أعد موقع "واللا" الإخباري الإسرائيلي تقريرا حاول خلاله تفسير عدم وجود نائب الرئيس السابق عمر سليمان في السجن ، موضحا ان هناك شبه اتفاق شعبي أو علي الأقل صمت حيال العفو عن سليمان ، ولم يستبعد التقرير رغبة المجلس الأعلي للقوات المسلحة في عدم تقديم سليمان للمحاكمة، إيمانا من أعضاء المجلس بأن هذا الأمر قد يجرهم أنفسهم إلي المحاكمة.
ولفت التقرير إلي انه من يسترجع الأسماء الموجودة حاليا بسجن طرة سوف يتعجب بالتأكيد لوجود عدد من رموز النظام السابق خارج الحبس ، بينما يتواجد عدد كبير منهم داخل السجن ، مثل جمال وعلاء مبارك، أبناء الرئيس المخلوع ، وأحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق ، أمين ديوان الرئاسة السابق زكريا عزمي ، ورئيس مجلس الشعب السابق فتحي سرور ، وعدد من وزراء ورجال الأعمال أصحاب المناصب القيادية في الحزب لوطني الديمقراطي ، إلي جانب كل من اقترب من الرئيس المخلوع .
وأكمل التقرير:شخص واحد فقط لا يوجد هناك في السجن ، وهو عمر سليمان رئيس المخابرات المصري السابق ، الذي تم تعيينه في الأيام الأخيرة من عهد مبارك نائبا لرئيس الجمهورية ، كما لم توجه له تهمة قتل المتظاهرين مثلما وجهت لكل رموز النظام السابق ، والغريب أنه غير مدان أيضا من قبل الشعب المصري ، وهذا الأمر يعد مفاجأة ، لأن عمر سليمان الذي يبلغ من العمر 75 عاما وكان أحد الأشخاص المقربين جدا لمبارك ،وكان بمثابة يده اليمني ، والشخص الذي كان يدير بالفعل شئون مصر الخارجية طوال سنوات طويلة ، والسؤال كيف استطاع سليمان أن يفلت من الغضب الشعبي المصري ؟ والإجابة كما أوردها الموقع الإسرائيلي كانت كالتالي" بداية لا شك في أن الشعب المصري كما هو الحال مع الشعب الإسرائيلي ، يكن الكثير من الاحترام والتعاطف لكل من يعمل في مجال الأمن والمخابرات ، وسليمان الذي تولي منصب مدير المخابرات منذ عام 1993 حتي عام 2011، تحول إلي رمز شعبي في مصر ، ليس فقط بسبب وظيفته الغامضة ، لكن لأن الشعب المصري اعتاد عليه كرجل مخابرات غير منخرط بالسياسة ، قد يكون فاسدا لكنه كان علي درجة كبيرة من الكفاءة ،التي جعلته يمارس وظيفته بعيدا عن أعين الإعلام .
الإجابة لم تتوقف عند هذا الحد فقد أكد التقرير أن سمعة "سليمان" الأمنية والمخابراتية، منحته مكانة خاصة لدي المصريين وأخرجته من دائرة الاتهام، كما انه حظي بتقدير كل القيادات الاستخباراتية في إسرائيل والولايات المتحدة والعالم كله ، والكثيرون حول العالم كانوا يرون فيه المرشح والبديل الشرعي لمبارك في يوم من الأيام دون ان يلمح ولو لمرة واحدة برغبته في الحصول علي كرسي الرئاسة .
وأوضح التقرير أنه علي مدار سنوات طويلة لم يكن الشعب المصري يعرف شكل سليمان ،حيث كان حريصا علي عدم نشر صوره في وسائل الإعلام، حتي خلال استقباله لمسئولين فلسطينيين، أو إسرائيليين، أو أمريكيين، كما حرص سليمان علي عدم إجراء أي حوار مع وسائل الإعلام المختلفة، والمرة الأولي التي سمع فيها صوته كانت عندما وقف أمام مبارك وهو يردد القسم كنائب لرئيس الجمهورية ، حيث حاول مبارك استغلال شعبية سليمان لامتصاص غضب الشعب المصري الذي ثار ضده فقرر تعيينه نائبا له .
ولفت التقرير ذاته إلي أنه منذ سقوط نظام مبارك في فبراير من العام الماضي تدار مصر بواسطة المجلس الأعلي للقوات المسلحة، الذي تم تعيين أعضائه علي يد مبارك أيضا ، لكن لم توجه لهم التهم كأعداء للشعب المصري، مثل مبارك وأعضاء حكومته وحزبه ،فهم أيضا يتمتعون بالصفة الأمنية مثل سليمان، كما أنهم يحظون بالحصانة من وجهة نظر الشعب المصري، وعلي الرغم من أن فئات كثيرة من الشعب المصري تظاهرت ضد حكم المجلس الأعلي للقوات المسلحة والمشير طنطاوي ، إلا أنهم لا يزالون يثقون في كل من يرتدي الزي العسكري من أمثال طنطاوي وسليمان.
ويقول إيلي فودة أستاذ دراسات الشرق الأوسط بالجامعة العبرية إن "عدم مثول سليمان للمحاكمة بعد الثورة ليس مفاجأة ، فالثورة المصرية نجحت في إقصاء مبارك ، وعمل تغييرات كثيرة، لكنه لم يطرأ تغيير كبير علي النخبة المصرية، ونجد فقط بعض الأمثلة البسيطة من أشخاص ينتمون لهذه النخبة أو رموز النظام السابق التي تقدمت للمحاكمة ، أما باقي النخبة فلم يحدث لهم أي شيء ومن هؤلاء سليمان.
وأضاف فودة قائلا: من الممكن أن يكون المجلس الأعلي للقوات المسلحة راغبا في الحفاظ علي الوضع الحالي لعدة مخاوف محددة، ولهذا لم يقدم الكثيرون من النخبة إلي المحاكمة وعمر سليمان واحد من هؤلاء النخبة الذين يدافع عنهم المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي كان بمثابة الوزير الحقيقي للخارجية المصرية، كما أنه ينتمي للنظام السابق ، وللمجلس مصلحة في الدفاع عنه ، فهم يرون أن تقديمه للمحاكمة قد يجرهم إلي الوقوف أمام القضاء في يوم من الأيام .
وحاول الموقع الإسرائيلي استطلاع رأي عدد من المواطنين المصريين كان من بينهم أحمد الذي رفض ذكر اسمه كاملا ، حيث قال إن الشعب المصري يقبل العفو عن سليمان بتفهم كبير، موضحا أن من دخل السجن من رموز النظام السابق هم مجموعة الأشخاص الذين صدرت ضدهم اتهامات مع وجود شهود وشواهد علي هذه الاتهامات ، بينما سليمان لم يوجه له اتهام حقيقي يستوجب سجنه.
وأشار أحمد إلي أنه لولا الخلفية الأمنية لسليمان لكان الوضع اختلف ، لافتا إلي أن الكثيرين من المعارضين والثوار يحبون سليمان ، ويحترمونه ويثقون في أنه نقي تماما وغير فاسد ، حيث خدم البلد بإخلاص شديد عندما كان مديرا للمخابرات وهذا هو أيضا رأي غالبية الشعب المصري ، وفقا لأحمد.
وأشار التقرير إلي أنه علي الرغم من ذلك، فهناك معارضة شديدة للصمت الشديد الذي تعامل به الشعب المصري حيال العفو الذي حصل عليه سليمان ، وهناك مطالب بتقديمه للمحاكمة ، مثل كل رموز النظام السابق وأشار الموقع إلي قول المحامي حسن أبو العينين أحد أعضاء هيئة الدفاع الممثلة لأسر شهداء الثورة ، حيث قال إن كل الشعب المصري يعرف جيدا أن سليمان متورط في كل أعمال النظام السابق ، حيث كان أحد أصحاب اليد العليا في الفترة الأخيرة.
أما المحامي رجب عبد المنعم عضو هيئة الدفاع عن أسر الشهداء فقال إنه طالب المجلس الأعلي للقوات المسلحة والحكومة بتقديم كل رموز النظام إلي المحاكمة، إلا أن المجلس تجاهل عددا من الأسماء المنتمية إلي النظام السابق ، ومن بين هذه الأسماء عمر سليمان.
وأوضح عبد المنعم أن شباب الثورة يخشون من أن يكون المجلس الأعلي للقوات المسلحة يرغب في محاكمة مبارك وابنيه فقط لامتصاص الغضب الشعبي، بينما يظل باقي أفراد النظام طلقاء ، مؤكدا أنه سيطالب من جديد بتقديم سليمان إلي المحاكمة، علي الرغم من ثقته في أن هذا الطلب سيرفض من جديد ، فالمحكمة ترغب في إنهاء هذه القصة وعدم تقديم متهمين جدد.
بينما أشار محام آخر لم يذكر اسمه أن سليمان لم يقدم للمحاكمة لأنه فقط كان نائبا للرئيس ، وهذا يعني أنه لم يكن لديه السلطات والصلاحيات الكافية في إدارة البلاد كما هو الحال مع الرئيس.
وقال "واللا" إن أحد الشواهد علي أن الشعب المصري تسامح مع عمر سليمان علي عكس ما فعله مع رموز النظام السابق، هو أن اسم سليمان برز أكثر من مرة في استطلاعات الرأي المختلفة حول الأسماء التي يرغب المصريون في ترشيحها للرئاسة.
ولفت التقرير إلي استطلاع الرأي الذي أجراه المجلس الأعلي للقوات المسلحة علي صفحته علي "الفيس بوك" ، والذي تصدر فيه سليمان قائمة المرشحين المفضلين لدي المصريين للرئاسة ، الأمر الذي دفع وسائل الإعلام المصرية إلي اتهام مؤيدي سليمان بتزييف النتائج ، موضحا أن سليمان لم يعلن ترشحه للرئاسة والآن يجلس سليمان في بيته ، ولا يفعل الكثير في حياته ، بعد أن كان يمسك مفاتيح الحكم طوال عشر سنوات علي الأقل، وهو الآن في فترة راحة يقضيها بين أصدقائه وأسرته ، ويتابع ما يحدث لرموز النظام الذي كان أحد أفراده من خلال أخبار المحاكمات التي تنقل عبر شاشات التليفزيون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق