تضع جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة معايير صارمة للشخصيات المتحدثة باسم الجماعة والحزب في الداخل وفي الخارج أيضا ولا تتهاون الجماعة مع أي شخص ينتمي لها يقصر فيما وكل إليه من مهام.
وبمجرد اعلان الاخوان عن رغبتهم في خوض غمار المنافسة في سباق الانتخابات الرئاسية كان لابد أن تعد فريقا قويا يمثلها في الخارج، وبالطبع كان لابد ألا يخلو هذا الفريق من وجود المرأة لإعطاء رسالة قوية للخارج تفيد بمدنية الجماعة وعدم رغبتها في إقصاء المرأة، ومن أبرز الوجوه النسائية بالجماعة والتي مثلتهم في الداخل والخارج هي سندس عاصم رئيس تحرير موقع الجماعة الناطق باللغة الإنجليزية، والتي سافرت كثيرا ضمن وفود الحزب للخارج لتوضيح رؤية الحزب في مختلف المجالات، ولعل أخطر هذه السفريات تلك التي قامت بها لواشنطن بعد إعلان اسم خيرت الشاطر كمرشح للجماعة في الانتخابات الرئاسية قبل رفض اللجنة العليا للانتخابات ترشحه واستبدال محمد مرسي به... ولأن الجماعة تعلم جيدا أن الولايات المتحدة لابد أن يكون لديها شعور بالرضا حيال الرئيس المصري، أجرت سندس عاصم مشاورات سرية مختلفة مع المسئولين الأمريكيين حول ترشح اخواني للرئاسة، وكان الهدف من وراء المشاورات الحصول علي مباركة أمريكا والمؤسسات المختلفة بداخلها لترشح أي من أعضاء الجماعة.
وعقدت عاصم عضو لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة والوفد المرافق لها، محادثات مع مسئولين وخبراء في مؤسسات بحثية بواشنطن بشأن دورهم المتنامي قبيل انتخابات الرئاسية في إطار حملة دبلوماسية لحشد التأييد لمرشحها.
وشاركت عاصم بمنتدي بجامعة جورج تاون في واشنطن حيث حرصت ان تبعث رسالة تهدئة إلي واشنطن من خلال كلمتها التي قالت فيها "نحن هنا لنبدأ مد جسور التفاهم مع الولايات المتحدة".. ولم يتوقف كلامها عن أمريكا والتغزل بدورها عند هذا الحد بل أضافت "ندرك الدور شديد الأهمية الذي تلعبه الولايات المتحدة في العالم ونود أن تتحسن علاقاتنا مع الولايات المتحدة عما كانت عليه قبل ذلك"... وأكدت عاصم خلال حديثها للولايات المتحدة أن حزب العدالة والحرية ملتزم بمبدأ مدنية الدولة وبأهداف الشريعة وليس بتطبيق أمور بعينها.
وأضافت أن مبادئ الحرية وحقوق الإنسان والعدالة للجميع هي الاولوية لحزب الحرية والعدالة.
كما حرصت عاصم علي أن تلتقي بوسائل الإعلام الأمريكية ومن بينها صحيفة واشنطن بوست لتنقل فكر الإخوان إلي الغرب، موضحة أن الجماعة تقدم وجهة نظر معتدلة ووسطية، وأولوياتها اقتصادية بالأساس وسياسية تحافظ علي قيم الثورة كالعدل الاجتماعي والتعليم والأمن.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن عاصم والوفد المرافق لها زار الولايات المتحدة للإجابة علي تساؤلات تتعلق بعلاقة جماعة الإخوان المسلمين مع الجيش المصري وموقفها من المساعدات الأمريكية للجيش، لكن وفد الجماعة لم يقدم سوي إجابات غامضة وفضفاضة... وعلي عكس سياسة حزب الحرية والعدالة الذي يفضل أن تكون لقاءاته مع المسئولين الغربيين ولاسيما الأمريكيين سرية،لم تجد عاصم أي مشكلة في أن تتحدث عن زيارة وفد الحزب إلي واشنطن موضحة أن الهدف من الزيارة جذب الاستثمارات إلي مصر والتشجيع علي التبادل الاقتصادي والتجاري بين الدولتين.
كما أوضحت أن زيارة الولايات المتحدة تأتي ضمن سلسلة من الجولات التي يقوم بها حزب الحرية والعدالة في آسيا وإفريقيا وأوروبا وأمريكا، للتشجيع علي السياحة وجذب الاستثمارات وخلق شراكات مستقبلية.
وبررت سندس أيضا أن جميع الجهات التي قابلها الوفد كانت بحاجة إلي رسائل تطمين حول وضع الاقتصاد والاستثمار في مصر، في حالة وصول التيار الإسلامي إلي الحكم، زاعمة أن الجميع أعرب عن حالة من الارتياح لرؤية وفد حزب الحرية والعدالة.
واعترفت عاصم بأن الحزب وجماعة الإخوان المسلمين يقومان بمجموعة من الزيارات المتبادلة مع أمريكا وأوروبا منذ فترة، موضحة أن الزيارة شملت مراكز أبحاث ووسائل إعلام، بالإضافة إلي عدد من الجامعات، بجانب مقابلة مسئولين في البيت الأبيض والخارجية الأمريكية، بهدف بناء الثقة وتعزيز الفهم المتبادل.
وتشارك عاصم في المنتديات والملتقيات الدولية التي تبرز دور المرأة في المجتمعات المختلفة، وباتت تمثل نموذجا للمرأة المصرية الثورية، التي شاركت في ثورة يناير وتري أن الثورة لم تكن لتبدأ لولا مجموعة من النساء المصريات اللاتي قدن الطريق إلي التحرير في 25 يناير الماضي، موضحة أن المرأة ساعدت الرجال علي الذهاب إلي التحرير، ولافتة إلي أنه كان من الصعب للغاية أن يتخطي الرجال الحواجز الأمنية، لذلك وقفت النساء في المقدمة من أجل الرجال الذين أتوا خلفهم، وعندما رأت قوات الأمن عدد النساء في المقدمة خافوا ولم يستطيعوا مهاجمتهم.
وكانت سندس تنظم التواصل مع المجتمع والعلاقات العامة لجماعة الإخوان المسلمين حتي عام 2011 وكانت تفعل ذلك تحت اسم مستعار لدواع أمنية، وكانت تدير دار نشر تابعة لعائلتها قبل الثورة، وبعد الثورة أصبحت رئيسة تحرير موقع الإخوان ويب،وهو الموقع الرسمي للجماعة الناطق باللغة الإنجليزية، ونظرا لإجادتها للغة الإنجليزية ودرايتها الجيدة بالعادات الغربية تم اختيارها من قبل الجماعة لتكون احد سفرائها الذين ينقلون أفكارها للغرب... وبدأت عاصم وهي ابنة عاصم شلبي القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، في الظهور لدي الدوائر البحثية والإعلامية الغربية باعتبارها نموذجا يعبر عن الجيل الجديد من شباب الإخوان المسلمين الذي يتحدث الانجليزية بطلاقة، في عام 2009، وهي من الجيل الذي حاولت الجماعة استغلاله لإبداء قدر من الانفتاح الفكري والثقافي بما يمهد للحوار مع أمريكا.
وكتبت سندس مقالا باللغة الانجليزية في دورية أقواس التي تصدرها مؤسسة قرطبة للحوار بين الثقافات، حمل عنوان "الإخوان المسلمون والديمقراطية الأمريكية هل يستطيع أوباما أن يكون فاتحة آمال جديدة للإسلام السياسي؟" دعت خلاله إدارة أوباما للحوار مع الإخوان المسلمين معتبرة أنه خطوة مهمة لاستعادة الولايات المتحدة مصداقيتها التي فقدتها في عهد الإدارة السابقة والمتعلقة بتمسك واشنطن بالقيم الديمقراطية... وسندس هي باحثة متخصصة في الإسلام السياسي والديمقراطية، وحصلت علي ماجستير في الاتصال السياسي بالجامعة الأمريكية، وكانت سندس قد درست الإعلام بكلية الآداب بجامعة عين شمس.
ولفتت سندس نظر الكاتب الصحفي نيكولاس كريستوف بصحيفة نيو يورك تايمز الذي قام بزيارة والدها ووالدتها الدكتورة منال أبوالحسن في عام 2011، وأفرد مقالة خاصة بالصحيفة للحديث عن سندس التي استطاعت أن تقنعه أن الإخوان المسلمين تيار معتدل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق