شيء ما يتحرك في أحشاء مصر الحبلى بالثورة والتغيير.. والتغيير الجدي والجاد هو الذي يؤدي إلى عودة العسكر إلى الثكنات بعد أن حكم مصر والعرب معها 60 سنة كاملة!
لا يستطيع أي مصري أن يقنعني بأن بناء الجدار الفولاذي العازل لمصر عن قطاع غزة كان بقرار من مبارك وحده ولم يكن بتوصية من عمر سليمان والمشير الطنطاوي.. تماما مثل فكرة بناء الجدار العازل للقاعدة عن عمارة السفارة الإسرائيلية!
استفزاز الجدار الفولاذي الغزاوي لا يقل خطورة واستفزازا عن الجدار الذي بني في قلب القاهرة لحماية السفارة الإسرائيلية! الجدار العازل لإسرائيل عن الضفة الغربية بني بالإسمنت المصري الذي باعه "قريع" إلى إسرائيل بعد أن اشتراه من جماعة مبارك! ولا يمكن أن نصدق أن عمر سليمان والطنطاوي كانا لا يعرفان هذا الأمر! تماما مثلما كان لا يعرفان قضية الجدار الفولاذي وجدار العار في سفارة إسرائيل في قلب القاهرة!
عندما قامت ثورة في مصر كانت صفوة قيادة الجيش المصري متواجدة في تربص عسكري سياسي في البنتاغون في واشنطن.. وكان عدد هؤلاء الضباط 25 ضابطا ساميا كلهم أعضاء في المجلس العسكري الذي يحكم مصر الآن باسم ثورة شباب مصر العظيم! وكان قائد هذه المجموعة من الضباط قائد الأركان للجيش المصري الحالي عنان! والمرشح لرئاسة مصر الآن.. وصاحب الحظوظ الكبيرة في الفوز في الانتخابات القادمة!
مصر الآن حبلى ببنت اسمها الديمقراطية.. لكن العسكر يريدون تحويلها إلى ذكر اسمه الاستبداد! وما يجري في شوارع القاهرة من اضطرابات هي أعراض حمل سياسي أصاب البلد بالغثيان.. الجيش يؤكد أنه الأب الشرعي للمولود الجديد القادم لرئاسة مصر.. لكن الأم الحامل مصر تريده أن تكون نسبته لأمه كعيسى عليه السلام! رئيس بلا أب!
إسرائيل ترتعد مما يحدث في مصر وتركيا وبدرجة أقل سوريا.. وأمريكا تستخدم ما بقي لها من نفوذ في العسكر المصري لطمأنة الإسرائيليين الذين فقدوا أعصابهم وراحوا لأول مرة يهددون باستعمال السلاح النووي في أي حرب قادمة.. القرضاوي يقول في الجزيرة: إن عصر الإسلاميين الذين يقودهم "الأمراء الأحرار" من أمثال أمير قطر قد بدأ! لكن مصر وتونس وغدا سوريا واليمن وليبيا وربما الجزائر ستدخل كلها في حالة الطوارئ بصورة ربما تكون أسوأ مما كانت عليه!
هل هذه أعراض بلدان حبلى بالحرية والتحرر أم أعراض ميلاد نوع جديد من الاستبداد؟! لسنا ندري.. ولكن الأكيد أن دوام الحال من المحال في عالم يتغير بسرعة الضوء!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق