تقول صور من وثائق تم الحصول عليها مما كان يعرف باسم «وحدة المعلومات
السرية» التي كانت تتبع بشكل مباشر مكتب العقيد الليبي الراحل معمر
القذافي، إن المخابرات الليبية في النظام السابق عملت ولعدة سنوات على قدم
وساق لتنفيذ عمليات تخريبية في السعودية، كما حاولت عن طريق الكثير من
العملاء والإرهابيين والمرتزقة، وضخ ملايين الدولارات، تنفيذ مخططات ضد
المملكة. وورد في المستندات اقتراح بالاستعانة بالقراصنة الصوماليين،
واستخدام شركة صيد بحري ليبية، وكذا مقترح بإنشاء شركة بحرية أخرى على
شواطئ الصومال للغرض نفسه.
«الشرق الأوسط» اطلعت على مئات المستندات المحفوظة لدى قيادات كتائب عسكرية
في طرابلس، وتمكنت من الحصول على صور للعشرات منها، وإجراء تحريات عن
المعلومات الواردة فيها من مصادر فرت خارج ليبيا بعد أن كانت تعمل بالقرب
من العقيد الراحل الذي ظل في الحكم مدة 42 سنة.
ويبدو من صور المستندات أن العمليات الكثيرة التي حاولت مخابرات القذافي
القيام بها على مدى عدة سنوات، باءت بالفشل لأسباب كثيرة على رأسها يقظة
الجانب السعودي الذي عمل على إرباك خطط القذافي، والقضاء عليها في هدوء،
رغم تسبب تلك الخطط في سقوط ضحايا أبرياء في عدة دول خاصة في شمال اليمن
التي كانت منطقة نشطة لعناصر عملت لصالح النظام الليبي السابق انتهت بالحرب
الفاشلة التي افتعلتها عناصر من الحوثيين ضد حدود السعودية قبل عامين.
هذا بالإضافة إلى أنشطة كثيرة أخرى سيرد ذكرها في حلقات، حاولت فيها
مخابرات القذافي استخدام جمعيات وصحف وقنوات تلفزيون وإنترنت، لاستهداف
السعودية. وتوجد مجموعات من صور الرسائل، بعضها يكشف العمل المنظم من جانب
القذافي ضد السعودية، وبعضها يتحدث عن اختراق المخابرات الأميركية لأكثر من
عشرين ألف مكالمة لكبار رجال النظام الليبي السابق بما في ذلك مكالمات
القذافي نفسه، وابنه سيف الإسلام، ورئيس مخابراته عبد الله السنوسي،
وغيرهم. وتوجد رسائل أخرى تتعلق بعمليات ضخمة للاتجار في الكوكايين بين
عناصر من تنظيم القاعدة ومسؤولين محليين آخرين في مالي وعدة دول أفريقية،
وبالتعاون مع أطراف من كولومبيا وغيرها.
وتكشف صور رسائل أخرى تم تبادلها بالبريد الإلكتروني أن وحدة المعلومات
السرية التابعة للقذافي، كان يشرف عليها كل من العقيد «ع»، ويساعده اثنان
من أقارب القذافي كانا من قيادات اللجان الثورية. «الشرق الأوسط» تنشر هذه
الوثائق بعد تصويب ما فيها من أخطاء نحوية وإملائية، مع الاكتفاء بذكر
الحرف الأول من الاسم الثاني لكل شخصية ممن وردت أسماؤهم في المكاتبات
السرية
* المجموعة الأولى من صور الرسائل التي تتحدث عن الدفع بمجموعات من
المسلحين والمخربين إلى داخل السعودية، جرى تبادلها بين عملاء للنظام
الليبي السابق في اليمن ووحدة المعلومات السرية في باب العزيزية في طرابلس
الغرب في الفترة الممتدة من خريف عام 2009 حتى مطلع عام 2010. ويظهر من
خلالها الاستهداف للسعودية من نظام القذافي دون أي ذكر لمبرر واضح،
واستخدام نظام العقيد، كل ما يمكن من وسائل في مساعيه ومحاولاته الغريبة
التي لم تكتمل بغرض إثارة القلاقل داخلها ومهاجمة بعض الأهداف الحيوية
بالتفخيخ والتفجيرات، سواء عن طريق بعض التنظيمات أو العناصر المنتمية إلى
تنظيم القاعدة، لكن الرسائل تُظهر أيضا أن مخابرات القذافي كانت تتلقى
ضربات موجعة من الجانب السعودي، الذي كان يتصدى لتلك المحاولات وإفشالها
أولا بأول.
وتتضمن صور هذه الرسائل خطة تجنيد آلاف المرتزقة من المنتمين لحركة شباب
المجاهدين المرتبطة بتنظيم القاعدة في الصومال، وكذا تجنيد عناصر من تنظيم
القاعدة في جزيرة العرب ومقره اليمن، بالإضافة إلى محاولات أخرى لاستقطاب
ما يعرف بجيش عدن - أبين في جنوب اليمن، وفصائل من الحوثيين في شمال اليمن،
وآخرين من العراق، يعرفون باسم «مجموعة الألوية العراقية».
الهدف من تجنيد هذه الآلاف، المتكونة من خليط من المسلحين ينتمون لدول شتى
قريبة من السعودية، هو سهولة التسلل عبر حدود المملكة من الجنوب والشمال في
آن واحد لتنفيذ عمليات متزامنة في الرياض وجدة ونجران وجيزان وعسير
وغيرها. وتتحدث رسالة سرية تحت عنوان «استكمال العمل الميداني»، وردت إلى
وحدة المعلومات السرية التي كان مكتبها يقع بجوار مكتب القذافي في باب
العزيزية، عن تفاصيل الترتيبات المطلوب استكمالها لتقويض الاستقرار في
السعودية.
يقول نص الرسالة: «لكي يتم استكمال الإجراءات النهائية للمجموعات، التي
(يوجد) جزء منها في ترتيباته النهائية، وتجهيز الباقي في المدة المتبقية،
لكي تكون جاهزة لأداء مهامها:
1 - الجبهة الشمالية الشرقية: وهي المجموعة العراقية الجاري الترتيب لتسريب
أغلب عناصرها إلى الداخل، وستكون مهمتها مقتصرة على الرياض».
وتقول الرسالة في البند الثاني:
- 2 - الجبهة الشمالية الغربية:(جبهة الحجاز)، محمد م» لديه مجموعات وخلايا
داخل جدة بالإضافة إلى إمكانية مهاجمة بعض الأهداف الحيوية، وكذلك تقديم
المعلومات.
- 3 - الجبهة الجنوبية: مجموعة «ص. بن. ش.» و«س. أبو. ل.» و«ي. أبو.ش».
وتكون انطلاقتها من الأراضي اليمنية أراضي قبيلة «و»، وستكون باتجاه نجران
وجيزان وعسير وقد تتمكن من الوصول إلى جدة. وكثير هذه القوة (6 آلاف مسلح)
يوجدون في حالة جهوزية مع الرغبة في زيادة حجم القوة بإضافة سبعة آلاف مسلح
بحيث تصبح في حدود 13 ألفا.
وتواصل الرسالة قائلة بالنص: قبائل «ع» بمأرب - مجموعة الشيخ «ع.م»، وعدد
هذه القوة إذا وافقنا على تجهيزها ستكون ألف مقاتل من أبناء مأرب. وهناك
خطة جيدة لديهم للتنسيق والتعاون مع مجموعة القاعدة في جزيرة العرب التي هي
الآن بأراضي هذه القبائل.
وتتحدث الرسالة عمن تسميهم «الصوماليين المدربين على استخدام السلاح»،
وتتحدث أيضا عن شركة بحرية ليبية تقول إنها يمكن أن تقوم بنقلهم من الصومال
إلى السواحل اليمنية، ثم إدخالهم عن طريق اليمن، إلى الأراضي السعودية.
وتقول الرسالة: «الصوماليون: - مستعدون لأي عدد.. ويمكن العمل على تجهيز
عشرة آلاف صومالي أغلبهم أصلا مدربون على السلاح يحتاجون إلى زيادة رفع
الكفاءة والتدريب على التفخيخ والتفجيرات، وجارٍ الآن تجهيز معسكرات
التدريب بالصومال، علما أن لديهم مجموعات في الداخل في حدود (300) شخص،
وأُعدت خطط لوصولهم عن طريق اليمن بمساعدة القراصنة الصوماليين وشركة الصيد
البحري الليبية بمعرفة «ز» و«م». وهناك رأي آخر سندرسه إذا انضم جزء أو
أغلب الصوماليين إلى مجموعات «و» و«ع»، وانطلقوا في آن واحد.
وتتناول الرسالة ذكر مجموعات أخرى من المقاتلين المرتزقة والإرهابيين،
وتقول إنهم على أهبة الاستعداد والجاهزية ويمكن تسريبهم إلى داخل السعودية
من أجل مهمة تنفيذ عمليات تخريبية فيها. وتقول الرسالة بالنص: مجموعات «ر»:
- الآن جاهز منهم (2000) ويكمن تسريبهم أو دخولهم في الوقت المناسب..
مشكلة هذه المجموعات المصروفات العالية بالإضافة إلى أن الأخ مبروك لا
يتحمل عملهم في الداخل. ويقول إن هذه من مهمة الدكتور «ع.ع»، والنقيب «ش».
وهؤلاء طلباتهم مبالغ فيها فإذا أردنا الاستفادة من «ر» يمكن ضمهم إلى
اليمنيين أو العمل مع قياداتهم في الداخل لتحمل المسؤولية. أو تعويضهم
بأعداد من الصومال.
وتواصل الرسالة قائلة: «مجموعة ش»: هي مجموعة الجر..، بالإضافة إلى أنه تم
الاتفاق مع «ط. ر» على إصدار بيانات ومنشورات باسمه ووافق على ذلك.
- وهناك مجموعة المحامي «ق» ومعه مجموعة ضباط في الداخل وعناصر أخرى من «ش».
- إمكانية الاستفادة من الحوثيين إذا أوقفت الحرب السادسة (حرب صعدة 2009 -
2010) وانتهت بالمحافظة على مواقعهم في (مناطق) الملاحيظ وحرف سفيان
وصعدة، حيث لديهم الاستعداد لذلك أو ربما يستعان بهم في خلق فوضى على
الحدود اليمنية - السعودية أو فرز قوى منهم للمشاركة. وجاء في الرسالة
نفسها تحت عنوان فرعي هو «احتياج المجموعات لاستكمال الإجراءات»، وتتضمن
خطة تفصيلية بمطالب كل رئيس مجموعة من المجموعات التخريبية على الجبهات
داخل السعودية، وتبين الرسالة أن عملاء المخابرات الليبية قاموا بتحديد تلك
المواقع لبدء تنفيذ المخطط فيها لإثارة الفوضى والتدمير والقتل. كما تتضمن
الرسالة بيانات تفصيلية عن مقدار الأموال التي تحتاجها الخطة في كل موقع،
ورئيس المجموعة الذي سوف تحول له الأموال التي يصل مقدارها إلى ملايين
الدولارات:
«1 - جبهة الحجاز – م. م (5) ملايين. 2 - جبهة «و» العدد (6000) نرى إضافة
(4000) مسلح بحيث يصبح عدد القوة (10000) ولإتمام الاستعدادات يحتاجون إلى
(18) مليون دولار. 3 - مجموعة الألوية العراقية عددهم (2500) وهم على هيئة
فرقة منظمة عسكريا لاستكمال إجراءاتهم يحتاجون إلى (7) ملايين. 4 - مجموعة
ع. م (قبائل «ع» ومجموعات مأرب) بالإضافة إلى مجموعات جزيرة العرب (فرع
تنظيم القاعدة) ويشمل التدريب والتسليح والتجهيز، ويحتاجون إلى (7) ملايين.
وتواصل الرسالة سرد بنود المتطلبات المالية وهي بالدولار، قائلة: «5 -
الصوماليون.. إجراءات التدريب في حدود (10) ملايين ويمكن زيادة العدد حسب
الطلب ولتسريبهم عن طريق البحر وتسليحهم (..) يحتاجون إلى (12) مليونا. 6 -
بالإضافة إلى رصد مبلغ للحوثيين».
وفي رسالة أخرى تحمل عنوان «استكمال باقي احتياجات المجموعات» تتحدث بمزيد
من التفاصيل عن الأموال الإضافية المطلوبة لكل
مجموعة، وتقول:
«1 - مجموعة جبهة الحجاز (م.م)– تحتاج إلى (3) ملايين دولار.
2 - مجموعة ص. بن. ش + س.أبو. لـ+ ي.أبو.ش. عدد قواتهم 6 آلاف، ويحتاجون إلى زيادة 4 آلاف - يحتاجون إلى 15 مليون دولار.
3 - مجموعة الألوية العراقية استكمال إجراءات تجهيز الدخول داخل السور - يحتاجون إلى (6) ملايين دولار.
4 - «المبروك. س» + مجموعة الداخل، جاهز ولديه ألفا عسكري ومتدرب، ويحتاج إلى إجراءات دخولهم وتسريبهم - يحتاج إلى (4) ملايين دولار.
5 - «ع. م.» مجموعة جزيرة العرب + 1000 عسكري من قبيلة «ع»، إجراءات تجهيزهم - يحتاج (3) ملايين دولار.
6 - الدكتور «ش» مجموعة (ق) في الداخل - يحتاج إلى (1) مليون دولار. 7 -
مجموعة الصوماليين إنشاء معسكر تدريب + إنشاء شركة صيد بحري على الشواطئ
الصومالية - يحتاجون إلى (6.5) مليون دولار.
وفي رسالة رابعة تحت عنوان «التقديرات المطلوبة لعدد (1000) مقاتل ولكم
التقدير»، قالت إن إجمالي المطلوب شراؤه من أسلحة وذخائر لكل ألف مقاتل
يبلغ 7561500 دولار، وتضمنت مزيدا من التفاصيل عن أنواع الأسلحة المطلوبة،
وعدد كل نوع وسعر الوحدة والقيمة الإجمالية لكل منها، من أجل تنفيذ عملية
الشراء لتوزيعها على مجموعات المقاتلين الذين سيقومون بتنفيذ عمليات
تخريبية بها داخل السعودية، بعد التسلل للمدن المستهدفة عبر الحدود خاصة
الجنوبية حيث كانت تدور معركة بين الحوثيين، من جانب، والحكومة اليمنية، من
جانب آخر، في وقت كانت فيه الحكومة السعودية تتصدى لمحاولات المقاتلين
الحوثيين العبور إلى داخل أراضيها، حيث كان المقاتلون الحوثيون يستغلون
غياب الحكومة اليمنية عن الحدود مع المملكة.
وجاء في صورة الرسالة أنه مطلوب شراء 150 قطعة من نوع «آر بي جي، بازوكا
9&10»، وقالت إن سعر الوحدة (القطعة) الواحدة يبلغ 1700 دولار، وإن
المبلغ الإجمالي لهذا العدد يبلغ 255 ألف دولار. وطلبت الرسالة شراء 100
رشاش من نوع «متوسط محمول»، وقالت إن سعر القطعة يبلغ 800 دولار، وأن
إجمالي المبلغ المطلوب 800 ألف دولار.
ومن أنواع الأسلحة التي ذكرتها الرسالة أيضا رشاشات من نوع «م ط 12,7»،
وقالت إنه مطلوب منها 30 قطعة، وإن ثمن القطعة الواحدة 11500 دولار، وإن
القيمة الإجمالية لهذه المجموعة 345 ألف دولار. وكذا مطلوب 20 قطعة من
رشاشات من نوع «م ط 14,5» ويبلغ سعر الوحدة 24 ألف دولار، بإجمالي 480 ألف
دولار، و20 مدفعا من نوع «بي 10» قيمة الواحد 11 ألف دولار، بإجمالي 220
ألف دولار، و100 صاروخ كتف من نوع «لو» بسعر القطعة 650 دولارا، بإجمالي 65
ألف دولار.
وورد في الرسالة أيضا باقي المهمات القتالية المطلوبة لمجموعة تتكون من
1000 مقاتل، منها 3000 قنبلة يدوية بسعر 55 دولارا للواحدة، بإجمالي 165
ألف دولار، و20 مدفعا من نوع «هاون 120» قيمة المدفع الواحد 9000 دولار،
وإجمالي المجموعة 180 ألف دولار، و20 مدفعا من نوع «هاون 82» بقيمة 7000
دولار للقطعة، وبإجمالي 140 ألف دولار، و20 مدفعا من نوع «هاون 60» بقيمة
6000 دولار للقطعة، وبإجمالي 120 دولارا. ووردت في الرسالة قوائم بشراء
الآلاف من الذخائر الخاصة بأنواع الأسلحة المشار إليها في الفقرات
السابقة،وهي كالتالي 400 ألف من ذخائر الكلاشنكوف قيمتها 360 ألف دولار
(قيمة الطلقة الواحدة 0.9 دولار)، و300 من قذائف البازوكا المتنوعة قيمتها
345 ألفا و500 دولار (قيمة الطلقة الواحدة 115 دولارا، و500 ألف دولار من
ذخائر الرشاش المتوسط المحمول، بما قيمته 600 ألف دولار (سعر الطلقة 1.2
دولار)، و150 ألف من ذخائر رشاش «م ط 12,7»، بما قيمته 225 ألف دولار، (سعر
الطلقة 1.5 دولار).
وجاء في طلب شراء المهمات القتالية أيضا، في بند الذخائر، 120 ألف ذخيرة
رشاش «م ط 14,5» بسعر إجمالي 240 ألف دولار (بما قيمته دولاران للطلقة
الواحدة)، و200 قذيفة لمدفع «بي 10» بما قيمته 14 ألفا (بسعر 70 دولارا
للطلقة)، و200 قذيفة «هاون 120» بسعر 24 ألف دولار (بما قيمته 120 دولارا
للطلقة» و200 قذيفة «هاون 82» بمبلغ 20 ألف دولار، (بسعر 100 دولار
للطلقة)، إضافة إلى 200 قذيفة «هاون 60» بمبلغ 14 ألف دولار (بسعر 70
دولارا للقذيفة).
وفي بند آخر، ورد في الرسالة نفسها تحت عنوان «تجهيزات مطلوبة»، أن الشراء
يتضمن أيضا 100 جهاز لاسلكي للاستخدام اليدوي والاستخدام في السيارات، بما
قيمته 60 ألف دولار بسعر 600 دولار للقطعة الواحدة، و100 سيارة نقل تويوتا
بسعر 3 ملايين و200 ألف دولار بسعر 32 ألف دولار للسيارة الواحدة.
ويتضح من الرسائل المتبادلة بين عملاء القذافي في اليمن، خاصة من على
الحدود اليمنية - السعودية، وطرابلس الغرب، أن المخابرات الليبية ووحدة
المعلومات السرية أخذت تستشعر خطوات الأمن السعودي، وهي تقتفي مخططاتها،
وتغير قناعات بعض الموالين للقذافي وتحييدهم في هدوء. ومع ذلك لم يبادر
النظام الليبي السابق بوقف التخطيط لعمليات تخريبية داخل السعودية، ولكنه
بدأ في تغيير الاستراتيجية والاعتماد على عناصر أخرى تابعة له على الحدود
في شمال اليمن كما سيتضح من الرسالة التالية الواردة تحت عنوان «فحوى
الخطابات الجديدة من الإخوة في اليمن للعرض والاطلاع والتصرف».
تحمل الرسالة ثلاثة عناوين فرعية تم وضعها في مقدمة الرسالة لتلخيص مضمونها
من جانب وحدة المعلومات السرية قبل تقديمها للعرض على المكتب الملحق بمقر
القذافي. نقاط التلخيص أو العناوين الثلاثة تقول « - دعوة للهدوء قبل ساعة
الصفر - تلغيم السعودية بالبشر - الاتصال مع نجران وعسير».
تقول الرسالة نصا: «لا نريد أعمالا تخريبية لا تؤدي إلى نتيجة وتوقظ العدو
الغافل الآن. الآن يجب تلغيم السعودية بالبشر». وتعطي الرسالة الأولوية
لمزيد من الكمون والسرية في العمل من أجل القيام بضربات مباغتة داخل
السعودية. وتواصل الرسالة قائلة: «الآن مرحلة إعداد. هذه جبهة نريدها أن
تكون جاهزة. عندما تأتي ساعة الصفر، ويجب العمل ضد السعودية من كل الجبهات
قبل أن تعمل ضدنا. ويجب ألا نظهر في الصورة. ممكن عمل قيادة شعبية اجتماعية
من قبائل بكيل (وتوضح رسائل أخرى كيف ردت قبائل بكيل بقوة أصابت عملاء
القذافي بالخيبة). هذا يشجع بقية القبائل لتحذو حذوكم. الآن المطلوب تدريب
العناصر.. التي عنده يدربها ويوسع قاعدة المتدربين ويخمن من الآن خريطة عمل
لكيفية تسلل العناصر والسلاح للداخل».
وتوصي الرسالة بالعمل على تشكيل «مجموعة على هيئة معتمرين أو حجاج. ويتم
استطلاع الأهداف المهمة والحيوية، ويبقون مجموعات هناك على هيئة باحثين عن
عمل أو أي ساتر مناسب. ا
لآن المرحلة مرحلة إعداد ليس مرحلة سيارات أو تركيب
رشاشات عليها. كما أن المهم هو كيف تحقق اتصالا وتماسا مع نجران وعسير
والزعامات داخل السعودية، بمن فيهم الحرامية والزنادقة (..) والمجرمون
كذلك، وإيوائهم واستغلالهم بالعكس، والاستعداد للزحف ساعة الصفر مع بقية
الجبهات». تشير الرسائل المتبادلة بين عملاء النظام الليبي السابق في اليمن
ووحدة المعلومات السرية في باب العزيزية إلى أن النشاط الليبي على الحدود
اليمنية - السعودية كان يجري على قدم وساق، ولم يكن يكتفي بإعداد المقاتلين
للتسلل إلى داخل الأراضي السعودية فقط، بل كان يجمع المعلومات ويقوم
بأعمال التصوير وكأنه يدير معركة كاملة هناك. وفي رسالة تحمل عنوان «اللي
جاب الصور مسك»، تقول إن شخصا من عملاء النظام الليبي السابق، لم تذكر اسمه
أحضر صورا وتم توقيفه. ويبدو أن الصور تخص مواقع على الحدود اليمنية -
السعودية، لأن الحديث عن هذه الصور يقترن بالحديث عن تجهيز دفعة من
المقاتلين في تلك المنطقة الحدودية الواقعة بين منطقة نجران في جنوب
السعودية ومحافظة الجوف التي تقابلها في شمال اليمن. وتقول الرسالة إن هذا
الرجل تم القبض عليه، دون ذكر للجهة التي قامت بتوقيفه، هل هي اليمن أم
السعودية؟ والرسالة تم إرسالها من اليمن أثناء احتدام الحرب بين الحكومة
اليمنية والحوثيين، وهي الفترة التي كان فيها الجيش السعودي ينفذ عمليات
لحماية الحدود من عدوان الحوثيين على أراضي المملكة عند حدود اليمن.
الرسالة مؤرخة بالتاريخ الهجري يوم 23 ذي الحجة 1430 (الموافق 10
ديسمبر/كانون الأول 2009)، وهي تستشهد ببعض ما نشر في الصحف وقنوات
التلفزيون عن سير التطورات على الحدود اليمنية - السعودية.
ويقول نص الرسالة:
«آخر التطورات:
1/ جبهة على غرب نجران في يوم 30-11 (2009) وما زالوا في جبال العشة المطلة
على نجران في بلاد وايلة، ونشرتها جريدة «اليوم» السعودية.
2/ جبهة في محافظة الجوف على الحدود اليمنية - السعودية في 2-12 (2009) وما
زالوا في منطقة السطر محافظة الجوف ونشرتها قناتا «الجزيرة» و«العربية».
3/ تم تجهيز 2500 (..).
4/ الذي اتى بالصور اعتقل.
قال بيان لوزارة الدفاع الأمريكية،
البنتاجون، إن وزير الدفاع تشاك هاجل، أجرى اتصالا هاتفيا الخميس، مع
وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي، حيث أعرب هاجل عن قلقه
إزاء الاتهامات الأخيرة الموجهه إلى الرئيس المعزول محمد مرسي وقيادات
جماعة الإخوان المسلمين.
كان النائب العام أمر يوم الأربعاء
الماضي بإحالة محمد مرسي والمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين وآخرين من
قيادات الجماعة إلى محكمة الجنايات بتهمة "التخابر".
وقال بيان
للبنتاجون، نشر على موقعه الرسمي، إن هاجل "أبلغ السيسي بأن مثل هذه
التطورات تنفر بعض المصريين وتعرقل جهود بناء مصر ديمقراطية حرة آمنة
ومستقرة".
كما عبر هاجل أيضا عن القلق بشأن "أعمال العنف الأخيرة
ضد منظمة غير حكومية" في إشارة إلى مداهمة مكاتب إحدى جمعيات المجتمع
المدني في منتصف الليل.
وقال البيان إن الجانبان بحثا استعدادات مصر لإجراء الاستفتاء على الدستور، الذي من المقرر إجراؤه يومي 14 و15 يناير المقبلين.
وأكد
هاجل "أهمية إجراء عملية شفافة، يتم من خلالها حماية حرية التعبير لجميع
المواطنين خلال فترة الاستفتاء على الدستور، بغض النظر عما إذا كانوا
يؤيدونه أو يعارضونه".
وقال البيان إن هاجل أبلغ السيسي بأن الولايات المتحدة "ملتزمة بالعلاقات العسكرية بينها وبين مصر، ورغبتها في مواصلة العمل معها لدعم انتقال سياسي شامل ومستقر".
وأطلع
هاجل السيسي على نتائج زيارته الأخيرة للشرق الأوسط، مشيرا إلى إنه "شجع
الشركاء الإقليميين لمواصلة لعب دور في تحسين الاقتصاد المصري والقيام بدور
بناء في دعم المرحلة الانتقالية في مصر".
كانت العلاقات المصرية الأمريكية شهدت توترا عقب عزل الجيش الرئيس الإسلامي محمد مرسي وفض قوات الأمن لاعتصامين مؤيدين لمرسي، وقامت الولايات المتحدة بحجب تسليم دبابات وطائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر وصواريخ وأيضا مساعدة نقدية قيمتها 260 مليون دولار.
رفض قيادة أبو الفتوح لإخوان مصر.. ورشح القرضاوى.. وزوجته تنقل التكليفات من سجنه
كشفت مصادر مقربة من جماعة الإخوان أن نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المصرية خيرت الشاطر رفض قرار التنظيم الدولى بتولى القيادى الإخوانى رئيس حزب مصر القوية عبد المنعم أبو الفتوح مهام المرشد العام للجماعة خلفا لمحمد بديع المسجون ومحمود عزت الهارب إلى غزة.
وقالت المصادر أن زوجة الشاطر التى تنقل عنه التكليفات من سجنه إلى أعضاء وكوادر الجماعة أجرت اتصالات بأعضاء التنظيم الدولى وأخبرتهم ان الشاطر لا يوافق على تولى أبو الفتوح مهام المرشد ولا حتى بشكل سري.
ونقلت عن الشاطر أن قيادة أبو الفتوح للجماعة ستؤدى إلى شروخ عميقة داخل الأوساط الشبابية الإخوانية التى لا تزال تميل إلى أبو الفتوح رغم الجهود الجبارة التى بذلها الشاطر خلال سجنه أيام مبارك فى إخراجه من مكتب الإرشاد، ثم خروجه من الجماعة للترشيح للرئاسة.
