الاثنين، 2 يوليو 2012

بعد ساعات من خطاب الرئيس: افرحي يا مصر فاز مرسي.. وانتصر جيش مصر.. وعادت هيبة القضاء


حرب إخوانية في مكتب الإرشاد وقيادات تطالب بإبعاد الشاطر عن رئيس الجمهورية الجديد

ترقب في صفوف قيادات الجهاد والسلفيين.. وأنباء عن احتفاظ العسكري بأربع حقائب وزارية .. وصراع علي حقيبة الإعلام بين بكار وأبوالفتوح

بعد ساعات من خطاب الرئيس:

من حق كل مصري أن يفرح، أثبتنا للعالم كله أننا قادرون علي تحقيق الديمقراطية، ومن حق كل مصري أن يفخر اليوم بمؤسسته العسكرية وبرجالها الذين تحملوا الكثير حتي عبروا بمصر إلي تلك اللحظة التاريخية التي وقف العالم كله احتراماً وإجلالاً لها.

إن المؤسسة العسكرية التي هاجمناها وانتقدنا أداء قياداتها مراراً أثبتت أنها نموذجاً في التحمل، وقدمت نموذجاً فريداً في عشق تراب هذا الوطن والتعالي علي الصغائر والزهد في المناصب، وجهت النقد إلي المجلس العسكري عشرات المرات واختلفت مع قياداته كثيراً وكانت «الموجز» دائماً في مواجهة ساخنة مع المجلس العسكري باعتباره كياناً سياسياً يقود الفترة الانتقالية، ولكننا اليوم في ليلة إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية رفعنا القبعة احتراماً وتقديراً لهؤلاء الرجال الذين وعدوا فأوفوا وعاهدوا وصدقوا في عهودهم وشهدت مصرنا الحبيبة انتخابات حرة نزيهة حاولت أطراف عديدة التشكيك فيها وفي نتائجها قبل إعلانها، وسعت أطراف كثيرة إلي تأويل كل مواقف المجلس العسكري واللجنة العليا للانتخابات التي سبقت إعلان النتيجة وانتشرت الشائعات لتروج أن الفريق شفيق هو رئيس مصر وأن هناك مؤامرة من المجلس العسكري لتصعيده وتزوير نتائج الانتخابات، ولكن جاء إعلان فوز الدكتور محمد مرسي ليرد كل الظنون ويقتل كل الشائعات ويقدم درساً في الوطنية في الحفاظ علي ديمقراطية الأصوات ونزاهة الانتخابات وقدم كل جندي مصري دوراً كبيراً في عبور الانتخابات إلي بر الأمان والسلام، أن فرحة مصر اليوم كبيرة وهي تشهد تتويج أول رئيس منتخب بإرادة حرة وبأصوات صحيحة تم فرزها علي أعلي مستوي.

تعرض قضاء مصر لحملات هجوم شديدة وبكل أسف خرجت انتقادات كثيرة من داخل صفوف القضاة أنفسهم، ولكن ومع إعلان نتيجة انتخابات الإعادة وإعلان فوز مرسي وتقديم كل الطعون وفرزها وفحصها أثبت قضاة مصر أنهم علي قدر المسئولية وأن ضمائرهم لا ترتضي سوي الحق، ورد القضاء المصري الشامخ علي الشكوك التي طالت أعضاء هيئاته وسعت إلي تشويه صورتهم وأكد أنها كانت شكوكاً رخيصة وأن كل قضاة مصر يمتلكون الشرف والحكمة وليست تلك المبادئ قاصرة علي فريق دون آخر من هيئات القضاء المصري القائمة أو السابقة.

خطاب مرسي وصراع مكتب الإرشاد

عقب إلقاء الدكتور محمد مرسي خطابه الأول كرئيس لجمهورية مصر العربية اشتعل الصراع في مكتب الإرشاد فالجماعة التي أعلنت أن مرسي سوف يستقيل من كافة مناصبه بحزب «الحرية والعدالة» وكذلك مناصبه بالجماعة ومكتب الإرشاد بدأت تستشعر الخطر القادم في تحديد الخطوط الفاصلة بين الجماعة والرئيس، وأبدي عدد من القيادات تخوفاتهم من تأثير رأي الجماعة علي سمعة الرئيس المنتخب، وطالبت بضرورة إبعاد بعض الشخصيات عن محيط الدكتور مرسي في تلك الفترة تحسباً لأي هجوم إعلامي قد يؤثر في أدائه في الفترة المقبلة، وعلي الرغم من أن أصحاب هذا الرأي كانوا يبحثون عن المصلحة العامة لمصر ولرئيسها فإن الجدل استمر حتي الساعات الأولي من صباح الاثنين بمكتب المرشد، حيث اعتبر أنصار نائب المرشد المهندس خيرت الشاطر أنه هو المقصود بذلك باعتباره كان مرشح الجماعة الأول قبل استبعاده من السباق والدفع بمرسي، وتحول النقاش إلي صراع قد يشتعل قريباً، وهدد بعض المطالبين باستقلال مرسي عن الجماعة بإصدار بيان يتضمن موقفهم وتخوفاتهم من ظهور قيادات بعينها في محيط الرئيس محمد مرسي.

ولاشك في أن تلك هي بداية صراع يتحمل مكتب الإرشاد كل توابعه، طالبت في العدد السابق ومع إعلان نتائج الفرز الأولية وتقدم الدكتور مرسي بأن يفصل تماماً بين منصبه كرئيس لجمهورية مصر العربية وبين علاقته بمكتب الإرشاد وتنظيم الإخوان ووجهت إليه العديد من التساؤلات التي يحتاج اليوم إلي أن نعيدها عليه حتي تتضح الصورة، سألت الدكتور مرسي ماذا سيفعل في علاقته بالجماعة وتنظيمها؟!.. فمن المعروف كما ذكرت من قبل أن دولة الإخوان محكومة بقوانين صارمة وأن اللوائح الداخلية للإخوان لايجرؤ أي عضو علي اختراقها.. فماذا سيفعل محمد مرسي وهو الابن الشرعي لهذا التنظيم؟!.. هل سيأخذ الأوامر والتعليمات من دولة المرشد؟!.. أم سيعترض علي القواعد واللوائح؟!.. وهل استقالته من حزب «الحرية والعدالة» تجعله يتخلص من الانتماء للجماعة التي دفعت به وساندته ولولاها ما وصل إلي الحكم؟!

وماذا سيفعل في ملف منظمة "حماس" التي وصفت فوزه بمنصب الرئاسة انتصاراً تاريخياً؟!.. فمن المعروف أن جماعة الإخوان في مصر تعتبر منظمة حماس جزءاً منها وأعلن صفوت حجازي منذ أسابيع أن الجماعة ستبدأ في تحرير القدس عقب وصول مرسي إلي الحكم، وقال إن القدس ستصبح العاصمة للولايات العربية المتحدة التي يعتزم مرسي وجماعة الإخوان تكوينها لتكون مثل الولايات الأمريكية في قوة اقتصادها وفي ترسانتها الحربية.

إنني اليوم أجدد الأسئلة وأطالب الدكتور مرسي رئيس مصر المنتخب بالابتعاد بشكل نهائي عن جماعة الإخوان وعن توجهاتها السياسية فهو من اليوم أصبح رئيساً لمصر.

كما سألت: ماذا سيفعل الرئيس محمد مرسي وهو ابن جماعة الإخوان المسلمين مع أباطرة المال داخل الجماعة؟!.. وهل سيتم تشكيل لجنة سياسات جديدة علي شاكلة لجنة جمال مبارك؟!.. وهل سيتم تشكيل حزب وطني لا يقل فساداً عن الحزب المنحل؟!

إن وجود المهندس خيرت الشاطر يمثل تهديداً صريحاً لمستقبل الرئيس الجديد، ولن أبالغ إن قلت إن وجوده في محيط الدكتور مرسي يمثل شوكة في ظهر الرئيس الجديد، فالمهندس خيرت الشاطر لا يتوقف عن الإدلاء بالتصريحات للصحف الأجنبية ليس باعتباره الرجل الثاني في جماعة الإخوان ولكن باعتباره الرجل الثاني في الدولة!!.. وهناك فرق كبير بين الأمرين، ظهرت في الفترة الأخيرة تصريحات للمهندس خيرت الشاطر في العديد من الصحف الأجنبية والتي تحدث فيها وكأنه أصبح مسئولا في الدولة المصرية، وقبل إجراء انتخابات الجولة الثانية أدلي خيرت الشاطر بتصريحات للصحف الأمريكية كانت مثيرة للجدل، فنائب المرشد تحدث كأنه هو مرشح الرئاسة وليس محمد مرسي وقال إن الإخوان يمتلكون خطة للسيطرة علي أمور البلاد داخلياً وتطرق الشاطر إلي المخابرات وقال إن جماعته تنوي إجراء إصلاحات داخل هذا الجهاز وإنها ستبقي علي بعض الكوادر والخبرات وتتخلص من الباقي!!

ولقد تناولت تلك التصريحات في العدد الماضي وتناولت ما أثارته من موجة غضب عارمة داخل أهم أجهزة الدولة المصرية فالسيد خيرت الشاطر ليس صاحب حيثية تعطيه الحق في التطرق للحديث عن هذا الجهاز الخطير، ولم يسبق أن تحدث أحد عن أسرار هذا الجهاز ولا يمتلك عنه معلومات.. فهل سيتوقف المهندس خيرت الشاطر عن تصريحاته أم أنه سيواصل تهديد محمد مرسي ويقوم بتوريطه في تصريحات غير مسئولة؟!

الصفقات السرية في ليلة خطاب الرئيس

كانت ليلة تتويج محمد مرسي رئيسا طويلة وشهدت العشرات من الصفقات والتوازنات السرية، خاصة فيما يخص توجهات وكيانات بعينها وقفت ضد انتخاب محمد مرسي وعلي رأس هؤلاء تنظيم الجهاد الذي قاد حملة في مواجهة مرسي وداعماً للدكتور شفيق، وأبدت بعض قيادات الجهاد تخوفاتها من استبعادها عن المشهد السياسي وتوجيه ضربات انتقامية إليهم بسبب موقفهم هذا.

وفي معسكر السلفيين ظل الصراع محتدما حول توازنات المرحلة المقبلة ونصيب السلفيين من الحقائب الوزارية، أعلن نادر بكار المتحدث الرسمي للدعوة أن تأييدهم لمرسي جاء بناء علي شروط تتعلق بحجم تمثيل السلفيين في الحكومة الجديدة، ويتنافس نادر بكار علي مقعد وزارة الإعلام مع منافس قوي هو الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح الذي تم ترشيحه لحمل تلك الحقيبة، في حين رأت حملة الدكتور أبوالفتوح والتي انضمت في جولة الإعادة إلي معسكر الإخوان وتأييد محمد مرسي أن حقيبة الإعلام لا تناسب أبوالفتوح وأنه لن يقبل إلا بمنصب نائب الرئيس!!

ولاشك أن كل هذه التوازنات والحسابات لا يمكن التعامل معها إلا باعتبارها أحلاماً وطموحات تنظيمات دينية وسياسية ولاشك أيضاً أن الدكتور مرسي عليه أن يرفض التعامل مع أي جهة باعتبارها صاحبة فضل عليه، وألا يستجيب لضغوط من أي جهة مهما كان حجمها فهو سيختار لمصر وليس لإرضاء فصيل ومجاملة فريق.

جاء خطاب محمد مرسي ليطمئن كل المصريين وأصر في الخطاب علي تكرار احترامه لكل المصريين وعدم التمييز بينهم وقال إن المصريين متساوون في الحقوق والواجبات وتضمن هذا الخطاب رسائل كان الأقباط تحديداً في انتظارها، ولاشك أن الدكتور مرسي وكما قلنا قبل ذلك يعلم أنه فاز بالانتخابات بعد حشد كبير من الثوار له ورفضهم التصويت للفريق شفيق، وبالتالي فإن جماعة الإخوان وأعضاء حزب «الحرية والعدالة» ليسوا هم السر وراء تقدم مرسي، وليس لهم فضل في تحقيق فوزه فهناك عشرات الائتلافات الثورية التي دعمت مرسي وكانت تدعو الناخبين إلي التصويت له، كما إن الدكتور مرسي يعرف أن هناك ما يقرب من ثلاثة عشر مليون مصري لم يصوتوا له واختاروا منافسه وعليه أن يدرك أن هؤلاء ليسوا أعداء له وأن الديمقراطية التي جاءت به تكفل لهم إبداء آرائهم بكل حرية.

من ناحية أخري توالت الأنباء عن الحقائب الوزارية السيادية وهي «الدفاع والداخلية والخارجية والعدل» واحتفاظ المجلس العسكري بها علي الأقل في الوقت الراهن وفي تلك الظروف، وتوالت أخبار عن أن الدكتور محمد مرسي طلب بنفسه أن يحتفظ المجلس العسكري بتلك الحقائب وأن يتشارك معه في اختيار من يحملها في سرية تامة، وحتي هذه اللحظة.. فإن الأمور مازالت غير واضحة وإن الساعات المقبلة ستشهد مفاجآت عديدة خاصة أن الدكتور مرسي سوف يختار صباح اليوم الثلاثاء الفريق المعاون له، ومن تلك الاختيارات ستتضح الصورة أكثر.. وكل ما نتمناه أن تكتمل منظومة الديمقراطية في مصر وأن يصدق الدكتور مرسي في تعهداته وأن
يوفق في اختيار فريق وطني يستطيع تحقيق برنامج النهضة الذي خاض به انتخابات الرئاسة.. وفق الله كل المصريين إلي كل خير.

ليست هناك تعليقات: