ذكرت مصادر دبلوماسية كبيرة أن الولايات المتحدة الامريكية اجرت محادثات سرية مع حركة حماس خلال الستة شهور التي سبقت توقيع اتفاقية المصالحة الفلسطينية، والتي ساهمت في موقف الادارة الأمريكية باعلانها الاستمرار في التعاون مع الحكومة الفلسطينية الجديدة.
هذا ما نقله موقع صحيفة "يديعوت احرونوت" عن موقع "باز فيد" الأمريكي على الانترنت والذي نسبه لمصادر دبلوماسية كبيرة، والتي أكدت بأنه جرى خلال الستة شهور الماضية العديد من اللقاءات التي جمعت بين مسؤولين من الادارة الأمريكية وقيادات من حركة حماس، وكانت تجري هذه اللقاءات بشكل سري في مصر والاردن وقطر.
وأشار الموقع إلى أن هذه اللقاءات مع حماس هي التي ساهمت بالموقف الأمريكي باستمرار التعاون مع حكومة الوحدة الوطنية، حيث جرى بحث العديد من القضايا في هذه الاجتماعات وعلى رأسها المصالحة الفلسطينية، وأعطت حماس عبر هذه اللقاءات وعودا للادارة الأمريكية بالاستمرار في محافظتها على اتفاقية الهدنة، كذلك موافقتها على اقامة انتخابات برلمانية فلسطينية ديمقراطية، وكذلك سعيها للتوصل الى سلام في المنطقة.
وقد نفت الادارة الأمريكية ما نشر عن لقاءات سرية مع حركة حماس، معتبره ما يتم نشره مجرد اكاذيب ولم يجر أي اجتماع مع قيادات في حركة حماس.
واستخف مسؤول اسرائيلي أمني كبير سابق، بالضجة التي تثيرها حكومته حول ما نشر عن اتصالات بين الادارة الأمريكية وحركة حماس. واعتبرها "حملات اعلامية تحريضية تدخل في اطار الأزمة المتفاقمة في العلاقات الاسرائيلية الأمريكية". وقال إن "كل اللاعبين على مسرح الشرق الأوسط يتحدثون مع حماس، وإسرائيل في المقدمة". واضاف: مصر تتحدث مع حماس، رغم انها تتهمها بدعم وإدارة عمليات الارهاب ضدها والأوروبيون يتحدثون مع حماس، رغم انهم يعتبرونها تنظيما إرهابيا محظورا، وأبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) يتحدث إلى حماس مع انه يعرف انها تهدد كيانه.
وردا على سؤال : إن كانت حماس بهذه القوة حتى يتدفقوا على بابها بالجملة، قال المسؤول الاسرائيلي السابق، والذي يعمل حاليا في السلك الأكاديمي: "بالعكس. يتحدثون إليها بسبب ضعفها. فهم يعرفون أنها بحاجة الى كل اتصال وكل دولار، بعدما خسرت علاقاتها الاقليمية بالكامل، مع مصر ومع ايران وسوريا وحزب الله. وخسرت التمويل الايراني الكبير بقيمة 300 مليون دولار في السنة. وخسرت 460 مليون دولار من هدم الأنفاق على حدود قطاع غزة مع مصر. ولم يعد بمقدورها الصمود في تغطية نفقات ورواتب كوادرها، البالغة 37 مليون دولار في الشهر. وأزمتها تفاقمت أكثر بعد صدامها مع مصر، فأصبحت في حصار خانق. ولم يبق لها سوى قطر، وهذه لا تقدم لحماس خدمات مجانية. بل لديها أجندة منسقة بشكل كامل مع واشنطن، وقد أعدوا دورا لحركة حماس وهي تؤديه بلا تردد، لأنها في أزمة".
ويعتقد على نطاق واسع أن الولايات المتحدة لا تقطع الصلات مع حماس، بل تحاور هذه الحركة الإسلامية، على الدوام، بهدف الضغط على الرئيس الفلسطيني محمود عباس وتقديم تنازلات في ملف المفاوضات وما يتفرع عنه من قضايا معقدة وشائكة.
و أوصح الدبلوماسي سبب الضجيج الاسرائيلي الصاخب ضد هذه الاتصالات،قائلا : "القادة الأمنيون والسياسيون في عهد هذه الحكومة (بقيادة بنيامين نتنياهو)، يفضلون ان تتم الاتصالات مع حماس من خلال قنوات اسرائيلية وليس بشكل مباشر مع واشنطن. وهذا طلب أناني ولكنه صحيح في الوقت نفسه. فنحن نعيش هنا في قلب حماس ومناطق سيطرتها، نعرف دقائق الأمور عنها ونعرف كل شيء عن الشخصيات القيادية منذ ولادة كل منهم، ونعرف نقاط ضعفهم ونقاط قوتهم. وفي عهد سياسات الكذب والتحايل، وجودنا في غرف الاتصالات يكون مجديا أكثر للولايات المتحدة وأوروبا". وأضاف ردا على سؤال آخر: "اللهجة الغاضبة جاءت بسبب العلاقات الثنائية بين البلدين (اسرائيل والولايات المتحدة) وليس بسبب مبدأ المحادثات. ففي زمن ايهود اولمرت مثلا لم تكن هذه الاتصالات مزعجة لاسرائيل".
ويشير المسؤول الاسرائيلي السابق إلى أن الاتصالات بين حماس والولايات المتحدة تجري ليس منذ ستة شهور بل منذ عقدين من الزمن على الأقل. وأنها تمت في عهدي الإدارات الجمهورية والديمقراطية في الولايات المتحدة على السواء. وقد زادت وتضاعفت وتيرتها في عهد الرئيس باراك اوباما، الذي يجريها ليس فقط لأسباب تكتيكية، بل لأسباب مبدئية. ويضيف: "أوباما مقتنع بأن السبيل لمحاربة تيارات الاسلام السياسي بمجمله هي سياسة خاطئة وفاشلة وكلفت الشعب الأمريكي الوف الضحايا. وهو يؤمن بأن هناك أوساطا اسلامية معتدلة ينبغي التعاون معها وتشجيعها وإن أمكن، حتى التحالف معها في مواجهة المد الشعبي الجارف لقوى التطرف. وأضاف: "وزير الخارجية جون كيري أيضا شريك في هذا المبدأ وكان قد بدأ الاتصالات مع حماس عندما كان يشغل منصب رئيس لجنة الخارجية والأمن في مجلس الشيوخ. وقد أجرى في حينه سلسلة لقاءات في اللجنة مع مسؤولين سابقين مثل مادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية الأسبق، والأدميرال ويليام فالون، وزير الدفاع الأسبق، وداليا مجاهد، مديرة الدراسات الإسلامية في معهد جالوب، وإيبوباتل مدير برنامج «شباب من كل الأديان»، وزينيو باران الزميل في معهد هدسون. وقد وجه اليهم الأسئلة التي تصب في خدمة أفكاره هذه قبل أن يصل الى البيت الأبيض مسؤولا للعلاقات الخارجية في ادارة اوباما.
وقال المصدر الاسرائيلي المذكور اعلاه إن اسرائيل تدير هي الأخرى حوارا مع حماس على طريقتها، وليس فقط في اطار صفقة تبادل الاسرى مقابل الجندي الاسرائيلي جلعاد شليط ولا حتى محادثات التهدئة – "فكبار مسؤولي المخابرات وغيرها من الأجهزة السرية، يلتقون قادة حماس المسؤولين المعتقلين في السجون ويتحدثون معهم في الكثير من القضايا السرية. وفقط في الشهر الماضي أضيف قائد جديد من حماس إلى هؤلاء الأسرى، هو الشيخ محمود محمد عيسى طعمة (63 عاما)، عضو محلس الشورى لحركة الاخوان المسلمين الدولية ورئيس لجنة المراقبة فيها. فهذا الرجل الذي يعيش في السعودية كان محط أنظار المخابرات الاسرائيلية. وقد وصل قبل شهر الى جسر اللنبي في طريقه الى الضفة الغربية فاعتقلته اسرائيل. وقد تكلم طعمة خلال التحقيق معه فكشف العديد من الأسرار، وبينها قنوات اتصال جديدة مع الولايات المتحدة لم تكن معروفة لاسرائيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق