية فحينئذ نستطيع أن نعيركم بعض رجالنا المتخصصين في هذا الأمر علي أن يكون ذلك بعيداً عنا بصفة رسمية ولكم أن تعاملوا هؤلاء الرجال بما ترونه ملائما دون تدخل من جانبنا غير التصريح لهم بالعمل معكم ولك أن تتصل بمحمود عساف فهو المختص بهذا الأمر إذا وافقتم علي هذه الفكرة، ويجرني هذا الموضوع إلي موضوع آخر، وهو أنكم تؤيدون الصهيونية وهذا أمر يوجد جفوة بيننا وبينكم وأنكم تظنون أن منحكم المال لبعض الأحزاب المصرية سيعينكم علي تحقيق مآربكم لهذا سأكون صريحا معك نحن لاتهمنا أموالكم ولا نتقاضي أجرا من أحد عندما نعمل لصالح دعوتنا.

وانفض الاجتماع ولم يتصل بي أيرلاند أو غيره بعد ذلك من طرف السفارة الأمريكية.

ملحوظة: وردت هذه الواقعة في كتاب الأستاذ محسن محمد «من قتل حسن البنا» نقلا عن الخطابات المتبادلة بين السفارة والخارجية الأمريكية والتي أفرج عنها بعد مرور المدة المقررة ولكن بطريقة مغلوطة باعتبار أن الإمام البنا هو الذي سعي إلي تلك المقابلة وهذا غير صحيح.

جواسيس الملك

كان للملك أكثر من مكتب للمخابرات الخاصة به، علاوة علي الأجهزة الرسمية التي كانت تمده بالمعلومات كالمخابرات العامة والمخابرات العسكرية والقلم السياسي ومباحث وزارة الداخلية.

وكان من دأبه أن يجمع البيانات من كل مصدر ليقارنها ببيانات المصدر الآخر، ويتولي هذه المقارنة سمير بك ذو الفقار من عائلة ذو الفقار أخوال الملكة نازلي إلي جانب الجهاز الذي كان يشرف عليه شخصيا.

كان سمير بك ذو الفقار رئيسا لمجلس إدارة محلات ريفولي للهدايا ويعمل معه في مجلس الإدارة مجموعة من الألمان، وتعرفت به في زيارة لي لمحلات ريفولي وعرفته بشركة الإعلانات العربية التي أديرها وطلبت منه أن يزورها ولم تمض أيام حتي حضر إلي زيارتي وأبدي إعجابه الشديد بها وبجهود الشباب من الإخوان الذين اقتحموا ميدان الإعلان الذي كان قاصراً علي الأجانب واليهود ونشأت بيني وبينه صداقة حيث كان رجلا وطنيا متحمسا.

وعندما قررت حكومة النقراشي حل الإخوان المسلمين استجابة لتعليمات الملك والإنجليز، كان الإمام حسن البنا حريصاً علي مقابلة الملك فاروق بأي وسيلة ولو في السر، وقال لي إنه إذا تيسر له مقابلة الملك فإنه قادر بعون الله تعالي علي قلب الميزان المعوج وجعله في صالح دعوة الإخوان.

عرضت عليه أن يتقابل مع سمير بك ذو الفقار، لأنه القادر في ذلك الوقت علي تدبير اللقاء الخاص، ورتبت موعدا في مكتبي بشركة الإعلانات العربية وحضر الأستاذ الإمام في الموعد كما حضر سمير بك ذوالفقار كذلك عرفتهما ببعضهما، ثم تركتهما يتحدثان بحرية وخرجت من الغرفة بعد أن انتهي اجتماعهما عدت إليهما، فوجدت عيني سمير بك مغرورقة بالدموع وانصرف واعدا الأستاذ بأنه سيعمل كل ما في وسعه لكي تتم المقابلة المنشودة.

ولكن للأسف كانت الأحداث أسرع مما هو متوقع وصدر قرار حل الإخوان بعد يومين من هذا اللقاء.

المكتب الآخر الذي كان يعمل في خدمة مخابرات الملك، كانت تديره السيدة سنية قراعة التي ذهبت بشجاعة إلي دار الإخوان المسلمين وطلبت مقابلة الإمام فأذن لها ثم اتصل بي هاتفيا وطلب مني الحضور إليه علي وجه السرعة وجدت السيدة سنية قد ارتدت ثوبا أبيض فضفاضا ووضعت علي رأسها مايشبه العمامة السماوية اللون وحجابا من ذات اللون.

قدمها الإمام لي وقال السيدة سنية مكلفة من السراي بجمع معلومات عن الإخوان وقد حضرت إلينا متفضلة لتتلقي المعلومات الحقيقية من مصدرها الأصلي ولهذا أريدك أن تكون علي صلة بها لتمدها بما تحتاج إليه من معلومات وسأقول لك ما تقوله لها فيما بعد.

كان غرض الإمام ألا تحضر السيدة سنية إلي دار الإخوان مرة أخري حيث إن باب الدار تحت الرقابة المستمرة ويمكن أن تؤول زيارتها للإمام تأويلات كثيرة، لهذا طلب مني أن أقابلها في مكتبي بشركة الإعلانات العربية أو بمكتبها في ميدان سليمان باشا.

حضرت السيدة سنية إلي مكتبي بعد ذلك بثلاثة أيام وكنت قد أعددت لها معلومات كافية عن الإخوان ودعوتهم وفكرهم وتشكيلاتهم وما يطالبون به من إصلاحات وأعطيتها تلك البيانات واتفقنا علي أن نلتقي المرة المقبلة في مكتبها.

كانت السيدة سنية تملك مكتبا للمعلومات الصحفية يشغل شقة واسعة في مبني كبير في ميدان سليمان باشا في مواجهة جروبي ذهبت إليه ودخلت من الباب لأجد ردهة كبريرة صفت علي جوانبها المقاعد والآرائك وعلي بعض المقاعد عدد من النساء الجالسات يتسامرن ويتضاحكن وهن عاريات الأذرع والاكتاف والسيقان سألتني واحدة: أي خدمة؟ فقلت لها: آسف لقد أخطأت العنوان.

وانصرفت ولم أعد للقائها بعد ذلك للغرض المتفق عليه والمرة الأخيرة التي رأيتها فيها كانت وأنا أعمل مديرا لشركة النصر للتصدير والاستيراد في عام 1968 حيث جاءت لزيارتي طالبة معاونتها بنشر إعلان عن الشركة في مجلة ألوان جديدة التي تصدرها والتي هددها زوجها اللواء الدكتور شهدي بأن تغلقها بسبب خسارتها اعتذرت لها عن عدم إمكانية النشر في المجلة، ثم سألتها عن أولئك النسوة اللاتي رأيتهن في ردهة مكتبها فقالت إنهن مندوبات أخبار صحفية وأنها لم تكن تدقق في مظهرهن وكان هدفها الأول الحصول بواسطتهن علي ما يلزم المكتب من معلومات صحفية ومعلومات أخري تهم السراي.

أما المكتب الثالث الذي كان يمد الملك بالمعلومات والأخبار فكان يديره الدكتور يوسف رشاد الذي سمعت عنه لأول مرة من تقرير مرفوع للإمام ومحال إلي للاختصاص حيث كان الدكتور يوسف بصحبة زوجته ناهد والملك والأميرة فوزية بعد طلاق الملكة فريدة علي يخت بالبحر الأحمر ونزل الأربعة علي شاطئ جزيرة صغيرة تسمي جزيرة الزمرد، حيث يعيش فيها أحد اليهود ومعه ابنته وعدد من العمال الذين يستخرجون الزمرد ويشحنه اليهودي ليبيعه خارج مصر.

وقد حدثت علي هذا اليخت مساخر كثيرة لا محل لذكرها هنا إلا أنه اتضح من التقرير المرفوع للإمام من أحد البحارة العاملين علي اليخت أن يوسف رشاد علي علاقة وثيقة جداً بالملك وأنه يدير جهازاً للمخابرات الخاصة به.

كان أنور السادات رحمة الله عليه حصيفا حيث كان علي علاقة طيبة قبل الثورة بيوسف رشاد، وكان يتلمس منه ما كان يعرفه الملك عن حركة الضباط الأحرار، كي يتخذ الضباط حذرهم عند اللزوم.

الإخوان والحزب السياسي

من حق كل مصري أن يعمل بالسياسة والسياسة التي أعنيها هي العمل الوطني وعلي ذلك فمن حق كل مصري أن يعمل لما فيه مصلحة الوطن أما السياسة بمعناها الحزبي أي مجموعات تلتقي حول أشخاص ببرامج هلامية غير معروفة المعالم فهذا يعني من وجهة نظري حربا بين فئات الشعب تدور حول مصالح كل فئة بل أحيانا مصالح أفراد في الفئة الواحدة.

لهذا كان للإمام الشهيد رأيه في العمل الحزبي وجه مرة خطابا مفتوحا إلي زعماء مصر علي صفحات جريدة الإخوان فقال: نحن معشر الإخوان المسلمين لن نقحم أنفسنا في مجموعكم «أي لن ننافسكم في العمل الحزبي» إن اجتمعتم وجاهدتهم ناصرناكم وإن آثرتم ممالأة الأعداء سنمضي في سبيل الله والوطن مستشهدين.

وكان الإنجليز ينظرون نحو اهتمام الإخوان بالسياسة، نظرة جادة حيث كانوا يرون في ذلك الوقت أن الإخوان هم القوة التي لا يمكن استمالتها بالترغيب أو التهديد علي خلاف من باقي الأحزاب وقالت جريدة التايمز البريطانية: «إن إحدي المجموعات الرئيسية المعارضة لبريطانيا في مصر الإخوان المسلمين وهم كما يقول مرشدهم العام ليسوا سياسيين بل هم ببساطة وطنيون يعملون لخير مصر.

ويقول الإمام الشهيد تحت عنوان وطنية الحزبية «في رسالة دعوتنا»: إن كانوا يريدون بالوطنية تقسيم الأمة إلي طوائف تتناحر وتتضاغن وتتراشق بالسباب.. فتلك وطنية زائفة لا خير فيها.

ويقول في رسالة «مشكلاتنا الداخلية في ضوء النظام الإسلامي» عن الأحزاب المصرية: «لقد انعقد الإجماع علي أن الأحزاب المصرية هي سيئة هذا الوطن الكبري وهي أساس الفساد الاجتماعي.. وهي ليست أحزابا حقيقية بالمعني الذي تعرف به الأحزاب في بلاد الدنيا.. بل هي سلسلة من الانشقاقات والخلافات الشخصية.

لهذا فقد طالب في ذات الرسالة بحل الأحزاب المصرية المفروضة علي هذا الشعب الطيب.

سألته ذات مرة لماذا لا تكون حزبا سياسيا كباقي الأحزاب وندخل الانتخابات ببرامج مثلهم؟ فقال نحن دعوة ولسنا جمعية ولا هيئة ولا حزبا.. ندعو إلي الله وإلي تعاليم الإسلام وتطبيق شريعته، وقد تتفق الأحزاب الأخري معنا في هذا الاتجاه وقد تختلف فمن اتفق معنا صار صديقا لنا ومن اختلف فعقابه عند الله نحن أكبر من الأحزاب، الأحزاب هدفها الوصول إلي الحكم أما نحن فإننا نبغي حكم الإسلام حتي ولو كان بواسطة غيرنا يمكن للوفدي أن يكون من الإخوان إلي حين أي إلي أن يتبين له فساد النظام الحزبي وكذلك باقي أعضاء الأحزاب هؤلاء الأعضاء- لا أقول الزعماء، لاشك وطنيون ولكن وطنيتهم قاصرة علي مصر يهتمون بالاستقلال وطرد المستعمر وإصلاح الدستور وما إلي ذلك، أما نحن فدعوة وطنية إسلامية لها الصبغة العالمية وإن كان من اهتماماتنا الأولي إصلاح الأحوال في مصر فإنما ذلك لأن مصر هي قلب العالم الإسلامي النابض والكل يقتدي بها.

عجبت لانضمام الإخوان إلي حزب العمل فإن هذا الذوبان في حزب يعكس مسار الدعوة إلي الوراء وعجبت أكثر حينما تقدموا بطلب لتشكيل حزب سياسي وحمدت الله أن رفضته لجنة الأحزاب، بالرغم من أني لا أتفق معها في سبب الرفض وهو أن الحزب ديني النزعة ففي ألمانيا الحزب الديمقراطي المسيحي، وإسرائيل مليئة بالأحزاب الدينية ولكنني فرحت لأن اللجنة حالت دون انحراف الإخوان عن أساس دعوتهم التي هي دعوة الإسلام.

الإخوان والشيوعيون

مساكين هؤلاء الشيوعيون أخذوا الشيوعية عن مفكرين نشأوا في مجتمعات يحكمها رجال الدين المسيحي مثل راسبوتين في روسيا الذي كانت له سيطرة كاملة علي القيصرة كاترين ومثل رجال محاكم التفتيش وكلهم من رجال الدين المسيحي الذين كانوا يحكمون علي كل من هو مسيحي غير كاثوليكي بالكفر ويعذبونه عذابا إليما إلي أن يعتنق الكثلكة، ورجال الدين في فرنسا الذين كانوا يمثلون طبقة تلي طبقة النبلاء في الجاه والنفوذ والحكم.

ولو أن جوزيف ستالين كان يعرف شيئاً عن الإسلام لما قال إن الدين أفيون الشعوب لقد قالها لأن الإنجيل يأمر بالتسامح والغفران فإذا ضربك أحدهم علي خدك الأيمن فأدر له الأيسر منتهي التسامح الذي لا يفهمه ولا يعيه أهل عصرنا هذا لم يعرف جوزيف ستالين أن الإسلام كتب في التوراة أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص «المائدة 45» فذلك حكم الله وعلينا أن نتبعه.

كان لي زميل في وزارة التجارة عام 1944 اسمه عمر أبوالفضل وكان قد سبقني في التخرج في كلية التجارة بسنة وكان العمل الموكل إلينا ضئيلاً حيث نقل اختصاصه إلي وزارة التموين ولم يعطونا بعده عملا آخر فكنا نقضي الوقت في المناقشات هو شيوعي وأنا من الإخوان وكان من المستحيل أن نلتقي علي فكر واحد وكان يتردد عليه بعض قادة الشيوعيين مثل أحمد الخشاب وعبدالمعبود الجبيلي «الذي صار في عهد عبدالناصر وزيراً للبحث العلمي» من زعماء «حدتو» وهي منظمة شيوعية اسمها الحركة الديمقراطية للتحرير الوطني، وما أكثر الحركات الشيوعية التي كانت قائمة في ذلك الوقت فبعضهم كان لينينيا والبعض تروتسكيا، وكانت العداوة شديدة بين الطرفين وأشد ما كان يميزهم جميعا في ذلك الوقت ويتفقون عليه هو أن محاربة اليهود في فلسطين أمر غير جائز وأن التقسيم ينبغي أن يكون ولا عجب في هذا فقد كان رأس الحركة كلها هنري كوربيل المليونير اليهودي.

كان عمر أبوالفضل يقول: لنا برنامج إصلاحي اقتصادي فهل لكم برنامج؟ سألت الإمام الشهيد عن ذلك حيث كان الأمر يؤرقني كثيراً فقال: إن برنامجنا الاقتصادي هو ما يقضي به الإسلام وهو العدل والعدل يمكن أن يتحقق في الشيوعية وفي الرأسمالية علي السواء لذلك فإن المذاهب السياسية لاتعنينا ويمكن أن يطبق الإسلام في ظل نظام اشتراكي يقوم علي العدل كما يمكن أن يطبق في نظام رأسمالي يتوخي العدل ونحن لا نسبق الظروف وحينما يحين الوقت الملائم الذي لابد أن نقدم فيه برنامجنا فسنعمل.

هناك مثلاً: الملكية الزراعية التي ينبغي تحديدها وهناك الفرص التي يجب أن تمنح للناس للعلم والتملك والعمل بحيث تكون متكافئة وهناك الألقاب التي ينبغي أن تلغي فالناس سواسية كأسنان المشط.

ملحوظة: يقول خالد محيي الدين في مذكراته التي نشرت منذ أيام انه انضم للإخوان مع عبدالناصر ثم لم يجد عندهم برنامجا فانضم إلي الشيوعيين لذلك السبب.

اشتد موقف الشيوعيين ضدنا وهاجمونا في نشراتهم الأمر الذي دفعنا في عام 1946 إلي أن نزرع عندهم أحد المتعاطفين مع الإخوان«هو الآن أستاذ جامعي» وكان يتقاضي مني خمسة جنيهات شهريا نظير أن يمدنا بأخبار الشيوعيين ما كان يصلح منها للنشر في مجلة الكشكول الجديد- التي كنت صاحبها- نشرناه ومثال ذلك المساخر التي كان تحدث في فيلا لهم بشارع قصر العيني ويجتمع فيها الأولاد والبنات يسكرون ويعرون أما الأخبار الأخري فكنا نعرض مايهم الدعوة منها علي الإمام الشهيد، والباقي كنا نخطر به مدير الأمن العام فوكيل الداخلية المرحوم أحمد مرتضي المراغي، الذي حاول أن يعرف مني مصدري في هذه الأخبار ولكن هيهات.

مع رجال السياسة

من أهم رجال السياسة الذين اجتمع بهم الإمام الشهيد قبيل حل الإخوان حافظ رمضان باشا وإسماعيل صدقي باشا.

مع حافظ رمضان

كان حافظ رمضان رئيساً للحزب الوطني خلفا لمحمد فريد وكان صديقا شخصياً للإمام شأنه في ذلك شأن صالح حرب «باشا» رئيس جمعية الشبان المسلمين وأعضاء الحزب الوطني وأعضاء الجمعية فقد كان الجميع وطنيين يعملون لصالح مصر.

بعث إلي الإمام بورقة صغيرة مع رسول وأنا في شركة الإعلانات العربية يقول فيها إن حافظ باشا سيأتي إلي مكتبي في الساعة العاشرة والنصف للالتقاء به عندي.

أعددت المكتب لهذا اللقاء وقبل الموعد بخمس دقائق حضر حافظ باشا، وجلس ينتظر الإمام، حيث كان الإمام دقيقا في مواعيده لا يتقدم عليها ولا يتأخر عنها.

أخذ حافظ باشا يحكي لي نادرة حصلت له في صباح ذلك اليوم، فقال إنه توجه للنادي «نادي التحرير حاليا، وكان أعضاؤه قبل الثورة من أصحاب الألقاب والوزراء السابقين وكبار الأعيان» وطلب كوبا من الليمون قال له الخادم «الجرسون»: لا مؤاخذة يا باشا لقد صدر قرار بالأمس بأن يكون سداد المشروبات نقداً ثم علق علي ذلك قائلاً: أنا لا أحمل معي أي نقود وكان النادي معتاداً علي قيد المشروبات علي حساب كل عضو ثم يطالبه برصيده في نهاية كل شهر ثم قال أخرجت دفتر الشيكات من جيبي وكتبت لهم شيكا بثلاثين مليما ثم ضحك كثيراً.

عندما حضر الأستاذ الإمام تركت لهما غرفة مكتبي وجلست في غرفة حسام لطفي سكرتيري الخاص وبعد نصف ساعة دققت الباب مستأذنا وفتحته لكي أسألهما إن كان يبغيان شيئاً، فوجدت حافظ باشا ممسكا رأس الإمام بيديه ويقول مخ كبير-- مخ كبير.

علمت فيما بعد أن المقابلة كانت بشأن انسحاب الإخوان من اللجنة العليا للطلبة، التي بدأ الشيوعيون يتسللون إليها ويحاولون مع الوفديين السيطرة عليها.

مع إسماعيل صدقي:

عندما كلف إسماعيل صدقي بتشكيل الوزارة في عام 1946 أخذ يبحث عمن يؤيده شعبيا فلم يجد أحدا وكان رجلا ذكيا فحاول أن يطوي الإخوان المسلمين بما لهم من شعبية تحت جناحه.. زار إبراهيم رشيد زوج ابنة إسماعيل صدقي الأستاذ الإمام طالبا تحديد موعد في ذات اليوم، ليستقبل فيه الإمام إسماعيل صدقي، بمكتبه بالمركز العام وتم تحديد الموعد في الساعة الحادية عشرة صباحاً بعد أن استشار الإمام أعضاء مكتب الإرشاد تليفونيا.

هاج الإخوان وماجوا لما علموا أن إسماعيل صدقي كان في زيارة الإمام ذلك بسبب ما هو معروف عنه من أنه لا شعبية له وأنه ديكتاتوري الطبع كاره للجماهير ويسميهم الغوغاء.

قال الإمام لإسماعيل صدقي إن تاريخه السياسي لا يشجع للتعامل معه بيد أن الإخوان لا يفقدون الأمل وعد إسماعيل صدقي بتلبية مطالب الإخوان وكلها مطالب وطنية تتضمن مقاومة الاستعمار إلي أن يقضي عليه وتعديل الدستور بما يتفق مع الديمقراطية والسماح للإخوان بالنشاط بغير قيد وإقامة انتخابات نزيهة.. الخ.

قال إسماعيل صدقي: تستطيع أن تتقدم بهذه المطالب من خلال مجلس الوزراء وأنت وزير للأوقاف.

فهم الإمام من هذا أن صدقي يعرض عليه الوزارة فقال سنفكر في الأمر.

في المساء وأثناء سيرنا من المركز العام إلي منزله سألت الإمام عن حقيقة ما يشاع حول قبولنا الوزارة فقال ما رأيك أنت؟ قلت: لا بأس فهي خطوة علي الطريق غير أن وزارة الأوقاف ليست من مقامنا ونحن القوة الشعبية الوحيدة التي يستند إليها إسماعيل صدقي فحبذا لو كانت وزارة المالية مثلا أو إحدي وزارات الدرجة الأولي أما الأوقاف فهي وزارة من الدرجة الثالثة «لكي ترفع درجة هذه الوزارة ضم إليها اختصاص شئون الأزهر بعد ذلك».

ضحك الإمام وقال نحن رجال دعوة ولسنا رجال حكم ألا تعلم أن وزارة الأوقاف تسيطر علي ما يقرب من عشرة آلاف خطيب مسجد إن هؤلاء سوف يكونون لسانا للدعوة في كل مكان إذا تولينا وزارة الأوقاف لا للحكم من خلالها ولكن لنشر دعوتنا التي هي دعوة الإسلام، بعد أيام شكلت الوزارة ولم يكن الإمام من بين أعضائها وكانت تلك رحمة من الله حيث حفظت لنا الدعوة وتقاوة سمعة الإمام الذي كنا نخشي أن يستغرقه الحكم عن العمل لها، والله لطيف بعباده.

الإخوان ومصر الفتاة

اتخذت جمعية مصر الفتاة مقرا لها قريبا من دار الإخوان المسلمين وكانت هذه الجمعية تقلد جمعية إيطاليا الفتاة، واتخذت لها شعارا هو «مصر فوق الجميع» مثلما اتخذت الجمعية الإيطالية شعاراً هو «إيطاليا فوق الجميع».

وكان أحمد حسين رئيس الجمعية رجلا وطنيا يتفجر حماسا وحبا لمصر، ولهذا كان تأثيره بالغا علي أتباعه.

وكان هناك شبه تفاهم بين الإخوان ومصر الفتاة فالاثنان يعملان من أجل مصر والاثنان يعاديان الاستعمار والاثنان يشجبان تعاون معظم الباشوات المصريين مع السفارة البريطانية ويعملون علي كسب رضاها.. طبعا علي حساب مصلحة مصر.

غير أن مصر الفتاة لم تتسم بوحدة القيادة- مثلما هو حالها الآن- وكان زعماؤها يعمل كل منهم منفرداً وفقا لما يراه صوابا من وجهة نظره.

ونفاجأ في يوم من الأيام بمقال في مجلة مصر الفتاة يقول فيه محرره: حانت خاتمة الدجل والشعوذة.. الإخوان يتعاونون مع كل الأحزاب بلا مبدأ ويتحالفون مع الكل حتي الإنجليز الذين يسخرونهم لمحاربة الشيوعية والوطنية ويفتحون لهم الشعب في السودان وفلسطين.. الخ، ويبدو أن كاتب هذا المقال كان شيوعيا.

طبعاً ذلك كله كان افتراء، وإن نم عن شيء فإنما ينم عن غيرة وحقد علي الإخوان لذيوع انتشارهم السريع وإقبال الشباب علي الانخراط بجوالة الإخوان وعزوفهم عن القمصان الخضر التابعين لمصر الفتاة ولست أدري إن كان ذلك المقال بإيعاز من أحمد حسين أم أن كاتبه كان نشازا علي سياسة الجمعية «لم تكن قد سميت بحزب حتي ذلك الوقت».

وجدنا أنه من بعد النظر أن نعلم ماذا يدور في أدمغة قادة مصر الفتاة، فكلفنا أحد الإخوان بالانخراط في الجمعية هو المرحوم أسعد السيد الذي انضم إليها وبرز فيها سريعا لما كان له من نشاط.

بعد انضمامه بحوالي ثلاثة شهور، جاءني علي استحياء وقال لي هؤلاء الناس وطنيون ويعملون لصالح مصر، ولا يتلقون تمويلا أو مساعدة من الخارج وأحس أن ضميري يؤنبني لأنهم قوم مسلمون فيهم فتحي رضوان وإبراهيم شكري ومحمد علي صبيح وحمادة الناحل وآخرون وإذا ما حاولت التعرف علي أخبارهم فإنني أكون قد خالفت أوامر الله التي تقول: «ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً».

قلت: يا أسعد مادمت مقتنعا بهم فاذهب وأعمل معهم بإخلاص ويبدو أنه لا تعارض بينا للعمل معهم في النشاط الوطني وبين العمل علي نشر دعوة الإسلام من خلال الإخوان المسلمين ففرح أسعد وبدأ يزيد نشاطه في حزب مصر الفتاة إلي أن وصل لعضوية مجلس الإدارة بعد اعتقالات الإخوان في ديسمبر 1948، والتحقيق مع بعض أعضاء النظام الخاص جاء ذكر أسعد السيد أحمد في التحقيقات وعلم بذلك أعضاء مصر الفتاة فاعتدوا عليه بالضرب ظنا منهم أنه عين عليهم وأشهد الله أنه كان يعمل معهم مخلصا في ذلك الوقت وبخاصة بعد أن حضر مؤتمراً عقده أحمد حسين عند سفح الهرم الأكبر معاهدا تابعيه علي العمل علي نصرة مصر.

الإخوان المسيحيون

انتشر الإخوان في الأربعينيات وبلغ عددهم ما يزيد علي 600 ألف وذلك بشهادة السفارة البريطانية وانتشرت الدعوة في سوريا والعراق والمغرب العربي والسودان فكان رئيس الإخوان في سوريا الدكتور مصطفي السباعي وهو فقيه وداعية من الطراز الأول، وفي العراق الشيخ محمد محمود الصواف «عضو مجمع الفقة الإسلامي بمكة المكرمة وتوفي إلي رحمة الله حديثا» وفي المغرب الأستاذ الفضيل الورتلاني وفي السودان الأستاذ جمال السنهوري «وكان طالبا وقتذاك بحقوق القاهرة».

وعرف عن الإخوان السماحة وعدم التعصب بل كان لي ولغيري أصدقاء من المسيحيين كنت ومازالت اعتز بصداقتهم حتي الآن.

وبعد المحاضرة التي ألقاها الأستاذ الإمام ببني سويف والتي أطفأ بها الفتنة التي اشتعلت هناك بين المسلمين والمسيحيين والتي شرح فيها الإمام دعوة الإسلام وأوضح فيها ما تتصف به الدعوة من سماحة وأن المسيحيين إخوة لهم مالنا وعليهم ما علينا وأنهم باعتبارهم أهل الذمة فهم في ذمة المسلمين وعلي المسلمين رعايتهم والدفاع عنهم.

وأشار إلي ما يكنه الإسلام للمسيحيين من مودة وذكر الآيات التي تمجد عيسي بن مريم وأمه العذراء أخذ الإمام يخطب ساعتين وكنت حاضراً معه لدرجة أن قسيسا انجيليا كان يجلس في مواجهته ودموعه تنساب من عينيه مالبث حين انتهي الأستاذ من حديثه أن قام له معانقا بشدة.

بعد هذه المحاضرة التي رتب لها الأخ أحمد البساطي رئيس الإخوان وعقدها في نادي البلدية وحضرها سكان بني سويف جميعا علي وجه التقريب حضر لزيارة الأستاذ بالمركز العام عدد من قادة المسيحيين أذكر منهم توفيق «أو وهيب لا أذكر» دوش باشا ولويس فانوس ومريت بطرس غالي عضوا مجلس الشيوخ وطلبوا من الإمام أن ينشئ شعبة باسم «الإخوان المسيحيون» لكي يسهموا مع الإخوان المسلمين في نشر الإيمان بالله والحث علي الفضائل رد عليهم الإمام بأن الفكرة طيبة ولكن يحول دون تنفيذها أن دعوتنا عالمية ولا تقتصر علي مصر وحدها وأن نشاطنا في مصر لا يعدو أن يكون جزءاً من نشاط الإخوان المسلمين العالمي، فقد أرسل الله نبيه صلي الله عليه وسلم للناس كافة، وعلي هذا لا بأس من تكوين الإخوان المسيحيين وأؤكد لكم أنه سيكون هناك تعاون تام بيننا وبينكم في جميع مجالات عمل الخير والدعوة إلي مكارم الأخلاق ومقاومة الالحاد الذي بدأ ينتشر بين شباب المتعلمين.

نشرت مجلة المصور في ذلك الوقت أن شخصيات غير إسلامية بارزة انضمت إلي الإخوان المسلمين ومن بينهم لويس فانوس ومريت بطرس غالي.

بلغ هذا الموضوع مسامع الإنجليز فأرادوا أن يطوعوا هذه الفرصة لمصالحهم فأنشأوا جمعية باسم «إخوان الحرية» اتخذت مقرا لها في حي «السيدة زينب» ويرأسها المستر فاي- الذي كان مدرسا لي بكلية التجارة واختفي عند قيام الحرب العالمية الثانية عام 1939 ثم شهر في عام 1942 ليقود هذه الجماعة المشبوهة التي حاولت تجنيد عدد من المسلمين والمسيحيين تحت شعار «الدين لله والوطن للجميع» وطبعا لم يكن الإنجليز حريصين علي هذا الوطن بل كانوا يحاولون كسر شوكة حسن البنا وإخوانه ولكن هيهات، فقد فشلت جمعيتهم فشلا ذريعا لأنها لم تضم بين ظهرانيها إلا كل انتهازي وأفاق، وتلاشت كما يتلاشي الدخان في الهواء مع تلاشي المال الذي كان مخصصا لها.

الجواسيس

كان بعض الإخوان يغالون في التشدد- وهم قلة والحمد لله- غير أنني اكتشفت أن أمثال هؤلاء منحرفون عن الدعوة ويتظاهرون بالتشدد ليثق فيهم الآخرون.

وكان الإمام إذا اكتشفت بعضا ممن يعملون مع القلم السياسي «هو أصل المباحث العامة الحالية»- وكانت له مصادره الخاصة- فإنه يبعث إليهم تباعا ويجلس مع كل منهم علي انفراد ثم يقول له عرفت أنك تعمل لحساب القلم السياسي فيرد الآخر طبعا منكرا بشدة فيقول الإمام له: أنا أعلم ذلك يقينا ولم أحضرك هنا للتحقيق معك بل لأحل لك المال الذي تأخذه من الحكومة فأنت تتجسس علينا وهذا حرام وتتفاضي أجرا نظير تجسسك فهذا الأجر حرام وأنت لا تعلم شيئاً ذا قيمة من أخبار الإخوان فتؤلف لرئاستك في القلم السياسي أي أخبار من عندك وهذا كذب وحرام أريد أن أبعدك عن هذا الحراك كله وأسمح لك بأن تتقاضي ماشئت من أجري من الحكومة بشرط أن تبلغهم الأخبار الصحيحة اذهب إلي محمود عساف مدير شركة الإعلانات العربية «وهي من شركات الإخوان» وهو سيعطيك الأخبار الصحيحة مرتين كل أسبوع.

أبلغني الإمام بهذا الاتفاق وكان يبعث لي كل يوم بأهم الأخبار في ظرف مغلق أو يبلغها لي في آخر الليل حين أصحبه إلي داره وكنت أعد أوراقا أكتبها بنفسي علي الآلة الكاتبة كل منها يحتوي علي خمسة أو ستة أخبار بحيث يكون هناك خبر مكرر عند كل اثنين وذلك لكي يصادق كل منهما علي تقرير الآخر المرفوع للقلم السياسي.

كانت تلك الأخبار تتعلق غالبا بالأشخاص الهامين الذين يزورون الأستاذ الإمام وما يدور معهم من أحاديث ومناقشات وبعض أخبار أقسام المركز العام كالجوالة وقسم الطلاب وقسم العمال مما كان يهتم به رجال القلم السياسي كثيراً ولم نكن نؤلف أي أخبار حيث إن الأخبار الحقيقية كانت كثيرة ومتوافرة ولم يكن هناك داع إليها لما يحتمل أن يكتشف بعد ذلك من كذب فيها وكان من المهم لنا أن ينال هؤلاء الجواسيس ثقة رجال القلم السياسي.

كان الإمام يقول: لو أن هؤلاء الناس عرفوا حقيقة دعوتنا ماحاربونا هذه الحرب الضروس ولما عاملتنا الحكومة هذه المعاملة السيئة، ولما انقلبت علينا الأحزاب ولكن الشك يملأ قلوبهم لأنهم لم يعتادوا أن يتعاملوا مع أناس مخلصين لوطنهم ودينهم.

كان عدد هؤلاء الجواسيس سبعة منهم ثلاثة يعملون موظفين بالمركز العام أحدهم كان بوابا وعامة الإخوان لا يعرفون أنه موظف فكانوا يقولون: إن أبوخضرة رجل منقطع للدعوة يجلس دائماً علي الأريكة الخشبية علي باب المركز العام وهم لم يكونوا يدرون أنه كان عينا علي الداخلين والخارجين وكان الثاني ملتحيا ووجهه يشبه وجه النمر وعيناه ضيقتان تلمعان كان يدق علي الأبواب المغلقة مناديا علي من بداخل الغرف: الصلاة، الصلاة، الصلاة كان متحمسا جدا ويدق الأبواب قبل حلول وقت الصلاة بربع ساعة لكي يذهب الناس للوضوء، وكان الإخوان يقولون: كم هو ملتزم هذا الأخ.. العشماوي «هو طبعا غير صالح عشماوي أو حسن العشماوي» أما الثالث فكان اسمه توفيق ولا أذكر لقبه كان موظفا بمكتب الأستاذ الإمام يحتفظ بصور الخطابات ويعد البريد للتصدير، وكانت تلك فرصة له لكي يطلع علي مكاتبات الإخوان

قلت للإمام يوما: لماذا لا نتخلص من هؤلاء ونريح أنفسنا؟

فقال: ياعبيط هؤلاء نعرفهم وإذا تخلصنا منهم سيرسلون إلينا غيرهم ممن لا نعرف

قيادي سابق بالإخوان يكشف أسرار لم تنشر عن قيادات "الجماعة" الذين يديرون مصر



> في البداية.. لقد عارضت في أكثر من مناسبة قرار الرئيس «مرسي» الخاص بعودة البرلمان.. ونريد أن نعرف منك تعليقك علي «شخصية» الرئيس والذي قام باتخاذ مثل هذا القرار الذي لاقي رفضا واستهجانا شديدين وألغته المحكمة الدستورية العليا؟

الدكتور «مرسي» انضم إلي الجماعة في الثمانينيات من خلال الحاج مصطفي مشهور، وكان «مرسي» وقتها باحثاً في الدكتوراه في الولايات المتحدة الأمريكية، وتعاون مع الجماعة كثيراً وهو في الخارج، وعندما عاد إلي مصر استقبله «مشهور» وقام بضمه إلي صفوف الجماعة حيث كان الأخير مقتنعا به جداً، واستعان به في بعض المواقع القيادية المتوسطة بالشرقية وكان يعيب «مرسي» أنه كان شخصا «خشن» وحاد الطباع في صفاته وفي عصبيته الشديدة، ورغم ذلك أصبح «مرسي» في الصفوف الأولي للجماعة، وفي الانتخابات البرلمانية 2000 صمم «مشهور» علي ترشيح «مرسي» لعضوية مجلس الشعب عن دائرته بمحافظة الشرقية عن جماعة الإخوان وفي وقتها بدأ «مرسي» يتقلد المسئولية داخل الجماعة، محافظة الشرقية بدلاً من الحاج سعد لاشين، مسئول الإخوان والذي توفي منذ عامين، ومن المعروف عن الدكتور «مرسي» أنه كان صاحب علاقات قوية بالحزب الوطني، حيث إنه كان يقوم بدور «الواسطة» بين الجماعة والحزب الوطني في حالة تأزم العلاقة بينهما، وفي ناحية أخري يعرف عن «مرسي» أنه رجل يجيد الخطابة، ولكنه لا يجيد الأحاديث داخل الغرف المغلقة، وهناك فارق بين الحديث علي المنابر والحديث الفردي، بالاضافة إلي أن «مرسي» ليس لديه أي تنوع فكري أو ثقافي، فهو لم يقرأ إلا منهج الإخوان المسلمين، وفكر سيد قطب وأبوالاعلي المودودي، كما قرأ مجموعة من كتيبات مصطفي مشهور، ومن اليقين أيضا أن «مرسي» لم يكن من المغضوب عليهم في النظام لشخصه، وأنه لم يعتقل في القضايا العسكرية رغم انه كان من الشخصيات التي أخذت حقها في «الشرقية» في حين أن هناك العديد من القيادات الإخوانية حوكمت في أربع محاكمات عسكرية، لم نرها في أي منها.

فيبدو في ذلك أنه كان علي صلة دبلوماسية جيدة مع بعض أركان النظام السابق، ولم يعتقل الا مرتين، الأولي كانت في عام 2003 واعتقل لمدة بسيطة والثانية يوم 28 يناير 2011 .

> وما تقييمك لأداء «مرسي» منذ توليه الرئاسة؟

هو شخص ضعيف الامكانيات الفكرية والثقافية حتي الذهنية، باستثناء قدرته علي الخطابة التي ساعدته في كسب تعاطف بعض البسطاء، ووضح أنه لا يملك من الخبرة والكفاءة السياسية ما يعينه علي منصبه، بدليل انه انتهك الدستور، وتعدي علي أحكام القضاء بإصدار قرار عودة مجلس الشعب الذي قضي في أمره بالإلغاء من المحكمة الدستورية العليا.

وبدا انه لا يمتلك المعلومات الكافية لإدارة الحكم ومؤسسات الدولة، وصدورحكم المحكمة الدستورية بإلغاء قراره يكشف عن أن الشخصيات التي أوصت له بالقرار قاموا بتوريطه، وانه لم يستطع أن يقيم بعقله عما إذا كان هذا القرار الذي قدموا إليه سيصب في مصلحة البلاد، أم أنه سيدخل البلاد في صراع.

> تقصد من بالذين قدموا القرار؟

ليس المهم من الذي قدمه مكتب الإرشاد أو مجلس شوري الإخوان، وإنما كان واضحاً أن هناك استقواء بأمريكا لأنه بعد خروج المبعوث الأمريكي من عنده قام باتخاذ هذا القرار، وكأنه كان يحصل علي الإذن من المندوب السامي الأمريكاني، وأريد أن أقول الإخوان المسلمين يقدمون أسوأ مثل للحركة الإسلامية الآن، والاعتداءات التي حدثت أمام مجلس الدولة وعبارات السب والقذف علي مواقع الإنترنت التي تصدر منهم تعكس صورة في منتهي السوء، وما هكذا يكون الداعون إلي الله.

> هل لاتزال عند رأيك بأن الدكتور محمد بديع المرشد العام للجماعة بأنه مجرد «داعية»؟

نعم.. الدكتور بديع يستطيع أن يتحدث بشكل جيد عن الأمور الدينية وهو يحفظ «الرقائق» المدونة في الكتب القديمة.

ويجيد الحديث عنها بالإضافة إلي أنه صاحب صوت جميل، يجعله يحسن إلقاء الاناشيد الدينية، ولذلك انا سميته «المنشد العام لجماعة الإخوان المسلمين» لأنه كان فعلاً ينشد ويغني في الانشادات الإسلامية والمعسكرات الإخوانية.. وهو أيضاً رجل طيب ويحمل قلبا طيبا صوفيا، إلا أنه يحمل عقلية «قطبية» وأفكاره الدينية تميل إلي التكفير، ويتضح التكفير في عباراته الكبيرة التي قالها منذ أن أصبح مرشداً عاماً للجماعة مع بداية تصريحاته وحواراته الاعلامية التي وضحت فيها نظرته التكفيرية للمجتمع، ويري «بديع» أن جماعة الإخوان هي الإسلام وأن معاداهم وعارضهم ليس بمسلم.

والدكتور بديع ليس صاحب القرار الأول في الجماعة وتاريخياً يعرف أن مرشد الإخوان يكون صاحب القرار وهذا مايعتقده «بديع» بحكم تغير وتبدل الظروف، الدكتور بديع لا يملك اي سلطة لاصدار القرار وليس الشخصية الأولي داخل الجماعة ولا الثانية والثالثة ولم يصل إلي الشخصية الرابعة، فهناك شخصيات مثل خيرت الشاطر الذي يعتبر الرجل الأقوي في الجماعة ويوازيه الدكتور محمود عزت.

> لماذا خيرت الشاطر هو الشخصية الأولي داخل الجماعة؟

«الشاطر» شخصية قوية، ورجل راديكالي متطرف، ولديه قدرات قيادية عالية، وديكتاتور في قيادته وقراراته، ويملك المال ومن يملك المال يملك أشياء كثيرة، وذكي في تعاملاته مع الآخرين، ويستطيع إخضاع الآخر لشخصيته ولقراره كما يجب، وإذا لم يخضع له أحد يقوم بالاطاحة به، بمعني أن كل من تم الاطاحة به في الجماعة في الفترات الأخيرة هم شخصيات لم تخضع لخيرت الشاطر، أما الباقون فهم مجموعة من الأدوات في يد «الشاطر» يفعل بها ما يريد كيفما يشاء، ورجل مثل عصام العريان الذي أتعجبه بإهداره لتاريخه وفكره وثقافته وارتضي لنفسه أن يكون «عروسة خشب» في يد «الشاطر» أيضا الدكتور حلمي الجزار الذي كان في يوم من الأيام أميراً للجماعة الإسلامية في الجماعات المصرية كلها، وكان قيادة إسلامية كبيرة جداً فجأة أصبح حلمي الجزار خاتماً في إصبع «خيرت» وكل هؤلاء من المفترض أن يكونوا شخصيات قيادية تقود أصبحت شخصيات تقاد وتوضع في الجيب إن الشاطر هو الذي يقوم بتقسيم الشخصيات رجل يتحالف مع الثوار ويتجالس معهم ويقول كلاماً طيباً من عندياته لانه شخص مستنير ومتفاهم عن باقي الإخوان.

فهذا غير صحيح، البلتاجي مثله مثل أي شخص في صفوف الجماعة، فهم جميعاً علي شاكلة واحدة، إلا أن المسألة مسألة توظيف، وخيرت يقوم بتوظيف البلتاجي قائلاً له «كن في الحمائم» وكذلك يقول للدكتور محمود غزلان المتزوج من أخت «الشاطر» كن في الصقور فيكون، واذا أراد الشاطر أن يجعل «غزلان» من الحمائم و«البلتاجي» في الصقور سيجعل، وبالتالي أن القوي السياسية الساذجة التي تجري وراء الإخوان بفرض البحث عن عقد عمل، أو ظناً في الإخوان انهم ضد العسكر وهذه سذاجة.

> لماذا قلت إن الدكتور محمود عزت يوازي خيرت الشاطر في قوته وسيطرته علي الجماعة؟

الشخصيات الخفية المجهولة كجبل الجليد، الجزء الظاهر منه صغير جداً ولكن الجزء الكبير مخفي عن الجميع، الدكتور محمود عزت الجزء المجهول عنه كبير جداً، وليس جزءا كبيرا فقط ولكنه جزء مخيف جداً جداً جداً، لايدرك أحد مدي الجزء المخيف الذي بداخل عزت، وبذلك لم ينتبه أحد له، وأقول هذا الكلام وأتحمل مسئوليته.

وتظن القوي السياسية الساذجة التي ارتمت في احضان الإخوان انها جماعة مدنية ولايعرفون ما وراء «الأكمة» وما وراء «الأكمة» يوجد في مخزن أسرار يملكه محمود عزت، وهو مخزن مخيف ومن يقترب منه مفقود مفقود مفقود.

> جماعة الإخوان تقول في نفسها إنها جماعة مؤسسات وقراراتها تؤخذ في مكتب الإرشاد ومجلس شوري الجماعة فهل هذا صحيح وجار بالشكل الذي يدعونه ويظهرونه؟

حدث موقف في منطقة جنوب القاهرة حيث اختلف عدد من القيادات حول إدارة مدرسة مملوكة للإخوان، وتمت إحالة المكتب الإداري للمنطقة إلي التحقيق إخوانياً، وكان الذي يحقق أحد أعضاء مكتب الإرشاد الكبار، وأثناء التحقيق خالف المحقق بعض الأسس والمبادئ الإسلامية الأصولية في التحقيق، وخالف لوائح الجماعة، وعندما تظلم المحالون للتحقيق، إلي المستشار الهضيبي في التحقيق وطريقته ومخالفته لمبادئ إسلامية، قال لهم الهضيبي: «نحن الذين نضع اللائحة» ثم أمسك بها ومزقها قائلاً :«نحن الذين أيضا نمزقها» ونحن نضع اللائحة وليست هي التي تضعنا» وهذا معناه أن الجماعة ليست جماعة مؤسسات، واللوائح عندهم تسري علي الصغار ولكنها لاتسري علي الكبار، واللوائح يتم استخدامها لضرب أي شخص لايخضع لقرارات القيادات، ويتم تمزيقها تحت أقدام قيادات بعينها، واللوائح استخدمت للاطاحة بـ«ابراهيم الزعفراني» ووقتها دافع عنها الدكتور «محمد حبيب، وتوضع هذه اللوائح تحت الأقدام يريدون الإطاحة بأحد أو حتي الإبقاء علي شخص بعينه، ومن اعان ظالماً علي ظلمه نال ظلماً من هذا الظالم، ومن في يصدق هذه الجماعة فهو ساذج ومن يضع يده في يد الجماعة فهو يرتكب جريمة خيانة في حق مصر من أجل عقد عمل.

> ماذا تقصد بـ «عقود العمل»؟

الإخوان تقوم بعمل عقود وهمية وإعطاء وعود لآخرين فتؤيدهم وهناك شخصيات تجري وراء الإخوان بحثاً عن منصب أو ظيفة في الغالب تم وعده بها من قبل الجماعة، وعلي سبييل المثال الأخ «حمدي قنديل» الذي يشار إليه بالإعلامي الكبير، والذي كان منذ فترة قريبة قبل الإعلان عن نتيجة الانتخابات الرئاسية يقول إن «الإخوان جماعة فاشية ولايمكن أن أثق فيها أبداً» إذا به بعد أن اشار إليه أفراد الجماعة بإصبعه الصغير، يذهب إلي هذه الجماعة الفاشية إلتي لايثق فيها حسبما قال، ثم يأخذهم بالأحضان ثم يحضر في مؤتمر لـ«مرسي» قبل إعلان النتيجة رسمياً ويلقي بياناً يمدح فيه «مرسي» وكأنه الوحي المنزل من السماء ولكي يخلص مصر من الفساد.

ونجد أيضا الذين ينادون بمدنية الدولة يوافقون علي إرهابية القرار وفاشية القرار علي ظن من علاء الأسواني أن الإخوان ضد العسكري أو طمعاً من حمدي قنديل في أن يكون وزيراً للاعلام أو رئيساً لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، وأنا أقول له إنه سيأخذ بـ«الشلوت» من الإخوان المسلمين لأنهم يكرهونه جداً ويعتبرونه من الشخصيات المحرمة، لأنه في الستينيات كان يذهب للسجون كمذيع في التليفزيون المصري، وكان يشاهد تعذيب الإخوان وكان يخرج ويتحدث بأشياء تخالف الحقيقة، واعتبره الإخوان المسلمون أحد أكبر أعدائهم، وهم الآن يستخدمونه مثلما استخدموا غيره ثم يضربونه «بالشلوت» في أقرب فرصة.

وكذلك الدكتور حسن نافعة الذي ذهب ليبحث عن عقد عمل مع الدكتور محمد البرادعي، وكان يبحث مسبقاً عن عقد عمل في عهد مبارك، وهو الآن يبحث عن عقد عمل مع الإخوان فهو يرغب في الحصول علي مكان في الحكم.

وأضيف المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض الأسبق والمستشار محمود الخضيري فردان من جماعة الإخوان المسلمين، ويعرف عن مكي عداءه التاريخي مع المحكمة الدستورية، ومكي هو من أشار إلي «مرسي» بقرار عودة مجلس الشعب ومخالفته قرار «الدستورية» وكذلك المستشار عاطف البنا الذي يعتبر مستشاراً علي أموال كان يتقاضاها من عبدالمنعم عبدالمقصود نظير مرافعاته في قضايا الإخوان المسلمين.

والمستشار زكريا عبدالعزيز يطمع في تعيينه وزيراً للعدل أو النائب العام، وأقول له إن الإخوان لا يحبونه ويقولون عنه «الولد الأرعن» وهو ينتطر الآن مرسوم تكليفه بمنصب في عزبة الإخوان، وأضيف أيضاً علي هذه الشخصيات الدكتور ثروت بدوي وتحوله الغريب، وكان بدوي من قبل يعارض الإخوان بشدة وفجأة تغير ضمير الدكتور بدوي وفقاً لمصلحته الشخصية، لأنه كان مستبعداً من اللجان الدستورية من قبل، وقتما كان مستبعداً من دولة الإخوان ولذلك كان وقتها يدافع عن صحيح القانون، وكان يعارض الإعلان الدستوري الأول والتعديلات الدستورية وكان يرفض المادة 28 وكان يدافع في البداية عن مصلحة الأمة، وبمجرد نجاح «مرسي» الذي استدعاه ومعه شخصيات قانونية أخري كان منها «طارق البشري» وحسام الغرياني ليسألهم عن إشكالية «حلف اليمين».

وقيل لي إنه في هذا اللقاء ربت «مرسي» علي كتف «بدوي» وقال له «مرسي» نصاً أنا أحبك وأحترمك وأريدك مستشاراً لي «ففرح ثروت بدوي لأنه استطاع أن يحصل علي عقد عمل، وبالتالي تبدلت وتغيرت مواقفه وآراءه، وهؤلاء اسمهم «فقهاء السلطان» وبالمناسبة سيكون «علاء الأسواني» أول ضحايا هؤلاء.

> لماذا علاء الأسواني سكون أولهم؟

لأنهم ينظرون إليه علي أنه علماني وملحد وكافر وصاحب ثقافة فرنسية، وهذا هو رأي الإخوان فيه ويعتبرونه رجلا يشيع الفاحشة والفحشاء والجنس في المجتمع، فاذا ابتسموا في وجهه الآن لأنهم يريدونه، ولكنه يجب أن يعرف رأيهم فيه كما ذكرت، وكتبت مواقع الإخوان كثيراً هذا الرأي ولقد صدمت في الدكتور علاء الأسواني الذي وصل إلي حد كبير جداً من السذاجة السياسية حتي ظن أن الإخوان ضد العسكر فبالتالي هو مع الإخوان، مع أن الإخوان المسلمين في يد العسكر، وكان يجب علي الأسواني أن يقف مع الثوار وقفة حقيقية في مواجهة العسكر، بدلاً من الذهاب إلي الوقوف مع عصا في يد العسكر، ولا يدري علاء الأسواني أن «مرسي» ورجاله يدرتدون «الثياب الكاكي» مثلهم مثل العسكر وليست العبرة بالزي نفسه، وانما العبرة بمن يمارس ممارسات عسكرية فاشية كما في الإخوان، ومن العار أن يكون «الأسواني» متضامناً مع هؤلاء الفاشيين، ومن العار أن يراهم يعتدون علي الآخرين ويقف معهم، وعلي ما يبدو أن الأسواني خائف منهم لذلك تهاون معهم.

