تقول صور من وثائق تم الحصول عليها مما كان يعرف باسم «وحدة المعلومات السرية» التي كانت تتبع بشكل مباشر مكتب العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، إن المخابرات الليبية في النظام السابق عملت ولعدة سنوات على قدم وساق لتنفيذ عمليات تخريبية في السعودية، كما حاولت عن طريق الكثير من العملاء والإرهابيين والمرتزقة، وضخ ملايين الدولارات، تنفيذ مخططات ضد المملكة. وورد في المستندات اقتراح بالاستعانة بالقراصنة الصوماليين، واستخدام شركة صيد بحري ليبية، وكذا مقترح بإنشاء شركة بحرية أخرى على شواطئ الصومال للغرض نفسه.
«الشرق الأوسط» اطلعت على مئات المستندات المحفوظة لدى قيادات كتائب عسكرية في طرابلس، وتمكنت من الحصول على صور للعشرات منها، وإجراء تحريات عن المعلومات الواردة فيها من مصادر فرت خارج ليبيا بعد أن كانت تعمل بالقرب من العقيد الراحل الذي ظل في الحكم مدة 42 سنة.
ويبدو من صور المستندات أن العمليات الكثيرة التي حاولت مخابرات القذافي القيام بها على مدى عدة سنوات، باءت بالفشل لأسباب كثيرة على رأسها يقظة الجانب السعودي الذي عمل على إرباك خطط القذافي، والقضاء عليها في هدوء، رغم تسبب تلك الخطط في سقوط ضحايا أبرياء في عدة دول خاصة في شمال اليمن التي كانت منطقة نشطة لعناصر عملت لصالح النظام الليبي السابق انتهت بالحرب الفاشلة التي افتعلتها عناصر من الحوثيين ضد حدود السعودية قبل عامين.
هذا بالإضافة إلى أنشطة كثيرة أخرى سيرد ذكرها في حلقات، حاولت فيها مخابرات القذافي استخدام جمعيات وصحف وقنوات تلفزيون وإنترنت، لاستهداف السعودية. وتوجد مجموعات من صور الرسائل، بعضها يكشف العمل المنظم من جانب القذافي ضد السعودية، وبعضها يتحدث عن اختراق المخابرات الأميركية لأكثر من عشرين ألف مكالمة لكبار رجال النظام الليبي السابق بما في ذلك مكالمات القذافي نفسه، وابنه سيف الإسلام، ورئيس مخابراته عبد الله السنوسي، وغيرهم. وتوجد رسائل أخرى تتعلق بعمليات ضخمة للاتجار في الكوكايين بين عناصر من تنظيم القاعدة ومسؤولين محليين آخرين في مالي وعدة دول أفريقية، وبالتعاون مع أطراف من كولومبيا وغيرها.
وتكشف صور رسائل أخرى تم تبادلها بالبريد الإلكتروني أن وحدة المعلومات السرية التابعة للقذافي، كان يشرف عليها كل من العقيد «ع»، ويساعده اثنان من أقارب القذافي كانا من قيادات اللجان الثورية. «الشرق الأوسط» تنشر هذه الوثائق بعد تصويب ما فيها من أخطاء نحوية وإملائية، مع الاكتفاء بذكر الحرف الأول من الاسم الثاني لكل شخصية ممن وردت أسماؤهم في المكاتبات السرية
* المجموعة الأولى من صور الرسائل التي تتحدث عن الدفع بمجموعات من المسلحين والمخربين إلى داخل السعودية، جرى تبادلها بين عملاء للنظام الليبي السابق في اليمن ووحدة المعلومات السرية في باب العزيزية في طرابلس الغرب في الفترة الممتدة من خريف عام 2009 حتى مطلع عام 2010. ويظهر من خلالها الاستهداف للسعودية من نظام القذافي دون أي ذكر لمبرر واضح، واستخدام نظام العقيد، كل ما يمكن من وسائل في مساعيه ومحاولاته الغريبة التي لم تكتمل بغرض إثارة القلاقل داخلها ومهاجمة بعض الأهداف الحيوية بالتفخيخ والتفجيرات، سواء عن طريق بعض التنظيمات أو العناصر المنتمية إلى تنظيم القاعدة، لكن الرسائل تُظهر أيضا أن مخابرات القذافي كانت تتلقى ضربات موجعة من الجانب السعودي، الذي كان يتصدى لتلك المحاولات وإفشالها أولا بأول.
وتتضمن صور هذه الرسائل خطة تجنيد آلاف المرتزقة من المنتمين لحركة شباب المجاهدين المرتبطة بتنظيم القاعدة في الصومال، وكذا تجنيد عناصر من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ومقره اليمن، بالإضافة إلى محاولات أخرى لاستقطاب ما يعرف بجيش عدن - أبين في جنوب اليمن، وفصائل من الحوثيين في شمال اليمن، وآخرين من العراق، يعرفون باسم «مجموعة الألوية العراقية».
الهدف من تجنيد هذه الآلاف، المتكونة من خليط من المسلحين ينتمون لدول شتى قريبة من السعودية، هو سهولة التسلل عبر حدود المملكة من الجنوب والشمال في آن واحد لتنفيذ عمليات متزامنة في الرياض وجدة ونجران وجيزان وعسير وغيرها. وتتحدث رسالة سرية تحت عنوان «استكمال العمل الميداني»، وردت إلى وحدة المعلومات السرية التي كان مكتبها يقع بجوار مكتب القذافي في باب العزيزية، عن تفاصيل الترتيبات المطلوب استكمالها لتقويض الاستقرار في السعودية.
يقول نص الرسالة: «لكي يتم استكمال الإجراءات النهائية للمجموعات، التي (يوجد) جزء منها في ترتيباته النهائية، وتجهيز الباقي في المدة المتبقية، لكي تكون جاهزة لأداء مهامها:
1 - الجبهة الشمالية الشرقية: وهي المجموعة العراقية الجاري الترتيب لتسريب أغلب عناصرها إلى الداخل، وستكون مهمتها مقتصرة على الرياض».
وتقول الرسالة في البند الثاني:
- 2 - الجبهة الشمالية الغربية:(جبهة الحجاز)، محمد م» لديه مجموعات وخلايا داخل جدة بالإضافة إلى إمكانية مهاجمة بعض الأهداف الحيوية، وكذلك تقديم المعلومات.
- 3 - الجبهة الجنوبية: مجموعة «ص. بن. ش.» و«س. أبو. ل.» و«ي. أبو.ش». وتكون انطلاقتها من الأراضي اليمنية أراضي قبيلة «و»، وستكون باتجاه نجران وجيزان وعسير وقد تتمكن من الوصول إلى جدة. وكثير هذه القوة (6 آلاف مسلح) يوجدون في حالة جهوزية مع الرغبة في زيادة حجم القوة بإضافة سبعة آلاف مسلح بحيث تصبح في حدود 13 ألفا.
وتواصل الرسالة قائلة بالنص: قبائل «ع» بمأرب - مجموعة الشيخ «ع.م»، وعدد هذه القوة إذا وافقنا على تجهيزها ستكون ألف مقاتل من أبناء مأرب. وهناك خطة جيدة لديهم للتنسيق والتعاون مع مجموعة القاعدة في جزيرة العرب التي هي الآن بأراضي هذه القبائل.
وتتحدث الرسالة عمن تسميهم «الصوماليين المدربين على استخدام السلاح»، وتتحدث أيضا عن شركة بحرية ليبية تقول إنها يمكن أن تقوم بنقلهم من الصومال إلى السواحل اليمنية، ثم إدخالهم عن طريق اليمن، إلى الأراضي السعودية.
وتقول الرسالة: «الصوماليون: - مستعدون لأي عدد.. ويمكن العمل على تجهيز عشرة آلاف صومالي أغلبهم أصلا مدربون على السلاح يحتاجون إلى زيادة رفع الكفاءة والتدريب على التفخيخ والتفجيرات، وجارٍ الآن تجهيز معسكرات التدريب بالصومال، علما أن لديهم مجموعات في الداخل في حدود (300) شخص، وأُعدت خطط لوصولهم عن طريق اليمن بمساعدة القراصنة الصوماليين وشركة الصيد البحري الليبية بمعرفة «ز» و«م». وهناك رأي آخر سندرسه إذا انضم جزء أو أغلب الصوماليين إلى مجموعات «و» و«ع»، وانطلقوا في آن واحد.
وتتناول الرسالة ذكر مجموعات أخرى من المقاتلين المرتزقة والإرهابيين، وتقول إنهم على أهبة الاستعداد والجاهزية ويمكن تسريبهم إلى داخل السعودية من أجل مهمة تنفيذ عمليات تخريبية فيها. وتقول الرسالة بالنص: مجموعات «ر»: - الآن جاهز منهم (2000) ويكمن تسريبهم أو دخولهم في الوقت المناسب.. مشكلة هذه المجموعات المصروفات العالية بالإضافة إلى أن الأخ مبروك لا يتحمل عملهم في الداخل. ويقول إن هذه من مهمة الدكتور «ع.ع»، والنقيب «ش». وهؤلاء طلباتهم مبالغ فيها فإذا أردنا الاستفادة من «ر» يمكن ضمهم إلى اليمنيين أو العمل مع قياداتهم في الداخل لتحمل المسؤولية. أو تعويضهم بأعداد من الصومال.
وتواصل الرسالة قائلة: «مجموعة ش»: هي مجموعة الجر..، بالإضافة إلى أنه تم الاتفاق مع «ط. ر» على إصدار بيانات ومنشورات باسمه ووافق على ذلك.
- وهناك مجموعة المحامي «ق» ومعه مجموعة ضباط في الداخل وعناصر أخرى من «ش».
- إمكانية الاستفادة من الحوثيين إذا أوقفت الحرب السادسة (حرب صعدة 2009 - 2010) وانتهت بالمحافظة على مواقعهم في (مناطق) الملاحيظ وحرف سفيان وصعدة، حيث لديهم الاستعداد لذلك أو ربما يستعان بهم في خلق فوضى على الحدود اليمنية - السعودية أو فرز قوى منهم للمشاركة. وجاء في الرسالة نفسها تحت عنوان فرعي هو «احتياج المجموعات لاستكمال الإجراءات»، وتتضمن خطة تفصيلية بمطالب كل رئيس مجموعة من المجموعات التخريبية على الجبهات داخل السعودية، وتبين الرسالة أن عملاء المخابرات الليبية قاموا بتحديد تلك المواقع لبدء تنفيذ المخطط فيها لإثارة الفوضى والتدمير والقتل. كما تتضمن الرسالة بيانات تفصيلية عن مقدار الأموال التي تحتاجها الخطة في كل موقع، ورئيس المجموعة الذي سوف تحول له الأموال التي يصل مقدارها إلى ملايين الدولارات:
«1 - جبهة الحجاز – م. م (5) ملايين. 2 - جبهة «و» العدد (6000) نرى إضافة (4000) مسلح بحيث يصبح عدد القوة (10000) ولإتمام الاستعدادات يحتاجون إلى (18) مليون دولار. 3 - مجموعة الألوية العراقية عددهم (2500) وهم على هيئة فرقة منظمة عسكريا لاستكمال إجراءاتهم يحتاجون إلى (7) ملايين. 4 - مجموعة ع. م (قبائل «ع» ومجموعات مأرب) بالإضافة إلى مجموعات جزيرة العرب (فرع تنظيم القاعدة) ويشمل التدريب والتسليح والتجهيز، ويحتاجون إلى (7) ملايين. وتواصل الرسالة سرد بنود المتطلبات المالية وهي بالدولار، قائلة: «5 - الصوماليون.. إجراءات التدريب في حدود (10) ملايين ويمكن زيادة العدد حسب الطلب ولتسريبهم عن طريق البحر وتسليحهم (..) يحتاجون إلى (12) مليونا. 6 - بالإضافة إلى رصد مبلغ للحوثيين».
وفي رسالة أخرى تحمل عنوان «استكمال باقي احتياجات المجموعات» تتحدث بمزيد من التفاصيل عن الأموال الإضافية المطلوبة لكل
مجموعة، وتقول:
«1 - مجموعة جبهة الحجاز (م.م)– تحتاج إلى (3) ملايين دولار.
2 - مجموعة ص. بن. ش + س.أبو. لـ+ ي.أبو.ش. عدد قواتهم 6 آلاف، ويحتاجون إلى زيادة 4 آلاف - يحتاجون إلى 15 مليون دولار.
3 - مجموعة الألوية العراقية استكمال إجراءات تجهيز الدخول داخل السور - يحتاجون إلى (6) ملايين دولار.
4 - «المبروك. س» + مجموعة الداخل، جاهز ولديه ألفا عسكري ومتدرب، ويحتاج إلى إجراءات دخولهم وتسريبهم - يحتاج إلى (4) ملايين دولار.
5 - «ع. م.» مجموعة جزيرة العرب + 1000 عسكري من قبيلة «ع»، إجراءات تجهيزهم - يحتاج (3) ملايين دولار.
6 - الدكتور «ش» مجموعة (ق) في الداخل - يحتاج إلى (1) مليون دولار. 7 - مجموعة الصوماليين إنشاء معسكر تدريب + إنشاء شركة صيد بحري على الشواطئ الصومالية - يحتاجون إلى (6.5) مليون دولار.
وفي رسالة رابعة تحت عنوان «التقديرات المطلوبة لعدد (1000) مقاتل ولكم التقدير»، قالت إن إجمالي المطلوب شراؤه من أسلحة وذخائر لكل ألف مقاتل يبلغ 7561500 دولار، وتضمنت مزيدا من التفاصيل عن أنواع الأسلحة المطلوبة، وعدد كل نوع وسعر الوحدة والقيمة الإجمالية لكل منها، من أجل تنفيذ عملية الشراء لتوزيعها على مجموعات المقاتلين الذين سيقومون بتنفيذ عمليات تخريبية بها داخل السعودية، بعد التسلل للمدن المستهدفة عبر الحدود خاصة الجنوبية حيث كانت تدور معركة بين الحوثيين، من جانب، والحكومة اليمنية، من جانب آخر، في وقت كانت فيه الحكومة السعودية تتصدى لمحاولات المقاتلين الحوثيين العبور إلى داخل أراضيها، حيث كان المقاتلون الحوثيون يستغلون غياب الحكومة اليمنية عن الحدود مع المملكة.
وجاء في صورة الرسالة أنه مطلوب شراء 150 قطعة من نوع «آر بي جي، بازوكا 9&10»، وقالت إن سعر الوحدة (القطعة) الواحدة يبلغ 1700 دولار، وإن المبلغ الإجمالي لهذا العدد يبلغ 255 ألف دولار. وطلبت الرسالة شراء 100 رشاش من نوع «متوسط محمول»، وقالت إن سعر القطعة يبلغ 800 دولار، وأن إجمالي المبلغ المطلوب 800 ألف دولار.
ومن أنواع الأسلحة التي ذكرتها الرسالة أيضا رشاشات من نوع «م ط 12,7»، وقالت إنه مطلوب منها 30 قطعة، وإن ثمن القطعة الواحدة 11500 دولار، وإن القيمة الإجمالية لهذه المجموعة 345 ألف دولار. وكذا مطلوب 20 قطعة من رشاشات من نوع «م ط 14,5» ويبلغ سعر الوحدة 24 ألف دولار، بإجمالي 480 ألف دولار، و20 مدفعا من نوع «بي 10» قيمة الواحد 11 ألف دولار، بإجمالي 220 ألف دولار، و100 صاروخ كتف من نوع «لو» بسعر القطعة 650 دولارا، بإجمالي 65 ألف دولار.
وورد في الرسالة أيضا باقي المهمات القتالية المطلوبة لمجموعة تتكون من 1000 مقاتل، منها 3000 قنبلة يدوية بسعر 55 دولارا للواحدة، بإجمالي 165 ألف دولار، و20 مدفعا من نوع «هاون 120» قيمة المدفع الواحد 9000 دولار، وإجمالي المجموعة 180 ألف دولار، و20 مدفعا من نوع «هاون 82» بقيمة 7000 دولار للقطعة، وبإجمالي 140 ألف دولار، و20 مدفعا من نوع «هاون 60» بقيمة 6000 دولار للقطعة، وبإجمالي 120 دولارا. ووردت في الرسالة قوائم بشراء الآلاف من الذخائر الخاصة بأنواع الأسلحة المشار إليها في الفقرات السابقة،وهي كالتالي 400 ألف من ذخائر الكلاشنكوف قيمتها 360 ألف دولار (قيمة الطلقة الواحدة 0.9 دولار)، و300 من قذائف البازوكا المتنوعة قيمتها 345 ألفا و500 دولار (قيمة الطلقة الواحدة 115 دولارا، و500 ألف دولار من ذخائر الرشاش المتوسط المحمول، بما قيمته 600 ألف دولار (سعر الطلقة 1.2 دولار)، و150 ألف من ذخائر رشاش «م ط 12,7»، بما قيمته 225 ألف دولار، (سعر الطلقة 1.5 دولار).
وجاء في طلب شراء المهمات القتالية أيضا، في بند الذخائر، 120 ألف ذخيرة رشاش «م ط 14,5» بسعر إجمالي 240 ألف دولار (بما قيمته دولاران للطلقة الواحدة)، و200 قذيفة لمدفع «بي 10» بما قيمته 14 ألفا (بسعر 70 دولارا للطلقة)، و200 قذيفة «هاون 120» بسعر 24 ألف دولار (بما قيمته 120 دولارا للطلقة» و200 قذيفة «هاون 82» بمبلغ 20 ألف دولار، (بسعر 100 دولار للطلقة)، إضافة إلى 200 قذيفة «هاون 60» بمبلغ 14 ألف دولار (بسعر 70 دولارا للقذيفة).
وفي بند آخر، ورد في الرسالة نفسها تحت عنوان «تجهيزات مطلوبة»، أن الشراء يتضمن أيضا 100 جهاز لاسلكي للاستخدام اليدوي والاستخدام في السيارات، بما قيمته 60 ألف دولار بسعر 600 دولار للقطعة الواحدة، و100 سيارة نقل تويوتا بسعر 3 ملايين و200 ألف دولار بسعر 32 ألف دولار للسيارة الواحدة.
ويتضح من الرسائل المتبادلة بين عملاء القذافي في اليمن، خاصة من على الحدود اليمنية - السعودية، وطرابلس الغرب، أن المخابرات الليبية ووحدة المعلومات السرية أخذت تستشعر خطوات الأمن السعودي، وهي تقتفي مخططاتها، وتغير قناعات بعض الموالين للقذافي وتحييدهم في هدوء. ومع ذلك لم يبادر النظام الليبي السابق بوقف التخطيط لعمليات تخريبية داخل السعودية، ولكنه بدأ في تغيير الاستراتيجية والاعتماد على عناصر أخرى تابعة له على الحدود في شمال اليمن كما سيتضح من الرسالة التالية الواردة تحت عنوان «فحوى الخطابات الجديدة من الإخوة في اليمن للعرض والاطلاع والتصرف».
تحمل الرسالة ثلاثة عناوين فرعية تم وضعها في مقدمة الرسالة لتلخيص مضمونها من جانب وحدة المعلومات السرية قبل تقديمها للعرض على المكتب الملحق بمقر القذافي. نقاط التلخيص أو العناوين الثلاثة تقول « - دعوة للهدوء قبل ساعة الصفر - تلغيم السعودية بالبشر - الاتصال مع نجران وعسير».
تقول الرسالة نصا: «لا نريد أعمالا تخريبية لا تؤدي إلى نتيجة وتوقظ العدو الغافل الآن. الآن يجب تلغيم السعودية بالبشر». وتعطي الرسالة الأولوية لمزيد من الكمون والسرية في العمل من أجل القيام بضربات مباغتة داخل السعودية. وتواصل الرسالة قائلة: «الآن مرحلة إعداد. هذه جبهة نريدها أن تكون جاهزة. عندما تأتي ساعة الصفر، ويجب العمل ضد السعودية من كل الجبهات قبل أن تعمل ضدنا. ويجب ألا نظهر في الصورة. ممكن عمل قيادة شعبية اجتماعية من قبائل بكيل (وتوضح رسائل أخرى كيف ردت قبائل بكيل بقوة أصابت عملاء القذافي بالخيبة). هذا يشجع بقية القبائل لتحذو حذوكم. الآن المطلوب تدريب العناصر.. التي عنده يدربها ويوسع قاعدة المتدربين ويخمن من الآن خريطة عمل لكيفية تسلل العناصر والسلاح للداخل».
وتوصي الرسالة بالعمل على تشكيل «مجموعة على هيئة معتمرين أو حجاج. ويتم استطلاع الأهداف المهمة والحيوية، ويبقون مجموعات هناك على هيئة باحثين عن عمل أو أي ساتر مناسب. ا
لآن المرحلة مرحلة إعداد ليس مرحلة سيارات أو تركيب رشاشات عليها. كما أن المهم هو كيف تحقق اتصالا وتماسا مع نجران وعسير والزعامات داخل السعودية، بمن فيهم الحرامية والزنادقة (..) والمجرمون كذلك، وإيوائهم واستغلالهم بالعكس، والاستعداد للزحف ساعة الصفر مع بقية الجبهات». تشير الرسائل المتبادلة بين عملاء النظام الليبي السابق في اليمن ووحدة المعلومات السرية في باب العزيزية إلى أن النشاط الليبي على الحدود اليمنية - السعودية كان يجري على قدم وساق، ولم يكن يكتفي بإعداد المقاتلين للتسلل إلى داخل الأراضي السعودية فقط، بل كان يجمع المعلومات ويقوم بأعمال التصوير وكأنه يدير معركة كاملة هناك. وفي رسالة تحمل عنوان «اللي جاب الصور مسك»، تقول إن شخصا من عملاء النظام الليبي السابق، لم تذكر اسمه أحضر صورا وتم توقيفه. ويبدو أن الصور تخص مواقع على الحدود اليمنية - السعودية، لأن الحديث عن هذه الصور يقترن بالحديث عن تجهيز دفعة من المقاتلين في تلك المنطقة الحدودية الواقعة بين منطقة نجران في جنوب السعودية ومحافظة الجوف التي تقابلها في شمال اليمن. وتقول الرسالة إن هذا الرجل تم القبض عليه، دون ذكر للجهة التي قامت بتوقيفه، هل هي اليمن أم السعودية؟ والرسالة تم إرسالها من اليمن أثناء احتدام الحرب بين الحكومة اليمنية والحوثيين، وهي الفترة التي كان فيها الجيش السعودي ينفذ عمليات لحماية الحدود من عدوان الحوثيين على أراضي المملكة عند حدود اليمن.
الرسالة مؤرخة بالتاريخ الهجري يوم 23 ذي الحجة 1430 (الموافق 10 ديسمبر/كانون الأول 2009)، وهي تستشهد ببعض ما نشر في الصحف وقنوات التلفزيون عن سير التطورات على الحدود اليمنية - السعودية.
ويقول نص الرسالة:
«آخر التطورات:
1/ جبهة على غرب نجران في يوم 30-11 (2009) وما زالوا في جبال العشة المطلة على نجران في بلاد وايلة، ونشرتها جريدة «اليوم» السعودية.
2/ جبهة في محافظة الجوف على الحدود اليمنية - السعودية في 2-12 (2009) وما زالوا في منطقة السطر محافظة الجوف ونشرتها قناتا «الجزيرة» و«العربية».
3/ تم تجهيز 2500 (..).
4/ الذي اتى بالصور اعتقل.