> ماهي رؤيتك تجاه القاعدة الشعبية للجماعة وشبابها؟ وكيف يستطيع القادة تحريكها؟

الجماعة لديها حرفية شديدة في استثمار المشاعر الدينية لدي الشباب صغير السن، وطالما العقل لم ينضج فيسهل السيطرة عليه، ومن الندرة أن يدخل كبير الجماعة، إنما الاصل هو استقطاب الصغار طلبة الثانوية العامة والجماعة ويسمونهم الأشبال وبالنسبة للبنات تسمي الزهروات، وهناك قسم «الطلبة» الذي يقوم باصطياد الشباب خصوصاً الريفيين، وهي جماعة بالأساس انتقائية لأنها هي التي تقوم باختيار أعضائها بعد فترة مراقبة وان وجدت الشاب يحمل مشاعر دينية عالية ومن السهل توجيهه، فتبدأ تربيته تربية خاصة وتدخله ما يسمي «الحصن» وتقوم بتعليمه مبدأ السمع والطاعة بشكل مطلق للقادة، وتدريبه عن طريق إعطائه أوامر دون مبرر حتي يستطيع أن يتعلم الدرس جيداً ويعتاد تنفيذ الأمر كما هو، فإذا اطاع الأوامر كأنه اطاع الإسلام، وإذا خالفها فقد خالف الإسلام ويحدث معهم كما يحدث مع جنود الأمن المركزي الذين يطيعون قائدهم دون جدال والجندي يجب أن يتدرب علي الطاعة المطلقة وعلي الثقة في القيادة، وهذان الأمران كان قد وضعهما حسن البنا في النظام الخاص، لأن طبيعة هذا النظام جندية وعسكرية لأنه يقوم بأعمال عسكرية، ووضع لهم أيضا «رسالة تعليم» كدستور للنظام الخاص، ولكن بعد سنوات طويلة وفي عهد المرشد السابق حامد أبوالنصر قام بإدخال مفاهيم السمع والطاعة الموجودة في رسالة التعليم الخاصة بالنظام الخاص علي كل أفراد الجماعة فتحولت إلي جماعة عسكرية منذ عام 1986.

> ماذا تعرف عن جهاز معلومات الإخوان أو ما يسمي بجهاز مخابرات الجماعة ومؤسسة محمود عساف؟

«عساف» كان يعمل سكرتير معلومات الإمام حسن البنا، ويكتب عن تجربته مع الجماعة وتحدث فيها عن عمليات الاغتيال التي قاموا بها مثل حادثة اغتيال أحمد ماهر، وكتاب محمود عساف من الكتب الخطيرة والتي يجب أن يعاد نشرها، ولقد كتبت في كتابي «قلب الإخوان» عن جهاز مخابرات الإخوان وأسميته جهاز أمن الدعوة وكتبت عن أسراره والشخصيات المسئولة عنه.

> ما رأيك فيما يقال عن «مشانق الإخوان»؟

الإخوان لم يصلوا بعد إلي درجة الغباء التي تسمح لهم بالتفكير في اعتقال معارضيهم بعد فترة بسيطة من وصولهم للحكم، هم في البداية يقومون بمداعبة الأشخاص وشراء ضمائرهم وإعطاء وعود لهم، ووعدوني ومعي مختار نوح المحامي وآخرين بمزايا يقدمونها لنا مقابل عدم معارضتهم، لكن عندما فشلوا في الوعود معي بدأوا بالوعيد، وتلقيت تهديدات من ميليشيات الإخوان التي تضم مجموعة من الشباب الذي يظن انه يدافع عن الإسلام، وهذه الميليشيات موجودة فعلياً وتنتظر أخذ الأمر من القيادة.

> ولكنك لا تستبعد القيام بأعمال عنف من جانب الجماعة؟

أتوقع أن تحدث أعمال عنف من جانب هذه الميليشيات رغم انني كنت سابقاً إستبعد ذلك ولكن ما قاموا به مؤخراً من تهديدي وآخرين بكسر رجلي وستحدث لنا اشياء كبيرة إذا قمنا برفع دعاوي ضد قرار «مرسي» بعودة مجلس الشعب، وبعد التعدي الذي وقع علي المهندس «حمدي الفخراني» وهذا الحدث يبشر ويهييء الدولة للدخول في حالة فوضي شاملة لقد ذكرت منذ أكثر من عامين أن جماعة الإخوان ستدخل «متحف التاريخ قريباً.

> هل مازلت عند رأيك بعدما وصلت إلي رأس الدولة في مصر؟

نعم.. مازلت عند رأيي وتوقعي بل إنها اقترتب أكثر مما كنت أظن والثورة المصرية عجلت بانتهاء الإخوان المسلمين، وكنت أعرف انها ستقوم بانتحار سياسي، وهي الآن بالفعل تنتحر سياسياً ودعوياً وإسلامياً، وفي طريقها للزوال، وبما أنها من الجماعات الضخمة يكون انسحابها تدريجيا فهي كالأخطبوط لاينتهي مرة واحدة، وبعد سبع سنوات من الآن سنقول «رحم الله» جماعة الإخوان المسلمين كانت جماعة فاشية.

> ما رأيك فيما يبدو الآن من صراع دائر بين المجلس العسكري والإخوان المسلمين؟

من يظن أن هناك صراعاً بييهما فهو واهم، وغير صحيح بالمرة بل الحقيقة أن هناك تفاهما ومهادنة بين الطرفين.

فقد انضم الإخوان المسلمون والمجلس العسكري في توقيت واحد، وبتخطيط واحد، حيث إن سقف الثورة كان أعلي بكثير من سقف الإخوان والعسكري، فبالتالي اتفقوا علي مكافحة الثورة وخفض سقف مطالبها بما يتناسب مع مصالحهم الخاصة، ومازالت العهود والوعود والصلات قائمة، ومايحدث الآن مجرد تراب يلقي في الهواء ليظن الناس أن «زعابيب أمشير» قامت بينهما، في حين انها زعابيب» «الشاطر والمشير».

باحث سعودي كشف كواليس العلاقة بين المملكة والجماعة: التاريخ السري للإخوان المسلمين في بلاد «خادم الحرمين»



التاريخ لا يمكن ان يصاب بـ"الزهايمر السياسي" فمن غير المعقول إن لم يكن مستحيلا أن تزيح فترات بعينها من التاريخ دون أن تقع في "مصيدة الخطأ" من هذا المنطلق جاء الحديث عن تاريخ العلاقة التي جمعت بين المملكة العربية السعودية وجماعة الإخوان المسلمين طوال السنوات الماضية.

"موعد ..فلقاء...فغرام ...فجفاء" ما سبق لا يتعدي كونه اختصارا لتاريخ الجماعة والمملكة حيث بدأ نشاط تنظيم الإخوان المسلمين في السعودية بشكل واضح في فترة حكم الملك فيصل بن عبدالعزيز ملك السعودية في الفترة بين (1964 - 1975). وقتها كانت العلاقات بين السعودية ومصر والتي كان يرأسها وقتئذ الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في أقصي توترها بين الدولتين ذات النظامين السياسيين المختلفين جذريا.

بعد رحيل عبدالناصر، وحدوث تقارب بين خلفه الرئيس الراحل أنور السادات والملك فيصل بن عبدالعزيز، سعي الأخير للتقريب بين الإخوان والسادات، وسيطر المنتمون للإخوان المسلمين علي النواحي التعليمية في الجامعات تحديداً خلال عقدي سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، كما سيطروا أيضا علي المنابر الإعلامية خاصة في فترة حكم الملك فيصل في السعودية.

العلاقة التاريخية بمختلف فصولها "شتاء وصيف وربيع خريف أيضا" رصدتها دراسة بعنوان " الإخوان المسلمون والسعودية ..الهجرة والعلاقة" للباحث عبدالله بن بجاد العتيبي.

وإهتم الباحث في دراسته بهجرة الإخوان المسلمين من مصر بلد المنشأ وسوريا والعراق إلي المملكة واعتبرها موضوع البحث، ووصفها بالهجرةٌ ذات الوجهين، أولهما اضطراري بالنسبة للإخوان المسلمين، والثاني كان اختياريا وسياسيا بالنسبة للسعودية، وتابع الباحث منذ قيام الدولة السعودية الثالثة علي يد الملك الراحل عبدالعزيز آل سعود، وقام بالربط بين الديني والسياسي في البلاد، وكان هذا الارتباط نابعاً من قناعة الملك عبدالعزيز بأهمية العامل الديني في تحريك شعوب الجزيرة، لأنه اعتبر ذلك هو العامل السياسي المهم في توحيد كلمة علماء الدين، وتوحيد القبائل البدوية المختلفة وإخضاعها لسلطة الدولة، بل وتوظيفها كجيشٍ قويٍ مهيبٍ يوطّد الأمن داخل الدولة، ويرهب الأعداء الخارجيين وذلك فيما عرف بـ"حركة الإخوان".

وكشف "العتيبي" أن علاقة السعودية بحسن البنّا المرشد الاول للجماعة جاءت ضمن هذا السياق، حتي قبل أن تتأسس الجماعة بشكل كامل، حيث كان الملك عبدالعزيز يسعي لإيجاد علاقاتٍ وطيدةٍ مع علماء المسلمين وقادتهم في شتي أنحاء العالم من الهند إلي مصر وغيرها من البلدان، فكان من أصدقائه أمين الريحاني، وشكيب أرسلان، ومحمد رشيد رضا وغيرهم ، وكانت تربطه علاقةٌ خاصةٌ برشيد رضا، وكانت بينهما مراسلاتٌ ومكاتباتٌ سياسية ودينية ونحوها.

وقام الباحث بسرد بواكير صلات الإخوان بالسعودية مستشهداً برواية حسن البنّا نفسه، قال: "إنّ فضيلة الشيخ حافظ وهبة مستشار جلالة الملك ابن آل سعود حضر إلي القاهرة لانتداب بعض المدرّسين من وزارة المعارف إلي الحجاز ليقوموا بالتدريس في معاهدها الناشئة، واتصل الشيخ حافظ وهبة بجمعية الشبان المسلمين لتساعده في اختيار المدرسين، فاتصل بي السيّد محب الدين الخطيب وحدثني في هذا الشأن فوافقت مبدئياً، والتقينا وكان أهم شرطٍ وضعته أمام الشيخ حافظ ألا أعتبر موظفاً يتلقي مجرد تعليمات لتنفيذها، بل صاحب فكرة يعمل علي أن تجد مجالها الصالح في دولة ناشئة هي أمل من آمال الإسلام والمسلمين، وشعارها العمل بكتاب الله وسنة رسوله وتحري سيرة السلف الصالح"، ولفت العتيبي إلي تعثر هذا المشروع لأسبابٍ بيروقراطيةٍ.

وذكرت الدراسة بعد محاولة الاعتداء علي الملك عبدالعزيز في الحرم من قبل أحد اليمنيين، قرّر المجتمعون في المؤتمر الثالث لجماعة الإخوان المسلمين 1934 "بأن يرفع مكتب الإرشاد باسمهم التهنئة الخالصة لجلالة الملك عبدالعزيز آل سعود علي نجاته، واستنكار هذا العدوان الأثيم"، وفي العام 1936 توجّه حسن البنّا للحج أوّل مرةٍ في حياته، ويشير مؤرخ الإخوان، شبه الرسمي، محمود عبدالحليم إلي هذه الحجة فيقول: "الأستاذ المرشد قد كاشفنا بأنّ فكرة الهجرة بالدعوة إلي بلدٍ آخر من البلاد الإسلامية يكون أقرب إلي الإسلام من مصر قد سيطرت علي تفكيره وملأت نفسه، وقد اتصلت بالمحكومين والحكّام في كل بلدٍ إسلاميٍ، وخرجت من ذلك باقتناعٍ تامٍ بأنّ فكرة الهجرة بالدعوة أصبحت غير ذات موضوع وأن العدول عنها أمر واجب".

وقال الباحث : من جانبه التقي البنّا، في هذه الحجة، بالملك عبدالعزيز، ولهذا اللقاء قصةٌ يرويها عبدالحليم عن البنّا قائلاً: "اعتاد الملك عبدالعزيز آل سعود أن يدعو كل عامٍ كبار المسلمين الذين يفدون لأداء فريضة الحج إلي مؤتمرٍ بمكة المكرمة تكريما لهم وليتدارسوا أحوال المسلمين في العالم... وطبعاً لم توجّه إلينا دعوةٌ باعتبارنا من عامة الحجاج.. قال: علمت بموعد هذا المؤتمر وبمكانه الذي سينعقد فيه، فأعددت نفسي والإخوان المائة في هيئةٍ موحدة هي الجلباب الأبيض والطاقية البيضاء... وفي الموعد المحدد فوجئ علية القوم المجتمعون بمائة رجل في هذه الهيئة يخطون خطوةً واحدةً يتوسط الصف الأول منهم رجل منهم هو المرشد العام، فكان هذا حدثاً مثيراً للالتفات" وتحدّث المتحدثون ثم يضيف البنّا: "فطلبت الكلمة واعتليت المنصة وارتجلت كلمة كانت أطول كلمة ألقيت وكانت الكلمة الوحيدة التي أيقظت الحاضرين وقوبلت بالإعجاب، واهتزت لها المشاعر .. وما كدت أنهي كلمتي حتي أقبلت علي جميع الوفود تعانقني وتشدّ علي يدي، وتعاهدني وتطلب التعرف علي وعلي من معي وتفتح قلوبها للفكرة التي تضمّنتها كلمتي"، ولعلّه في هذه السنة 1936 كان اللقاء الشهير بين حسن البنّا والملك عبدالعزيز، والذي طلب فيه البنّا إنشاء فرعٍ لجماعة الإخوان المسلمين في السعودية، فكان جواب الملك عبدالعزيز ذكياً وديبلوماسياً حين رفض الطلب قائلاً للبنّا: "كلّنا إخوان مسلمون".

ويؤكد الباحث أن "البنا" لم يستطع حينها إنشاء فرع للجماعة في المملكة، وفي رحلة البنّا للحج العام 1946 أقام الملك عبدالعزيز مأدبة غداء لبعثة الإخوان، كما أقام الإخوان حفل شاي للأمراء والحجاج البارزين في فندق بنك مصر"، وقد أشارت جريدة الإخوان المسلمين إلي مراسلاتٍ "بين الملك ابن السعود وفضيلة المرشد العام".

وتطرق الباحث الي رواية ذكرها المؤرخ عبده دسوقي تتمثل في أن الحكومة المصرية قد أعدت العدة لقتل البنا في السعودية علي أن تنسب الجريمة إلي بعض اليمنيين، وكان أمير الحج المصري حامد جودة - رئيس مجلس النواب الذي ينتمي إلي الحزب السعدي - قد قام باصطحاب بعض الأشخاص الخطرين، ولكن الحكومة السعودية استشعرت ذلك فأنزلت المرشد العام ضيفًا عليها وأحاطت مقره بحراسة شديدة وقدمت إليه سيارة خاصة بها جندي مسلح لمنع الاعتداء عليه.

وأشار "العتيبي" إلي إعجاب حسن البنّا بالملك عبدالعزيز يتضح ذلك من قوله فيه: "فمن كان يظن أنّ الملك عبدالعزيز آل سعود وقد نفيت أسرته وشرّد أهله وسلب ملكه يستردّ هذا الملك ببضعة وعشرين رجلاً، ثم يكون أملاً من آمال العالم الإسلامي في إعادة مجده وإحياء وحدته؟".

مضيفاً أن جوالة الإخوان استقبلت الملك عبدالعزيز في مطار القاهرة عام 1945 بالمشاعل والهتافات الإسلامية مرحّبين بمقدمه، وحين تحدد موعد زيارته للإسكندرية تجمّعت فرق جوّالة الإخوان بالإسكندرية في ملعب الأولمبي لتنظيم برنامج الاستقبال في الساعة الثامنة من صباح ذلك اليوم، بتوزيع الفرق التي ضمت 850 عضواً بالجماعة علي أماكن الاستقبال من محطة السكة الحديد إلي قصر الملك فاروق في رأس التين، وكان يوماً مشهوداً للإخوان المسلمين".

واستكمالاً لعملية البحث التي قام بها العتيبي حول العلاقة بين الإخوان والسعودية، قال في دراسته: لمّا تحمّس الإخوان لعقد مؤتمرٍ عربيٍ من أجل فلسطين، وجهت جماعة الإخوان المسلمين دعواتٍ لرجالات البلاد العربية، وحضر المؤتمر فارس الخوري من سوريا وغيره، وتوافد علي المركز العام رجال كثيرون من زعماء البلاد العربية والإسلامية ومن ذوي الرأي فيها، وكان ممن توافد الأمير فيصل بن عبدالعزيز آل سعود والأمير أحمد بن يحيي ومعهما بعض إخوتهما، أوفدوا من قبل والديهم ملك السعودية وإمام اليمن، ليتفاهموا مع الحكومة المصرية ومع الإخوان المسلمين فيما يجب عمله لإنقاذ فلسطين".

وتحت عنوان " ثورة اليمن والإخوان والسعودية" أوضح العتيبي أن ثورة اليمن 1948 كانت بداية توتّر العلاقة بين السعودية والإخوان المسلمين، وكان يتردد حينها "صار للدعوة الإخوانية وجودٌ في كل بلدٍ عربيٍ"، وأنّ "الإخوان يقيمون الدول ويسقطونها"، وقد أبدي الإخوان غضبهم من الملك عبدالعزيز لوقوفه ضدّ هذه الثورة، وقد كان لهذه الثورة آثارٌ علي المستوي المصري وأخري علي المستوي العربي، فعلي المستوي المصري فإنها ألقت في روع القائمين علي الحكم في مصر، فليلقوا بثقلهم أولا لإحباطها ثم ليعدّوا العدّة للقضاء علي مدبّريها وهم الإخوان المسلمون الذين بلغوا أشدّهم حتي أنّهم يقيمون الدول ويسقطونها. فوجد فاروق في مصر تجاوباً لأحاسيسه عند عبدالعزيز آل سعود في السعودية وقد قرّبت ما بينهما وأنستهما الخلافات التي كانت بينهما"، ويذكر العتيبي أن هذا الموقف جعل السعودية حذرةً في تعاملها مع حسن البنّا، وان جريدة الإخوان المسلمين، تطرقت في بعض أعدادها، لمشكلة اليمن.

السعودية والإخوان بعد البنّا

وكشف العتيبي في دراسته أنه لقد تعاقب علي منصب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ثمانية من الإخوان هم: حسن البنا، وحسن الهضيبي، وعمر التلمساني، ومحمد حامد أبو النصر، ومصطفي مشهور: المرشد الخامس للجماعة، ومأمون الهضيبي المرشد السادس للجماعة، ومحمد مهدي عاكف، والمرشد الثامن والحالي الدكتور محمد بديع: المرشد العام الثامن للجماعة،ويؤكد الباحث أن الإخوان المسلمون في عهد حسن الهضيبي مرت بأسوأ لحظات تاريخهم فقد ناصبوا ثورة الضباط الأحرار العداء ولم تدّخر الثورة جهداً في ردّ العداء بعداءٍ أشرس وأقسي، فكان حلّ الجماعة الثاني ثم الاعتقالات في 1954 وفي 1964 وقبلها وبعدها. وقد أودع الإخوان السجون وتعرضوا للاعتقال والتعذيب والتنكيل، وأعدم بعض رموزهم، وهرب من استطاع النجاة منهم إلي الخارج، وخصوصاً إلي السعودية ودول الخليج.

واستشهد "العتيبي" برواية علي عشماوي آخر قادة التنظيم الخاص: "لقد حضر الملك سعود للوساطة بين الإخوان والحكومة بعد الحلّ الأوّل، وفعلاً جامله أعضاء الثورة وفتحوا صفحة جديدةً مع الإخوان".

وأوضحت الدراسة أن الهضيبي قام بزيارة للسعودية في صيف عام 1954 بناء علي دعوةٍ من الملك السابق سعود بن عبدالعزيز، مما جعل العلاقة بينهما تزداد قوة بين الطرفين، وكانت السعودية قد بنت خلال سنواتٍ طوالٍ علاقةً قويةً مع الإخوان المسلمين كأفرادٍ وليس كتنظيمٍ، فاستقدمت الآلاف من قياداتهم وأفرادهم، ولم تكتف بإيوائهم بل سعت لتوفير الحياة الكريمة لهم ودعمتهم بشتي أنواع الدعم، فتولّوا مناصب حسّاسةٍ وحصل عددٌ منهم علي الجنسية السعودية وبعضهم حظي بالجواز الدبلوماسي.

و أكد "العتيبي" أن الجماعة استطاعت أن تشكل 3 لجان تابعة لها داخل السعودية في الرياض والدمام وجدة، وبعد وفاة عبدالناصر والإفراج عن حسن الهضيبي والإخوان المسلمين 1971 "انتهز الهضيبي فرصة الحجّ سنة 1973 فعقد أوّل اجتماعٍ موسّعٍ للإخوان في مكة المكرّمة وكان هذا الاجتماع هو الأوّل من نوعه منذ محنة 1954، ونظراً لأن معظم الإخوان في الخارج قد هاجروا إلي منطقة الخليج والجزيرة العربية أو البلاد الأوروبية والأمريكية فقد تركّز عمل لجنة العضوية في تلك المناطق: فتشكّلت لجنة الكويت، ولجنة قطر، ولجنة الإمارات، وقد سهّل علي الهضيبي هذه المهمة انتشار الإخوان في السعودية والخليج وتنظيماتهم المحكمة هناك.

وأشار "العتيبي" إلي ملاحظة في منتهي الأهمية في دراسته تكمن في أمر تشكيل مجلس الشوري العام ألا وهي "أنّ أقطار الخليج والجزيرة ممثلة أيضاً بثقلٍ يفوق أهميتها بكثير فحاجة التنظيم الدولي للإخوان للمال يتمّ تلبيته من خلال ذلك.. فمندوبو السعودية وقطر والإمارات والبحرين والكويت وعددهم سبعةٌ يتمّ دائماً توظيفهم في عملية جباية الأموال للتنظيم الدولي للإخوان".

وقال العتيبي إنه مع كل الدعم السعودي للإخوان واستقبال زعمائهم وكوادرهم في أحلك لحظات تاريخهم إلا أن التلمساني يزعم قائلاً: " قد علم العالم كلّه أن المرحوم الملك عبدالعزيز بن سعود عندما لمس قوة الإخوان وسريان دعوتهم في قلوب المسلمين قاطبة عندما أحس بهذا الخطر الزاحف علي الملكية المتسلطة المستغلة حذر الملك فاروق من خطورة دعوة حسن البنا وانتهي هذا التحذير بعد ذلك باغتيال الإمام الشهيد حسن البنّا وإقامة الملك فاروق للأفراح في قصوره عندما انتهي إليه نبأ الاغتيال"، وفي عهد التلمساني وفي العام 1977 "بدأت وفود الجماعة تتحرك للخارج لتصل ما انقطع، وبعد التلمساني جاء محمد حامد أبو النصر، وبعده مصطفي مشهور، ثم جاء مأمون الهضيبي، والأخير وصل للسعودية بغرض الحج ثم التحق بالعمل في قسم الحقوق العامة وقسم الحقوق الخاصة بوزارة الداخلية السعودية، ثم ذهب لمصر وعاد ثانيةً لعمله في السعودية، وبقي فيها حتي "زار الأستاذ عمر التلمساني مرشد الإخوان في ذلك الوقت السعودية للحج في منتصف الثمانينات وطلب منه النزول إلي القاهرة.

وأجاب الباحث في معرض دراسته عن سؤال غاية في الأهمية وهو لماذا كانت السعودية تستقطب الإخوان؟، موضحا ذلك بأن السعودية كانت لديها أسبابها الواقعية في تلك المرحلة لاستقطاب الإخوان المسلمين من شتي البقاع، بهدف مواصلة المملكة لسياسة الملك عبدالعزيز في استقطاب النابهين من العالم العربي في شتي المجالات، وكذلك سعي المملكة لمواجهة المدّ الناصري الثوري خصوصاً أنّ عبدالناصر ناصب الملكيات العربية العداء، وسعي إلي الإطاحة بعروشها ونجح مسعاه في ليبيا واليمن، فتبنّت السعودية دعم التضامن الإسلامي في وجه المدّ الناصري. وكان أقوي خصوم عبدالناصر في الداخل حينها هم الإخوان، فكان استقطاب الإخوان علي مبدأ عدوّ عدوّي صديقي، بالإضافة الي رغبة المملكة في تطوير الخطاب الديني المحلي، وكان الإخوان المسلمون يقدّمون حلولاً إسلاميةً وبحوثاً شرعيةً معمّقةً لتمرير مشاريع الدولة التي أعاقها الخطاب التقليدي، ويكمل العتيبي ما واجهته السعودية من تحديات داخلية تمثّلت في حركة أحد المتشددين الذي قام بضرب التلفزيون السعودي مع معاونيه والتي أشارت إلي تنامي خطاب التطرف داخل الخطاب التقليدي، وكان هذا الحادث اختراقاً لسلطة الملك وسيادة الدولة. وكذلك قيام تنظيمات حزبيةٍ ثورية منها القومي ومنها البعثي ومنها الشيوعي، تبنّت معارضة النظام بصراحةٍ ووضوحٍ، وانتشر بعضها بين العمّال وبين طلبة الجامعات، وكان أفضل من يقوم بمواجهتهم حينذاك هي جماعة الإخوان المسلمين، نظراً لخبرتها بأطروحاتهم ومقدرتها علي مقارعة حججهم بحججٍ دينية، وهي تجربة لم تنفرد بها السعودية بل استخدمتها أغلب الدول العربية في مواجهة المدّ اليساري، وسعي المملكة المشروع لإثبات نفسها كدولةٍ قائدةٍ ورائدةٍ، وكذلك تثبيت مكانتها وثقلها السياسي في العالمين العربي والإسلامي وفي العالم أجمع.

وفي المقابل تحدث العتيبي في دراسته عن أهداف الإخوان في السعودية التي قال عنها: كانت للإخوان أهدافٌ واضحةٌ في المهاجر التي لجأوا إليها وعلي رأسها السعودية، أهمها نشر دعوة الإخوان المسلمين فكراً وتنظيماً، من خلال السيطرة علي كل من العملية التربوية، والجمعيات الخيرية، والمؤسسات ذات الطابع الشمولي، كالمؤسسات الإسلامية الكبري ذات الأدوار السياسية، والتغلغل في كل أعصاب المجتمع بشتي السبل.

ولم يتجاهل الباحث مسألة التأثير السلفي علي الإخوان، فقد قال: عندما جاء الإخوان المسلمون للسعودية بخطابٍ دينيٍ مختلفٍ عن الخطاب السلفي السائد، واجهوا معارضةً لأطروحاتهم، وعانوا من عدم التقبّل الشعبي لها، وقد وجدوا حلّهم الخاص لهذه المشكلة، وكذلك أثّر الإخوان علي السعودية في مناحٍ شتّي تقدّم بعضها، وكان تأثيرهم إيجابياً حيناً وسلبياً أحياناً، وأشار الباحث إلي التأثير السلفي علي الإخوان الوافدين، من خلال تأثر الإخوان وحسب روايات بعضهم، بأنهم تأثروا بالشيخ ابن باز، واتجهوا لدراسة العقائد علي منهج السلف .

وطرح العتيبي تساؤلاً في بحثه خاص بـ"هل أنشأ الإخوان تنظيماً سعودياً؟" قائلاً: إن من طبيعة الحركات الأيديولوجية المنظّمة أنّها لا تنفكّ عن أيديولوجيتها وأن سعيها علي الدوام للتبشير برسالتها لا يتمّ إلا عبر رصّ صفوفها وإحكام تنظيمها في كل رقعةٍ تصل إليها.

وذهب الباحث إلي سيرة البنا واستشهد بما قاله حول هذا الأمر والذي قال فيه الأخير: "دعوتنا في الأقطار الشقيقة،والإخوان المسلمون لا يختصّون بهذه الدعوة قطراً من الأقطار الإسلامية".

كما ذكر الباحث في دراسته ما توصل إليه سعد الدين إبراهيم الذي قال: "حينما ضُربت حركة الإخوان المسلمين بواسطة الرئيس المصري جمال عبدالناصر في الخمسينات وفي الستينات، فرّ عددٌ كبيرٌ من الإخوان إلي المملكة العربية السعودية، المعقل الحصين للوهابية، حيث أحسنت وفادتهم وحمايتهم. كما أنّ عدداً كبيراً منهم شاركوا في بناء الدولة السعودية الثالثة، واستفادوا بقدر ما أفادوا أدبياً ومادياً، وهناك من أشار إلي صلةٍ بين الوجود القوي للإخوان المسلمين في الجامعات السعودية وظهور قادةٍ جددٍ للإخوان، وهو "أنّ القدرة التعبوية للجماعات الإخوانية في الجامعات السعودية، وتحديداً جامعة الملك سعود، وجامعة الملك فهد (البترول والمعادن سابقاً) وفي بريطانيا قد ساهمت مساهمة ملحوظةً، في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، في إطلاق قادةٍ جددٍ للحركة". وينقل العتيبي عن أحد المنظمّين السابقين لحركة الإخوان المسلمين قسم البحرين قوله: "لقد تمّ تنظيمي عن طريق خلايا الحركة التي كانت منتشرةً في حقبة السبعينات في الجامعات السعودية، لقد كنّا نخضع فيها لاختبار في قدرات التحمّل.. كأن يطلب منّا الخروج في ليالي الرياض الباردة بملابس داخليةٍ .. إلا أننا كثيراً ما ندخل دورات فكرية مختلطة الجنسيات من عرب الشام ومصر من المقيمين في المملكة العربية السعودية، أو من أساتذة جامعاتها المحسوبين علي حركة الإخوان المسلمين من العرب الوافدين وقلةٍ قليلةٍ من السعوديين"، إلا أنّ دور تنظيمات الإخوان المسلمين في الخليج في تنظيم الإخوان الأم، ظل يشبه دور البقرة الحلوب، يلعب دور المموّل بالمال فحسب - وفقاً لما أورده الباحث في دراسته - فالبرغم من "تدنّي موقعها مقارنةً بالجماعات العربية الأخري كالمصرية والسورية والأردنية التي ما زالت تحتكر المواقع القيادية في التنظيم وتمارس فوقية معرفية وأيديولوجية في تعاملها مع فروعها الخليجية التي منذ تأسيسها في الأربعينات حتي الآن، لم تبارح دور المموّل و(البقرة الحلوب) للتنظيمات الإسلامية العربية الأخري في مصر وبلاد الشام والمغرب والجزائر".

وعن التنظيم الدولي واستخدامه الأراضي السعودية استند الباحث لعدة شهادات من داخل الجماعة في مقدمتها شهادة الشيخ يوسف القرضاوي التي قال فيها: "التنظيم الدولي للإخوان المسلمين كان يعقد اجتماعاتٍ في مكة المكرمة والمدينة المنوّرة أثناء مواسم العمرة والحج".

واختتم العتيبي دراسته بالحديث عن نكران الإخوان الجميل للسعودية والإخوان، فقد آوت المملكة الإخوان المسلمين في أقسي الظروف، التي تعرضّوا لها، ولم تكتف بهذا بل منحتهم الفرصة في الحصول علي الحياة الكريمة عبر الوظائف والمناصب التي أتاحتها لهم، وتري السعودية أنهم أنكروا الجميل وعضّوا اليد التي مدّت لهم، ومن هذا تصريحٌ شديد الأهمية للأمير الراحل نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية السعودي وقتها قال فيه: "جماعة الإخوان المسلمين أصل البلاء. كل مشاكلنا وإفرازاتنا جاءت من جماعة الإخوان المسلمين، فهم الذين خلقوا هذه التيارات وأشاعوا هذه الأفكار" ويضيف بمرارةٍ "عندما اضطهد الإخوان وعلّقت لهم المشانق لجأوا إلي السعودية فتحمّلتهم، وحفظت محارمهم وجعلتهم آمنين" ويضيف "أحد الإخوان البارزين أقام 40 سنة عندنا، وتجنّس بالجنسية السعودية، وعندما سئل عن مثله الأعلي قال حسن البنّا"! ويكمل الأمير نايف تعليقا علي الغزو العراقي للكويت: "جاءنا عبدالرحمن خليفة والغنوشي والزنداني فسألناهم هل تقبلون بغزو دولة لدولة واقتلاع شعبها؟ فقالوا نحن أتينا للاستماع وأخذ الآراء" وبعد وصول الوفد الإسلامي إلي العراق فاجأنا ببيانٍ يؤيد الغزو"!

وأكد الباحث أيضا انه إن كان مستغرباً أن يقوم الإخوان بمثل هذه المواقف ضدّ السعودية فإن علي عشماوي يعتبرها سلوكاً إخوانياً فهو يقول: "فهم -أي الإخوان- يجيدون إيذاء كل من وقف معهم فترةً من الزمن، إذا حدث واختلف معهم مرةً، فقد ساعدتهم السعودية وقطر والكويت والكثير من الدول العربية، فما كان منهم إلا أن أساءوا إليهم وطعنوهم وانقلبوا عليهم.. فعلوا كذلك مع الدول التي آوتهم وأحسنت وفادتهم.. وكما قلنا كان مدرسو الإخوان في جميع هذه البلدان يجنّدون الشباب ويشحنونهم ضدّ حكّامهم وبلدانهم حتي ينقلبوا عليهم وكلما وجدوا فرصةً للانقضاض انتهزوها".

ويضيف عشماوي: "لقد راقبوا جميع حكّام الدول العربية التي عملوا بها وفتحت لهم أبوابها، كما جمعوا عنهم معلومات؟! وكم استعملوا تلك المعلومات ضدّهم أحياناً أو للسيطرة والحصول علي مزايا ومواقع في تلك الدول؟! .. لقد تعاونوا مع جميع الحكّام ما داموا يحصلون علي ما يريدون، ثم ما يلبثون أن ينقلبوا عليهم حين تختلف المصالح"

الدكتور «علي السمان» لـ"الموجز": أخشي علي «مرسي» من مستشاريه.. و«تأسيسية الغرياني» لا تصلح لإعداد دستور مصر


 حذر المفكر الدكتور علي السمان رئيس لجنة الحوار والعلاقات الإسلامية بالمجلس الأعلي للشئون الإسلامية من حالة الفقر الاستشاري التي تهدد مؤسسة الرئاسة في عهد الرئيس الدكتور "محمد مرسي".

"السمان" لم يستطع إخفاء قلقه من الأيام المقبلة، وفي الوقت ذاته طالب جميع الأطراف السياسية المصرية المتناحرة بالتوقف قليلا لالتقاط الأنفاس والبحث عن صيغة توافق عاجلة للخروج من المأزق الحالي الذي يهدد الوطن باستمرار حالة القلق التي كانت هي الأكثر ظهورا طوال المرحلة الانتقالية التي انتهت -قانونيا- بوصول الدكتور "مرسي" للقصر الجمهوري.

وعن هذا القلق وما يتردد عن مطالب الدعوة السلفية بـ"كوتة" في الحكومة المنتظرة كان الحوار التالي:

> لأكثر من عام ونصف العام عاشت مصر مرحلة انتقالية.. تعليقك علي تلك الفترة وهل من الممكن أن تستمر حالة التخبط التي كانت تعيشها مصر؟

بصفة عامة يجب التعقل في الحكم علي الأمور لأننا نعيش مرحلة كل طرف من الأطراف له وجهة نظر تتعارض مع وجهة نظر الطرف الثاني، وهناك أيضا إصرار من غالبية الأفراد لعدم الذهاب إلي التوافق، لكن مما لا شك فيه هناك ثوابت والخروج عنها هو الذي يفجر المشكلات والتي من بينها فكرة احترام وتطبيق أحكام القضاء، لكن الإشكالية هنا أنه حتي رجال القانون أصابهم ما أصاب الآخرين فهناك اتجاهات متعددة ومتناقضة حتي في تقييمهم لتلك الثوابت وأعتبر أنها خلقت بلبلة في رأي عام غير مطالب أن يكون لديه ثقافة قانونية ودستورية، وستصبح هناك اتجاهات وأحزاب وجماعات تريد تسييس هذه الأمور وتتصرف وكأن هناك معركة بينها وبين المحكمة الدستورية وبالتحديد جماعة الإخوان المسلمين.

> كيف تري تراجع الرئيس مرسي فيما يتعلق بقرار إعادة البرلمان؟

أولا.. بالنسبة لرئيس الدولة لا أقول إنه تراجع في قراره بالمعني المعنوي ولكن ممكن جدا أن يتم القول بتعبير يكون في صالحه وهو أنه درس جيدا الموقف وأمام الحكم الثاني للمحكمة الدستورية برفض قرار رئيس الدولة والتمسك بحل مجلس الشعب أن لغة العقل تقول إنه لا يوجد طرف أعلي من القضاء والقانون.

وإعادة التقييم صفة جيدة حتي لا يذهب الإنسان إلي اختيار حالة الصراع المستمر إنما الموقف الذي يجب ألا ننسي تقييمه هو الموقف الهادئ والصامت للمجلس العسكري.

> بما تقيم ما وصفته بـ"الموقف الصامت" من جانب "العسكري"؟

المجلس العسكري حينما اجتمع 5 ساعات ليبحث ماذا سيكون موقفه من قرار رئيس الدولة بالحل؟ اختار الصمت ولم يكن هذا الصمت بالصدفة ولكنه صمت ليقول إنه نفس الجهة التي تقيم قانونية قرار رئيس الدولة وسيترك ذلك للمحكمة الدستورية أولا، وبعد أن أصدرت قرارها واستجاب البرلمان إلي الوضع القائم أصدر رئيس المجلس العسكري المشير طنطاوي بيانا أعلن فيه تمسكه بالثوابت أي أنهم متواجدون لكي يطبقوا الإعلان الدستوري المكمل، وان ما قام به المشير تجاه الحل كان إجراء تنفيذيا شكليا لأن الموقف السياسي وقتها يقول وكأن المجلس العسكري هو الذي حل البرلمان وهذا غير صحيح لأن القضاء أصدر الحكم وباقي المجلس العسكري هو الجهة التنفيذية التي تؤشر عليه بالتنفيذ ليس أكثر ولذلك اكتفي بقرار رئيس الدولة.

> تقييمك للدكتور محمد مرسي خلال الأيام الماضية؟

بأمانة هو رجل واضح، واختار في خطابه أمام الميدان مقولة " انني سأكون مع من صوت لي ومن صوت ضدي" وهكذا يقولها أمام أنصاره ثم خلق نوعا من الشرعية الجديدة وهي شرعية العلم بذهابه إلي جامعة القاهرة، وهذه حقيقة شعرت حينها بالاطمئنان لمسلكه بأن قراراته واختياراته نابعة من عقيدته ورغبته وهذا تعبير استمده من طموحه أن يكون رئيسا للمصريين جميعا وليس رئيس جمهورية الإخوان المسلمين فهذا هو المنطق الطبيعي لشرعية انتخابه والمنطق أيضا للطموح الإنساني أن يكون رئيسا للجمهورية، وما أتي بعد ذلك أقلقني لعدة اعتبارات، الاعتبار الأول بحكم معرفتي بمؤسسة الرئاسة وحكم المرحلة التي عملت بها مستشارا مع الرئيس السادات ثم مديرا لمكتب رئيس الوزراء وقتها أيضا أحسست أنه ليس حوله مجموعة من المستشارين يتمتعون بحس عال وإلا فلم يكن سيذهب إلي هذا النوع من القرار.

أما الاعتبار الثاني أنه أعطي رسالة أن انتماءه ما زال للإخوان وليس لمصر لأنه أراد بهذا القرار أن تنحاز لما أصاب الإخوان من جٌرح بحل الإخوان.

> كيف تري شكل العلاقة بين "مرسي" وحكومة "الجنزوري"؟

ما أقلقني أيضا وهو ما اسميه بلغتي "الديانة بتوع مرسي" وهم ممن يقولون إنهم أعطوه ربع مليون صوت وبعد ذلك نصف مليون ويريدون منه أربع حقائب حتي هذه من ناحية الذكاء السياسي يجب أن نؤجل هؤلاء "الديانة" ونترك "الجنزوري" كما هو ونري كيفية الانتهاء من هؤلاء "الديانة" بعد وليس قبل ولكن داخل هذه اللعبة السياسية فهل هم سيصبرون؟ وهل مرسي قادر علي أن يفرض هذا؟ هذه كلها تعتبر مسائل سهلة لمن هو علي الجبهة ونعلم انه هو المتواجد بالفعل علي هذه الجبهة وهو من بيده أن يقرر.

> هل تقصد من كلامك أن مؤسسة الرئاسة بوضعها الحالي فقيرة؟

كلمة مؤسسة الرئاسة في حالة الدكتور مرسي بالذات تحتاج إلي وجود كم من المستشارين بمستوي عال وهذا لم أره حتي الآن فما يقال حاليا وليس لدي أدلة فيها عن الدور العالي والنشط لـ"خيرت الشاطر" فدوره يبدو مؤثرا فيما تم اختياره من معارضين لرئيس الدولة بدءا من رئيس ديوان رئيس الجمهورية فلم أر حتي الآن وجودا يطمئنني أن الرجل تتم معاونته علي المستوي القومي للمشاكل أما النقطة الثانية أن البرامج التي وضعها كان بها خطأ في الاستجابة علي بعض المطالب السريعة مثل النظافة والنهوض بالتعليم والمشاكل الفئوية الخفيفة وفي حدود تجربتي السابقة هذه مهام يجب أن يقوم بها المحافظون والوزراء ولكن مرسي مهامه تكون علي مستوي أعلي في التخطيط للدولة وتوجهها، فرقم واحد نريد عودة الأمن والاستقرار وربطه بعجلة الإنتاج وكان نفسي أن برنامج الـ100 يوم يقول كيف نعيد الأمن والاهتمام بتحقيق هذه النقاط ولكنه ذهب إلي مواضيع لها قبول شعبي ولكنها ليست من اختصاص رئيس الدولة بل عليه أن يهتم باستراتيجية أكبر وأبعاد قومية أكبر.

> ماذا عن الأقاويل التي تتردد وتؤكد أن مكتب الإرشاد يلعب دورا كبيرا في دولة "مرسي"؟

ليس لدي معلومات خاصة تقول ولكن من الطبيعي أن لمرشد الإخوان وجماعته رأيا وعلاقته جيدة بينه وبين رئيس الدولة وبالتالي من الطبيعي أن يكون هناك رأي ومشورة تذهبان إلي مرسي، لكن أتمني فقط من الطرفين، ولي فيهم أصدقاء كثيرون خاصة مهدي عاكف وهو من أقربهم عندي، النظر لمصلحة الدولة وأن يعطي لمرسي حرية الحركة لكي يستقر في ضمير هذا الشعب أنه فعلا رئيس الجمهورية، وأنه يجب أن يترك للرجل مساحة إبداء الرأي بنفسه وأن يكون هو مقتنعا بأهمية منصبه وعلي مستوي الواقع ليس سهلا فهم يقولون" نحن أصحاب الفضل بأن يأتي هذا الرجل إلي كرسي الرئاسة".

> كيف تري شكل العلاقة المستقبلية بين المجلس العسكري والرئيس مرسي؟

الأكيد أن المجلس العسكري يريد أن يحتفظ بما تقرر داخل الإعلان الدستوري المكمل وأن يمارس مسئوليته حتي تاريخ الانتهاء من الدستور وأعتقد أن الدكتور محمد مرسي كشخص مؤمن أن مسئولياتهم محددة في ممارسة السلطة التشريعية ولكن أتمني في تقييمه الشخصي لدور القوات المسلحة أن يضع في الاعتبار أن المجلس العسكري ليس جماعة وليس حزبا إنما يمثل القوات المسلحة ككل وحينما نتكلم عن كلمة القوات المسلحة يجب أن نضع في الاعتبار تاريخ هذا الجيش المعروف للجميع فهو يتعامل مع مؤسسة وطنية وقومية الهدف كما أنه أهم أنها مؤسسة قوية ومنظمة وهذا ما جعله يدخل في مشاغبات غير عادلة.

ومن كان يقول إنه يجب سرعة تسليم السلطة هو يعرف جيدا أنها لن تستمر لأن في كل دول الربيع العربي العالم كله سعد وفرح بهذه الثورات ثم جاء ما بعد الثورات وانقسمت هذه الدول وعادت إلي نظام قبلي وهي في سبيلها إلي الانقسام الجغرافي ومصر لن يمكن أن هذا يصدق فيها الانقسام لسبب واحد موضوعي وواقعي أن هناك بلدا ووطنا قويا علي الأرض إذن من مصلحة مرسي أن يبقي علي نوعية علاقة عالية لجيش ليس له أهداف غير الأهداف المنوط بها والقومية.

> هل يعني هذا أنه من حقهم أن نكرم المجلس العسكري؟

أتمني دون غرور أن يستفيد إلي ما اقترحته له بأن يتم إعطاء وشاح للمشير طنطاوي ونجمة سيناء إلي جميع أعضاء المجلس العسكري بمن فيهم خدماء المجلس لأن هناك أشخاصاً خارج المجلس من حقهم التكريم مثل محافظ الوادي الجديد وكل من شارك لأن ما فعلوه شيء كبير للدولة، والجيش صاحب الفضل الأول والأكبر في حماية هذه الدولة فمنذ أن خرج ببيانه الأول ليقول لن نطلق الرصاص علي المتظاهرين تم نزع السلاح منهم علي الفور.

> ماذا عن قلق الأقباط من صعود التيار الإسلامي ووصول أحد رجاله للمقعد الرئاسي؟

أولا أنا أفهم قلقهم وبالذات من بعض التيارات التي تريد أن تطمئنهم مثلا فيقال إن لغة العقل تقول أن يتم تعيين ثلاثة نواب منهم، وسبق أن كتبت في أحد أعمدتي أنني أرشح منير فخري عبد النور نائبا لرئيس الجمهورية فهو شخصية مقبولة كثيرا وكان يمكن أن تصل نفس المنطقة إلي الرئيس الحالي.

والقلق والإحباط مفهوم والطرف الذي يقلق له أسباب مفهومة ووحدة هذا الوطن هدف قومي أسميه بلغتي رقم واحد إذن أفهم قلق الأقباط من بعض الاتجاهات ذات التيار الإسلامي ومن بعض مطالبات الجانب السلفي بالذات غير مقبولة إطلاقا.

> تعالت خلال الأيام القليلة الماضية أصوات من داخل المعسكر السلفي تطالب بـ"كوتة" في الحكومة الجديدة.. وطالب بعدة وزارات في مقدمتها وزارة "التربية والتعليم".. تعليقك؟

علي المستوي الشخصي أقول إنه مرفوض تماما فمثلا التعليم أهم من وزارة الدفاع لان وزير الدفاع سيأتي تنظيما من المؤسسة العسكرية،أما وزير التعليم فهو مستقبل مصر فلابد أن يكون مهنيا في المقام الأول وبشكل عال ولا أقول سلفيا أو اخوانيا أو أي شئ آخر ولكنني أريده مهنيا وتربويا.

> رؤيتك للجمعية التأسيسية الثانية للدستور؟ وهل من الممكن أن تنحل؟

أعتقد أنه يجب إعادة صياغتها من جديد وأتمني أن يصدر حكم بحلها لأنها غير مؤهلة لإعداد الدستور.

> لكن البعض يري أن مثل هذا الأمر من الممكن أن يعطل عملية صياغة الدستور..إلي أي مدي تتفق مع هذا الرأي؟

بالعكس.. لم أجد في هذه الجمعية أي تمثيل لكلمة الشرعية والمفروض أنها جزء من تقاليد العالم كله ولابد أن تشمل جميع شرائح المجتمع منهم رجال القانون ولذلك لدي قلق من انقسام رجال القانون.

ولا أعتقد أننا في احتياج إلي وقت طويل، وشخصيا أكون مطمئنا إلي موضوعية قرار المجلس العسكري لأنه عندما يأتي للتنفيذ سينفذ أكيد لاعتبارات قومية بحتة ولا ننسي أن المشكلة بدأت حينما بدأ البرلمان باختيار العناصر واكتشف أن المجتمع كله أن معظم العناصر تأتي من نفس التيار فاستقال الكثيرون.

> هل تتفق مع الآراء التي تؤكد أن الأزهر الشريف يتعرض لمخطط تحجيم كبير؟

هناك محاولات ولكنها غير واضحة للنيل من دور الأزهر،ولكن لن يستطيع كائن من كان إلغاء تاريخ ألف عام، ثانيا علينا أن نكون منصفين ونقول إن لدينا فرصة تاريخية مع إمام الأزهر لأول مرة يجمع رأي علماء الدين مع مثقفي مصر في مؤسسة واحدة، وما هو أهم أن الدكتور أحمد الطيب هو الذي أصر علي إنشاء هيئة كبار العلماء اي يأتي بشيخ الأزهر بالانتخاب في حين أنه معين من رئيس الجمهورية وإذا عين فلن تستحيل إقالته وهو في وضع مستقل، ولدينا أيضا في المؤسسة الدينية فرصة لا تعوض فبجانب شيخ الأزهر هناك المفتي بعلمه واستجابة الناس له.

> كنت واحدا من المقربين للفريق أحمد شفيق واللواء عمر سليمان هل تري أن سفرهما الآن إلي الإمارات يعتبر هروبا؟ وما دورهما السياسي في الوقت الحالي؟

لا أحب تعبير المقرب ولكن مع شفيق كنت أعتقد أن تجربته السياسية الداخلية جيدة وعمر سليمان بحكم تجربتي الطويلة أعتبر أن المرحلة الأولي للدولة كانت في احتياج شديد لمثل هذا الشخص الذي يستطيع السيطرة علي عودة الأمن بشكل سريع، ومسألة سفرهما أعتقد أن عمر سليمان سافر لأسباب صحية وولي العهد عرض عليه أن يجري العملية لديه ولحق به بعض الأطباء وسيرجع مرة أخري.

وفي حدود معرفتي فرحلة أحمد شفيق هي رحلة ترويح عن النفس بعد الجهد الذي بذله في مرحلة الانتخابات وقبلها الجهد الذي بذله في رئاسة الوزراء وقد يكون من الخير أن ننتهي وأن يكون لدينا حزبان في الدولة حزب يمثل التيارات الإسلامية والحزب الآخر يمثل التيارات المدنية بمن فيهم الأشخاص الذين صوتوا لشفيق لكي نصبح مثل أمريكا وإنجلترا.

الاثنين، 2 يوليو 2012

محاكمة مبارك والقصاص لشهداء الثورة أخطر 4 ملفات تهدد مستقبل "مرسي" في قصر الرئاسة


يدخل الدكتور محمد مرسي قصر الرئاسة وتحت قدميه 4 قنابل موقوته يمكن أن تنفجر في وجهه وتطيح به من اللعبة السياسية برمتها في أي وقت، ويحمل المرشح الإخواني الفائز بالانتخابات الرئاسية علي عاتقه مهمة صعبة في ظل مناخ سياسي محتقن يتربص فيه كل طرف بالآخر ويسعي فيه كل فصيل إلي إسقاط الفصيل المناهض له.

إعادة محاكمة الرئيس المخلوع.. والقصاص لشهداء ثورة الخامس والعشرين من يناير.. والانتهاء من محاكمات رموز النظام السابق.. والتعامل مع الفلول ملفات شائكة تنتظر "مرسي" في الأيام الأولي له في قصر الرئاسة، وسيتوقف نجاح الرئيس الجديد علي مدي قدرته علي تحقيق إنجاز يحسب له في أي من تلك الملفات.

وفيما يتعلق بملف إعادة محاكمة الرئيس المخلوع فقد رفع مرسي سقف طموحات الثوار حينما تعهد في بيان أصدره عقب الحكم علي مبارك بإعادة محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك، حال انتخابه رئيسا للجمهورية.

وقال مرسي إنه فور تحمله المسئولية حال تكليفه بها، سوف يأمر بتشكيل أكفأ فريق عمل من رجال البحث الجنائي، والأدلة الجنائية، ورجال النيابة العامة، والخبراء من جميع المجالات، للبدء من جديد باتخاذ إجراءات الاتهام، ثم التحقيق في جميع الجرائم التي ارتكبت ضد الثوار في جميع محافظات مصر، وكذلك الجرائم التي ارتكبها رموز النظام السابق ضد الشعب المصري علي مدار عقود لأن تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم.

وأكد الرئيس الجديد التزامه بالقصاص لأرواح شهداء الثورة، ومصابيها الأبطال، مشيرا إلي أن هؤلاء الشهداء كانوا وبحق زخم ووقود الثورة، وأن أرواحهم الطاهرة ودماءهم الذكية كانت ثمنا لحرية هذا الشعب، ومقابلا لاسترداد كرامته، دفعه الشهداء والمصابون وأسرهم، التي تجرعت نار الحزن والأسي، وكان عزاؤهم الوحيد أنهم أحياء عند ربهم يرزقون"

وتابع مرسي: "انتظر الشعب بكامله علي مدار سنة ونصف الحكم الذي يقيم شرع الله، ويعيد الحقوق إلي أصحابها، ويعاقب الجناة الحقيقيين، ويردع كل من تسول له نفسه المساس بأرواح أو دماء هذا الشعب، الذي أعاهده أنني سأكون مسئولا أمام الله عن القصاص لهم من القتلة الحقيقيين".

كما تعهد "مرسي" بتقديم بجميع الوقائع الجديدة والأدلة التي تسفر عنها عمليات البحث والتدقيق والاتهام لسلطة التحقيق، التي سيقوم بها أكفأ قضاة التحقيق في مصر للفصل بين سلطة الاتهام وسلطة التحقيق، للوصول إلي القتلة الحقيقيين، وكل من شارك في ارتكاب هذه الجرائم بجميع صور المشاركة، سواء بالمساعدة أو التحريض أو الاتفاق، ومن أصدر الأوامر بقتل المتظاهرين أو استعمال العنف.

ونظرا للتصريحات التي أطلقها الرئيس الإخواني فلم يكن غريبا أن يتم تسريب أنباء عن اصابة الرئيس السابق بحالة نفسية سيئة داخل مستشفي المعادي العسكري، بعد إعلان المستشار فاروق سلطان رئيس اللجنة العليا للانتخابات، فوز الدكتور محمد مرسي برئاسة الجمهورية وأكد مصدر أمني أن مبارك أصيب بحالة اكتئاب وامتنع عن الكلام.

ورغم كل تلك التصريحات الساخنة للمرشح الرئاسي الفائز فإن أي فشل أو تقصير في إعادة محاكمة الرئيس المخلوع ربما يكون خنجرا يستخدمه خصومه لطعنه والتشكيك في قدرته علي إدارة البلاد بالشكل المطلوب.

علي التوازي مع ملف إعادة محاكمة مبارك تبقي العلاقة بين مرسي وفلول النظام البائد أحد العوامل المؤثرة في قدرة الرئيس الإخواني علي تثبيت قواعد حكمه والحصول علي دعم وتأييد قطاعات عريضة في المجتمع.

ورغم أن الرئيس الجديد شن هجوما حادا علي الفلول بعد نتائج الجولة الأولي من الانتخابات الرئاسية بعد أن أعطوا أصواتهم للفريق شفيق الا أنه تراجع سريعا عن تلك التصريحات وقال إنه سيكون رئيسا للمصريين.

ولم تخل خطابات مرسي من "ذلات اللسان" التي استخدمت ضده في السباق وكان أبرز تلك الشطحات : "سأدوس بقدمي علي كل أتباع مبارك إذا حاولوا تزوير الانتخابات".

وتناقلت وسائل الإعلام هذا التصريح بعد الجولة الأولي للانتخابات، وتم تحريفه إلي :"سأدوس من صوت لشفيق بقدمي"، وهو ما أثار غضب الكثير ممن رفض هذه اللهجة المتعالية في الحديث، ودفعت أغلب أبناء محافظة المنوفية لاستعداء مرسي بعد هذا التصريح، خاصة أن المنوفية ذهب أغلب أصواتها لصالح المرشح أحمد شفيق، وهو مانفاه مرسي في أول مؤتمر صحفي له في المحافظة بمركز شبين الكوم.

وهاجم "مرسي" الفلول في موقف آخر قائلا إن من يساعدون شفيق لا يزيدون علي 32 عائلة تضم من 300 إلي 400 فرد، ارتبطوا بخطايا النظام السابق، ويتحركون في الخفاء لتضليل الشعب المصري لحماية أنفسهم، مؤكدا أنه لن يتركهم يعيثون فسادا، وسيحاكمهم جميعاً لأنهم خانوا الوطن، وذلك خلال مؤتمر جماهيري في قرية بطا بمدينة بنها.

وينتظر "مرسي" العديد من الأزمات أولاها الجدل المثار حول حلفه اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا أو مجلس الشعب المنحل، وكذلك صراعه علي صلاحياته التي انتزعها منه الإعلان الدستوري المكمل، ومحاولة إعادة المجلس المنحل للانعقاد.

ويبقي مصير الجمعية التأسيسية للدستور مرهونا بحسم الموقف بين الرئيس المنتخب والمجلس العسكري، وكلها ملفات ساخنة تواجه رئيسا ليس لديه خبرات سابقة بالإضافة إلي مخاوف قطاع عريض من الناخبين، من الانحراف بهوية مصر تدريجيا، بدعم من الرئيس المنتخب، وهو ما ستواجهه القوي المدنية التي تخشي من الدولة الدينية بمزيد من التصعيد.

كارتر.. قصة العجوز الأمريكي الذي تنبأ بحكم الإخوان


جيمي كارتر

.. قصة العجوز الأمريكي الذي يحكم مصر
 يعتبر الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر الملقب بمهندس عملية السلام بين مصر وإسرائيل أشهر من جاء للقاهرة لمتابعة ومراقبة الانتخابات الرئاسية المصرية، ليدلي بشهادته حول نزاهتها. "كارتر" الذي أصبح رئيسا لواحدة من أشهر المنظمات الحقوقية في العالم وهي منظمة كارتر للديمقراطية أصبح ضيفا دائما علي القاهرة في الشهور الأخيرة وصار واحدا من أبرز السياسيين الدوليين الذين يحرصون علي الجلوس مع مختلف القوي السياسية. ورغم أن المهمة المعلنة لقدوم كارتر الي القاهرة تؤكد أنه جاء لمتابعة الانتخابات الرئاسية فإن من تابع تحركات ولقاءات كارتر يتضح له أنه جاء في مهمة أخري إلي جانب مهمة مراقبة الانتخابات، وهي فيما يبدو الوقوف علي اهم ملامح السياسة المصرية في عهد الاخوان ولم يترك كارتر قيادة دينية أو سياسية في مصر إلا والتقي بها حيث تحدث معها عن مستقبل مصر السياسي بعد ثورة 25 يناير، ويبدو أنه كان معنيا بدرجة كبيرة لتحديد ملامح مصر الجديدة داخليا وخارجيا. وكان قد التقي كارتر مع المستشار فاروق سلطان رئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية.. ورغم أنه أشاد بالعملية الانتخابية خلال الجولة الأولي لم يأت خلال الجولة الثانية الأمر الذي يثبت انه جاء في الجولة الاولي لمهمة محددة تتمثل في بعث رسائل او حمل رسائل لا سيما فهي حماية الاخوان المسلمين ومما يؤكد انحياز كارتر الذي يمثل انحياز الادارة الامريكية الي الجماعة هو رفض الاعلان الدستوري وحل مجلس الشعب وايضا رفض قانون العزل، لبحث دور المنظمات في متابعة سير العملية الانتخابية والتحول الديمقراطي الذي جاء بعد 25 يناير، وعقد أول انتخابات نزيهة في مصر للرئاسة، في لقاء يبدو متوافقا مع المهمة الأساسية لكارتر كمراقب للانتخابات.

كما التقي كارتر مع رأس السلطة الحالية في مصر وهو المشير حسين طنطاوي القائد العام رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة، حيث تناول اللقاء تطورات الأوضاع علي الساحتين الداخلية والخارجية والأحداث الراهنة التي تشهدها مصر وعدد من دول المنطقة وتأثيرها علي عملية التحول الديمقراطي وبناء مؤسسات الدولة في مصر بعد الانتخابات البرلمانية وخلال المرحلة الانتقالية حتي تسليم السلطة لرئيس مدني منتخب ومناقشة أوضاع منظمات المجتمع المدني العاملة بمصر وطبيعة عملها خلال الفترة القادمة وتوجه كارتر بالشكر للمشير طنطاوي علي دعوته للمنظمات غير الحكومية لمشاهدة سير العملية الانتخابية أثناء مراحل الانتخابات الثلاث،وحضر اللقاء عدد من أعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة. وأكد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر لطنطاوي إعجابه بشفافية الانتخابات المصرية في جميع مراحلها وقال إنها ايجابية وتمثل البداية الصحيحة علي طريق الديمقراطية. كما استقبل كمال الجنزوري رئيس الوزراء، الرئيس الأمريكي الأسبق في مكتبه، حيث أكد خلال اللقاء علي عمق العلاقات المصرية الأمريكية وانه لن يكون هناك أية تغيير في سياسة مصر والتزاماتها الخارجية مؤكدا أهمية عودة الأمن لدفع عجلة الاقتصاد. والتقي الرئيس الأمريكي الأسبق، جيمي كارتر أيضا، بنائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر، والدكتور عصام الحداد، مسئول العلاقات الخارجية لحزب الحرية والعدالة، ومنسق الحملة الانتخابية للدكتور محمد مرسي، بمقر مكتب الإرشاد بمنطقة المقطم حيث استعرض الجانبان خلال ساعة ونصف تقريبا، آخر ما آلت إليه مؤشرات التصويت للانتخابات الرئاسية في الجولة الاولي التي لم يكن قد تم الإعلان عنها بعد، والمنافسة الواضحة للدكتور محمد مرسي، مرشح حزب الحرية والعدالة، علي كرسي الحكم في مصر، إضافة لبحث مستقبل العملية السياسية بمصر.. في حالة وصول الاخوان للرئاسة. ويبدو أن زيارة كارتر لمقر جماعة الإخوان المسلمين كان بهدف محدد هو الاطمئنان علي مستقبل اتفاقية السلام، التي كان له دور كبير في إتمامها، حيث كان رئيسا للولايات المتحدة الوسيط الرئيسي بين مصر وإسرائيل حينذاك، والدليل علي هذا أن كارتر صرح بعد لقائه للشاطر أن الإخوان المسلمين ليس لديهم أي نية لإلغاء اتفاقية السلام، ولكن قد يطالبون بتعديل بعض البنود، الأمر الذي اعتبرته إسرائيل إيجابيا. كما حرص كارتر علي لقاء الفريق أحمد شفيق بعد أن تبين له تقدمه في الانتخابات، بأحد فنادق القاهرة، حيث استمر اللقاء حوالي الساعة، وشهد الحديث عن سير العملية الانتخابية التي تشهدها مصر، ومدي تقدم الفريق أحمد شفيق في السباق الرئاسي. و يبدو من تلك اللقاءات أن كارتر كان يجيء لمصر خصيصا ليضع يده علي السياسات المستقبلية للدولة الأكبر بالمنطقة، واضعا في الاعتبار كل الاحتمالات، وليس فقط لمراقبة الانتخابات. في السياق ذاته حرص كارتر أيضا علي لقاء القيادات الدينية حيث التقي الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بالإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وأكد المتحدث باسم الأزهر عقب اللقاء أن المناقشات بين الإمام الأكبر وكارتر تطرقت إلي الحديث عن القضية الفلسطينية التي سيطرت علي النقاش، حيث أثني الطيب علي حكمة كارتر وتفهمه لوضع حقوق الإنسان في فلسطين.

ولم يكتف كارتر بزيارة رأس القيادة الدينية الإسلامية في مصر، بل التقي بالأنبا باخوميوس، القائم بأعمال بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالمقر البابوي بالعباسية،وحضر اللقاء الدكتور صفوت البياضي، رئيس الكنيسة الإنجيلية، والأنبا بطرس فهيم، معاون بطريرك الأقباط الكاثوليك، والأنبا نيقولا أنطونيو، وكيل بطريركية الروم الأرثوذكس بالقاهرة، والمطران منير حنا، مطران الكنيسة الأسقفية، ومن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الأنبا موسي، أسقف الشباب، والأنبا يؤانس الأسقف العام، والأنبا مكاريوس الأسقف العام، في لقاء مغلق استغرق ما يقرب من 45 دقيقة. وبعد اللقاء أوضح الأنبا باخوميوس أن جيمي كارتر اعتاد أن يزور بابا الإسكندرية الراحل شنودة الثالث كلما حضر لمصر،مشيرا إلي أن سبب زيارته للتعزية في وفاته، ولافتا إلي أن اللقاء تضمن الحديث عن انتخابات الرئاسة ومستقبل مصر، وعن موعد إجراء انتخاب البابا الجديد، وعلاقة المسلمين والمسيحيين في مصر. وأضاف باخوميوس أنه أوضح لكارتر أن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين طيبة للغاية، ولا مانع من وجود المادة الثانية الخاصة بالشريعة الإسلامية مع إضافة فقرة توضح أن غير المسلمين يحتكمون لشرائعهم خاصة في أحوالهم الشخصية. كما أخبره عن آخر مستجدات انتخاب البابا الجديد، موضحا له أنه يتوقع اختياره بين شهري أكتوبر ونوفمبر المقبلين إذا صارت الأمور بشكل طبيعي، موضحاً أن الأقباط أصبحوا منتشرين في العالم كله، والكنيسة اتسعت عن عام 1957 وأنه يسعي لتفسير اللائحة بشكل يتوافق مع المتغيرات دون تغييرها. وأوضح الأنبا باخوميوس أن كارتر تمني للكنيسة أن تمر الانتخابات بهدوء وديمقراطية وأن يعم السلام مصر، وتكون مصر دولة تراعي حقوق الإنسان ولا تمييز بين مواطنيها، مضيفاً أنهم تذكروا معاً الزيارة التي قام به البابا شنودة لأمريكا في نهاية السبعينيات من القرن الماضي، وكان الأنبا باخوميوس ضمن وفد الزيارة. كما استثمر كارتر وجوده بالقاهرة الذي تزامن مع وجود وفد حركة حماس، ليقف علي آخر تطورات القضية الفلسطينية حيث التقي رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، والوفد المرافق له بأحد فنادق القاهرة، حيث بحث الجانبان عدة ملفات فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.. والتي ستتأثر ايضا بنتائج الانتخابات المصرية.

مهمتها تسويق الجماعة في الغرب:سندس عاصم.. سفيرة الإخوان في بلاد "العم سام"


تضع جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة معايير صارمة للشخصيات المتحدثة باسم الجماعة والحزب في الداخل وفي الخارج أيضا ولا تتهاون الجماعة مع أي شخص ينتمي لها يقصر فيما وكل إليه من مهام.

وبمجرد اعلان الاخوان عن رغبتهم في خوض غمار المنافسة في سباق الانتخابات الرئاسية كان لابد أن تعد فريقا قويا يمثلها في الخارج، وبالطبع كان لابد ألا يخلو هذا الفريق من وجود المرأة لإعطاء رسالة قوية للخارج تفيد بمدنية الجماعة وعدم رغبتها في إقصاء المرأة، ومن أبرز الوجوه النسائية بالجماعة والتي مثلتهم في الداخل والخارج هي سندس عاصم رئيس تحرير موقع الجماعة الناطق باللغة الإنجليزية، والتي سافرت كثيرا ضمن وفود الحزب للخارج لتوضيح رؤية الحزب في مختلف المجالات، ولعل أخطر هذه السفريات تلك التي قامت بها لواشنطن بعد إعلان اسم خيرت الشاطر كمرشح للجماعة في الانتخابات الرئاسية قبل رفض اللجنة العليا للانتخابات ترشحه واستبدال محمد مرسي به... ولأن الجماعة تعلم جيدا أن الولايات المتحدة لابد أن يكون لديها شعور بالرضا حيال الرئيس المصري، أجرت سندس عاصم مشاورات سرية مختلفة مع المسئولين الأمريكيين حول ترشح اخواني للرئاسة، وكان الهدف من وراء المشاورات الحصول علي مباركة أمريكا والمؤسسات المختلفة بداخلها لترشح أي من أعضاء الجماعة.

وعقدت عاصم عضو لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة والوفد المرافق لها، محادثات مع مسئولين وخبراء في مؤسسات بحثية بواشنطن بشأن دورهم المتنامي قبيل انتخابات الرئاسية في إطار حملة دبلوماسية لحشد التأييد لمرشحها.

وشاركت عاصم بمنتدي بجامعة جورج تاون في واشنطن حيث حرصت ان تبعث رسالة تهدئة إلي واشنطن من خلال كلمتها التي قالت فيها "نحن هنا لنبدأ مد جسور التفاهم مع الولايات المتحدة".. ولم يتوقف كلامها عن أمريكا والتغزل بدورها عند هذا الحد بل أضافت "ندرك الدور شديد الأهمية الذي تلعبه الولايات المتحدة في العالم ونود أن تتحسن علاقاتنا مع الولايات المتحدة عما كانت عليه قبل ذلك"... وأكدت عاصم خلال حديثها للولايات المتحدة أن حزب العدالة والحرية ملتزم بمبدأ مدنية الدولة وبأهداف الشريعة وليس بتطبيق أمور بعينها.

وأضافت أن مبادئ الحرية وحقوق الإنسان والعدالة للجميع هي الاولوية لحزب الحرية والعدالة.

كما حرصت عاصم علي أن تلتقي بوسائل الإعلام الأمريكية ومن بينها صحيفة واشنطن بوست لتنقل فكر الإخوان إلي الغرب، موضحة أن الجماعة تقدم وجهة نظر معتدلة ووسطية، وأولوياتها اقتصادية بالأساس وسياسية تحافظ علي قيم الثورة كالعدل الاجتماعي والتعليم والأمن.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن عاصم والوفد المرافق لها زار الولايات المتحدة للإجابة علي تساؤلات تتعلق بعلاقة جماعة الإخوان المسلمين مع الجيش المصري وموقفها من المساعدات الأمريكية للجيش، لكن وفد الجماعة لم يقدم سوي إجابات غامضة وفضفاضة... وعلي عكس سياسة حزب الحرية والعدالة الذي يفضل أن تكون لقاءاته مع المسئولين الغربيين ولاسيما الأمريكيين سرية،لم تجد عاصم أي مشكلة في أن تتحدث عن زيارة وفد الحزب إلي واشنطن موضحة أن الهدف من الزيارة جذب الاستثمارات إلي مصر والتشجيع علي التبادل الاقتصادي والتجاري بين الدولتين.

كما أوضحت أن زيارة الولايات المتحدة تأتي ضمن سلسلة من الجولات التي يقوم بها حزب الحرية والعدالة في آسيا وإفريقيا وأوروبا وأمريكا، للتشجيع علي السياحة وجذب الاستثمارات وخلق شراكات مستقبلية.

وبررت سندس أيضا أن جميع الجهات التي قابلها الوفد كانت بحاجة إلي رسائل تطمين حول وضع الاقتصاد والاستثمار في مصر، في حالة وصول التيار الإسلامي إلي الحكم، زاعمة أن الجميع أعرب عن حالة من الارتياح لرؤية وفد حزب الحرية والعدالة.

واعترفت عاصم بأن الحزب وجماعة الإخوان المسلمين يقومان بمجموعة من الزيارات المتبادلة مع أمريكا وأوروبا منذ فترة، موضحة أن الزيارة شملت مراكز أبحاث ووسائل إعلام، بالإضافة إلي عدد من الجامعات، بجانب مقابلة مسئولين في البيت الأبيض والخارجية الأمريكية، بهدف بناء الثقة وتعزيز الفهم المتبادل.

وتشارك عاصم في المنتديات والملتقيات الدولية التي تبرز دور المرأة في المجتمعات المختلفة، وباتت تمثل نموذجا للمرأة المصرية الثورية، التي شاركت في ثورة يناير وتري أن الثورة لم تكن لتبدأ لولا مجموعة من النساء المصريات اللاتي قدن الطريق إلي التحرير في 25 يناير الماضي، موضحة أن المرأة ساعدت الرجال علي الذهاب إلي التحرير، ولافتة إلي أنه كان من الصعب للغاية أن يتخطي الرجال الحواجز الأمنية، لذلك وقفت النساء في المقدمة من أجل الرجال الذين أتوا خلفهم، وعندما رأت قوات الأمن عدد النساء في المقدمة خافوا ولم يستطيعوا مهاجمتهم.

وكانت سندس تنظم التواصل مع المجتمع والعلاقات العامة لجماعة الإخوان المسلمين حتي عام 2011 وكانت تفعل ذلك تحت اسم مستعار لدواع أمنية، وكانت تدير دار نشر تابعة لعائلتها قبل الثورة، وبعد الثورة أصبحت رئيسة تحرير موقع الإخوان ويب،وهو الموقع الرسمي للجماعة الناطق باللغة الإنجليزية، ونظرا لإجادتها للغة الإنجليزية ودرايتها الجيدة بالعادات الغربية تم اختيارها من قبل الجماعة لتكون احد سفرائها الذين ينقلون أفكارها للغرب... وبدأت عاصم وهي ابنة عاصم شلبي القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، في الظهور لدي الدوائر البحثية والإعلامية الغربية باعتبارها نموذجا يعبر عن الجيل الجديد من شباب الإخوان المسلمين الذي يتحدث الانجليزية بطلاقة، في عام 2009، وهي من الجيل الذي حاولت الجماعة استغلاله لإبداء قدر من الانفتاح الفكري والثقافي بما يمهد للحوار مع أمريكا.

وكتبت سندس مقالا باللغة الانجليزية في دورية أقواس التي تصدرها مؤسسة قرطبة للحوار بين الثقافات، حمل عنوان "الإخوان المسلمون والديمقراطية الأمريكية هل يستطيع أوباما أن يكون فاتحة آمال جديدة للإسلام السياسي؟" دعت خلاله إدارة أوباما للحوار مع الإخوان المسلمين معتبرة أنه خطوة مهمة لاستعادة الولايات المتحدة مصداقيتها التي فقدتها في عهد الإدارة السابقة والمتعلقة بتمسك واشنطن بالقيم الديمقراطية... وسندس هي باحثة متخصصة في الإسلام السياسي والديمقراطية، وحصلت علي ماجستير في الاتصال السياسي بالجامعة الأمريكية، وكانت سندس قد درست الإعلام بكلية الآداب بجامعة عين شمس.

ولفتت سندس نظر الكاتب الصحفي نيكولاس كريستوف بصحيفة نيو يورك تايمز الذي قام بزيارة والدها ووالدتها الدكتورة منال أبوالحسن في عام 2011، وأفرد مقالة خاصة بالصحيفة للحديث عن سندس التي استطاعت أن تقنعه أن الإخوان المسلمين تيار معتدل.

بعد ساعات من خطاب الرئيس: افرحي يا مصر فاز مرسي.. وانتصر جيش مصر.. وعادت هيبة القضاء


حرب إخوانية في مكتب الإرشاد وقيادات تطالب بإبعاد الشاطر عن رئيس الجمهورية الجديد

ترقب في صفوف قيادات الجهاد والسلفيين.. وأنباء عن احتفاظ العسكري بأربع حقائب وزارية .. وصراع علي حقيبة الإعلام بين بكار وأبوالفتوح

بعد ساعات من خطاب الرئيس:

من حق كل مصري أن يفرح، أثبتنا للعالم كله أننا قادرون علي تحقيق الديمقراطية، ومن حق كل مصري أن يفخر اليوم بمؤسسته العسكرية وبرجالها الذين تحملوا الكثير حتي عبروا بمصر إلي تلك اللحظة التاريخية التي وقف العالم كله احتراماً وإجلالاً لها.

إن المؤسسة العسكرية التي هاجمناها وانتقدنا أداء قياداتها مراراً أثبتت أنها نموذجاً في التحمل، وقدمت نموذجاً فريداً في عشق تراب هذا الوطن والتعالي علي الصغائر والزهد في المناصب، وجهت النقد إلي المجلس العسكري عشرات المرات واختلفت مع قياداته كثيراً وكانت «الموجز» دائماً في مواجهة ساخنة مع المجلس العسكري باعتباره كياناً سياسياً يقود الفترة الانتقالية، ولكننا اليوم في ليلة إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية رفعنا القبعة احتراماً وتقديراً لهؤلاء الرجال الذين وعدوا فأوفوا وعاهدوا وصدقوا في عهودهم وشهدت مصرنا الحبيبة انتخابات حرة نزيهة حاولت أطراف عديدة التشكيك فيها وفي نتائجها قبل إعلانها، وسعت أطراف كثيرة إلي تأويل كل مواقف المجلس العسكري واللجنة العليا للانتخابات التي سبقت إعلان النتيجة وانتشرت الشائعات لتروج أن الفريق شفيق هو رئيس مصر وأن هناك مؤامرة من المجلس العسكري لتصعيده وتزوير نتائج الانتخابات، ولكن جاء إعلان فوز الدكتور محمد مرسي ليرد كل الظنون ويقتل كل الشائعات ويقدم درساً في الوطنية في الحفاظ علي ديمقراطية الأصوات ونزاهة الانتخابات وقدم كل جندي مصري دوراً كبيراً في عبور الانتخابات إلي بر الأمان والسلام، أن فرحة مصر اليوم كبيرة وهي تشهد تتويج أول رئيس منتخب بإرادة حرة وبأصوات صحيحة تم فرزها علي أعلي مستوي.

تعرض قضاء مصر لحملات هجوم شديدة وبكل أسف خرجت انتقادات كثيرة من داخل صفوف القضاة أنفسهم، ولكن ومع إعلان نتيجة انتخابات الإعادة وإعلان فوز مرسي وتقديم كل الطعون وفرزها وفحصها أثبت قضاة مصر أنهم علي قدر المسئولية وأن ضمائرهم لا ترتضي سوي الحق، ورد القضاء المصري الشامخ علي الشكوك التي طالت أعضاء هيئاته وسعت إلي تشويه صورتهم وأكد أنها كانت شكوكاً رخيصة وأن كل قضاة مصر يمتلكون الشرف والحكمة وليست تلك المبادئ قاصرة علي فريق دون آخر من هيئات القضاء المصري القائمة أو السابقة.

خطاب مرسي وصراع مكتب الإرشاد

عقب إلقاء الدكتور محمد مرسي خطابه الأول كرئيس لجمهورية مصر العربية اشتعل الصراع في مكتب الإرشاد فالجماعة التي أعلنت أن مرسي سوف يستقيل من كافة مناصبه بحزب «الحرية والعدالة» وكذلك مناصبه بالجماعة ومكتب الإرشاد بدأت تستشعر الخطر القادم في تحديد الخطوط الفاصلة بين الجماعة والرئيس، وأبدي عدد من القيادات تخوفاتهم من تأثير رأي الجماعة علي سمعة الرئيس المنتخب، وطالبت بضرورة إبعاد بعض الشخصيات عن محيط الدكتور مرسي في تلك الفترة تحسباً لأي هجوم إعلامي قد يؤثر في أدائه في الفترة المقبلة، وعلي الرغم من أن أصحاب هذا الرأي كانوا يبحثون عن المصلحة العامة لمصر ولرئيسها فإن الجدل استمر حتي الساعات الأولي من صباح الاثنين بمكتب المرشد، حيث اعتبر أنصار نائب المرشد المهندس خيرت الشاطر أنه هو المقصود بذلك باعتباره كان مرشح الجماعة الأول قبل استبعاده من السباق والدفع بمرسي، وتحول النقاش إلي صراع قد يشتعل قريباً، وهدد بعض المطالبين باستقلال مرسي عن الجماعة بإصدار بيان يتضمن موقفهم وتخوفاتهم من ظهور قيادات بعينها في محيط الرئيس محمد مرسي.

ولاشك في أن تلك هي بداية صراع يتحمل مكتب الإرشاد كل توابعه، طالبت في العدد السابق ومع إعلان نتائج الفرز الأولية وتقدم الدكتور مرسي بأن يفصل تماماً بين منصبه كرئيس لجمهورية مصر العربية وبين علاقته بمكتب الإرشاد وتنظيم الإخوان ووجهت إليه العديد من التساؤلات التي يحتاج اليوم إلي أن نعيدها عليه حتي تتضح الصورة، سألت الدكتور مرسي ماذا سيفعل في علاقته بالجماعة وتنظيمها؟!.. فمن المعروف كما ذكرت من قبل أن دولة الإخوان محكومة بقوانين صارمة وأن اللوائح الداخلية للإخوان لايجرؤ أي عضو علي اختراقها.. فماذا سيفعل محمد مرسي وهو الابن الشرعي لهذا التنظيم؟!.. هل سيأخذ الأوامر والتعليمات من دولة المرشد؟!.. أم سيعترض علي القواعد واللوائح؟!.. وهل استقالته من حزب «الحرية والعدالة» تجعله يتخلص من الانتماء للجماعة التي دفعت به وساندته ولولاها ما وصل إلي الحكم؟!

وماذا سيفعل في ملف منظمة "حماس" التي وصفت فوزه بمنصب الرئاسة انتصاراً تاريخياً؟!.. فمن المعروف أن جماعة الإخوان في مصر تعتبر منظمة حماس جزءاً منها وأعلن صفوت حجازي منذ أسابيع أن الجماعة ستبدأ في تحرير القدس عقب وصول مرسي إلي الحكم، وقال إن القدس ستصبح العاصمة للولايات العربية المتحدة التي يعتزم مرسي وجماعة الإخوان تكوينها لتكون مثل الولايات الأمريكية في قوة اقتصادها وفي ترسانتها الحربية.

إنني اليوم أجدد الأسئلة وأطالب الدكتور مرسي رئيس مصر المنتخب بالابتعاد بشكل نهائي عن جماعة الإخوان وعن توجهاتها السياسية فهو من اليوم أصبح رئيساً لمصر.

كما سألت: ماذا سيفعل الرئيس محمد مرسي وهو ابن جماعة الإخوان المسلمين مع أباطرة المال داخل الجماعة؟!.. وهل سيتم تشكيل لجنة سياسات جديدة علي شاكلة لجنة جمال مبارك؟!.. وهل سيتم تشكيل حزب وطني لا يقل فساداً عن الحزب المنحل؟!

إن وجود المهندس خيرت الشاطر يمثل تهديداً صريحاً لمستقبل الرئيس الجديد، ولن أبالغ إن قلت إن وجوده في محيط الدكتور مرسي يمثل شوكة في ظهر الرئيس الجديد، فالمهندس خيرت الشاطر لا يتوقف عن الإدلاء بالتصريحات للصحف الأجنبية ليس باعتباره الرجل الثاني في جماعة الإخوان ولكن باعتباره الرجل الثاني في الدولة!!.. وهناك فرق كبير بين الأمرين، ظهرت في الفترة الأخيرة تصريحات للمهندس خيرت الشاطر في العديد من الصحف الأجنبية والتي تحدث فيها وكأنه أصبح مسئولا في الدولة المصرية، وقبل إجراء انتخابات الجولة الثانية أدلي خيرت الشاطر بتصريحات للصحف الأمريكية كانت مثيرة للجدل، فنائب المرشد تحدث كأنه هو مرشح الرئاسة وليس محمد مرسي وقال إن الإخوان يمتلكون خطة للسيطرة علي أمور البلاد داخلياً وتطرق الشاطر إلي المخابرات وقال إن جماعته تنوي إجراء إصلاحات داخل هذا الجهاز وإنها ستبقي علي بعض الكوادر والخبرات وتتخلص من الباقي!!

ولقد تناولت تلك التصريحات في العدد الماضي وتناولت ما أثارته من موجة غضب عارمة داخل أهم أجهزة الدولة المصرية فالسيد خيرت الشاطر ليس صاحب حيثية تعطيه الحق في التطرق للحديث عن هذا الجهاز الخطير، ولم يسبق أن تحدث أحد عن أسرار هذا الجهاز ولا يمتلك عنه معلومات.. فهل سيتوقف المهندس خيرت الشاطر عن تصريحاته أم أنه سيواصل تهديد محمد مرسي ويقوم بتوريطه في تصريحات غير مسئولة؟!

الصفقات السرية في ليلة خطاب الرئيس

كانت ليلة تتويج محمد مرسي رئيسا طويلة وشهدت العشرات من الصفقات والتوازنات السرية، خاصة فيما يخص توجهات وكيانات بعينها وقفت ضد انتخاب محمد مرسي وعلي رأس هؤلاء تنظيم الجهاد الذي قاد حملة في مواجهة مرسي وداعماً للدكتور شفيق، وأبدت بعض قيادات الجهاد تخوفاتها من استبعادها عن المشهد السياسي وتوجيه ضربات انتقامية إليهم بسبب موقفهم هذا.

وفي معسكر السلفيين ظل الصراع محتدما حول توازنات المرحلة المقبلة ونصيب السلفيين من الحقائب الوزارية، أعلن نادر بكار المتحدث الرسمي للدعوة أن تأييدهم لمرسي جاء بناء علي شروط تتعلق بحجم تمثيل السلفيين في الحكومة الجديدة، ويتنافس نادر بكار علي مقعد وزارة الإعلام مع منافس قوي هو الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح الذي تم ترشيحه لحمل تلك الحقيبة، في حين رأت حملة الدكتور أبوالفتوح والتي انضمت في جولة الإعادة إلي معسكر الإخوان وتأييد محمد مرسي أن حقيبة الإعلام لا تناسب أبوالفتوح وأنه لن يقبل إلا بمنصب نائب الرئيس!!

ولاشك أن كل هذه التوازنات والحسابات لا يمكن التعامل معها إلا باعتبارها أحلاماً وطموحات تنظيمات دينية وسياسية ولاشك أيضاً أن الدكتور مرسي عليه أن يرفض التعامل مع أي جهة باعتبارها صاحبة فضل عليه، وألا يستجيب لضغوط من أي جهة مهما كان حجمها فهو سيختار لمصر وليس لإرضاء فصيل ومجاملة فريق.

جاء خطاب محمد مرسي ليطمئن كل المصريين وأصر في الخطاب علي تكرار احترامه لكل المصريين وعدم التمييز بينهم وقال إن المصريين متساوون في الحقوق والواجبات وتضمن هذا الخطاب رسائل كان الأقباط تحديداً في انتظارها، ولاشك أن الدكتور مرسي وكما قلنا قبل ذلك يعلم أنه فاز بالانتخابات بعد حشد كبير من الثوار له ورفضهم التصويت للفريق شفيق، وبالتالي فإن جماعة الإخوان وأعضاء حزب «الحرية والعدالة» ليسوا هم السر وراء تقدم مرسي، وليس لهم فضل في تحقيق فوزه فهناك عشرات الائتلافات الثورية التي دعمت مرسي وكانت تدعو الناخبين إلي التصويت له، كما إن الدكتور مرسي يعرف أن هناك ما يقرب من ثلاثة عشر مليون مصري لم يصوتوا له واختاروا منافسه وعليه أن يدرك أن هؤلاء ليسوا أعداء له وأن الديمقراطية التي جاءت به تكفل لهم إبداء آرائهم بكل حرية.

من ناحية أخري توالت الأنباء عن الحقائب الوزارية السيادية وهي «الدفاع والداخلية والخارجية والعدل» واحتفاظ المجلس العسكري بها علي الأقل في الوقت الراهن وفي تلك الظروف، وتوالت أخبار عن أن الدكتور محمد مرسي طلب بنفسه أن يحتفظ المجلس العسكري بتلك الحقائب وأن يتشارك معه في اختيار من يحملها في سرية تامة، وحتي هذه اللحظة.. فإن الأمور مازالت غير واضحة وإن الساعات المقبلة ستشهد مفاجآت عديدة خاصة أن الدكتور مرسي سوف يختار صباح اليوم الثلاثاء الفريق المعاون له، ومن تلك الاختيارات ستتضح الصورة أكثر.. وكل ما نتمناه أن تكتمل منظومة الديمقراطية في مصر وأن يصدق الدكتور مرسي في تعهداته وأن
يوفق في اختيار فريق وطني يستطيع تحقيق برنامج النهضة الذي خاض به انتخابات الرئاسة.. وفق الله كل المصريين إلي كل خير.