ووفقا للمصادر اقترح الشاطر أن يتولى الدكتور يوسف القرضاوى مهام المرشد، لكن أعضاء فى التنظيم الدولى يعارضون ذلك بسبب كبر سن القرضاوى الذى يقترب من تسعين عاما، علاوة على أنه لم يسبق له تولى مناصب قيادية داخل الجماعة رغم انضمامه للإخوان مطلع خمسينيات القرن الماضى.
وترى المصادر أن رفض الشاطر لتولى أبو الفتوح قيادة الجماعة راجع إلى الغيرة الشخصية حيث يحظى أبو الفتوح بشعبية لدى شباب الإخوان، يفتقدها الشاطر، مشيرة إلى أن الخلاف حول أبو الفتوح هو أكبر تحد كبير تواجهه جماعة الإخوان المصرية فى مواجهة التنظيم الدولى الذى يحمل بديع والشاطر مسئولية سقوط الإخوان من حكم مصر.. واضطرار التنظيم الدولى إلى اعتماد مليارات الدولارات لإعادة شعبية الجماعة.. ومواجهة الحكم الجديد فى مصر رغم اعترافهم فى اجتماعاتهم الخاصة بصعوبة عودة الجماعة إلى حكم مصر فى الزمن المنظور.
عميد في الجيش الليبي لـ'العرب': الجماعة كونت جيشا في ليبيا مثل طالبان للاستيلاء على السلطة.
زيدان اتهم نائبين إسلاميين بالضلوع في عملية اختطافه، لكن ذلك لا يخفي أن مهادنته للإخوان قوت من شوكتهم
طرابلس - حالة الانفلات الشامل التي تشهدها ليبيا لم تعد خافية على أيّ
ملاحظ للتطوّرات الجارية في منطقة ما يُسمّى بدول «الربيع العربي». فقد
أخذت الأوضاع الأمنيّة المتأزّمة في التفاقم المتصاعد منذ إسقاط نظام
القذافي عام 2011.
وأضحى هذا البلد النفطي، بمختلف مؤسّساته السياسيّة والاقتصاديّة
والأمنيّة، أسيرا لميليشيات وتشكيلات مسلّحة تدين بالولاء لا للدولة وإنّما
لأحزاب أو جماعات دينيّة متشدّدة أو قبائل تقتسم مناطق النفوذ في البلاد
شرقا وغربا.
«العرب» التقت مع العميد الركن في الجيش الليبي محمد عبدالعاطي الرفاعي ذي
التجربة العسكرية والسياسيّة الواسعة ليُشخّص الأوضاع المعقّدة السائدة في
ليبيا، ولاسيّما مسبّبات استمرار عجز السلطات الليبية عن فرض هيبة مؤسّسات
الدولة وسلطة القانون، ودور إخوان ليبيا وامتداداتهم الدولية في اختراق
مختلف الأجهزة وتغذية حالة الارتباك العامّة في البلاد.
العميد الركن محمد عبدالعاطي الرفاعي خبير عسكري أمضى سنوات طويلة في خدمة
الجيش الليبي، وله معرفة كبرى بالرهانات الإقليمية والدولية المحيطة
ببلاده، خاصّة أنّه خاض حروبا عدّة خارج البلاد، وقبع أكثر من عشر سنوات في
سجون نظام معمر القذافي وزنازينه. وفي لقائه مع «العرب» رسم صورة قاتمة،
إلى أبلغ الحدود، عن التهديدات والاختراقات التي تضرب عمق الأمن القومي
الليبي.
يقول الرفاعي: «توجد حاليا أخطار حقيقية يتعرّض لها الأمن القومي الليبي،
فرضتها التغييرات الحاصلة في ليبيا أثناء ثورة فبراير وبعدها، وإذا فكرنا
في تحديد المخاطر نجدها داخلية وخارجية. فقد أصبحت الحدود الليبية مستباحة
من الشرق والغرب شمالا وجنوبا، وأضحى البلد مرتعا خصبا لمخابرات العالم».
زيدان ساهم في تدمير الجيش الليبي، وهو شخصية ضعيفة تتحكم فيه مراكز القوى ومنها جماعة الإخوان
الجماعة رأس الحية
وحول المتسبّبين في حالة الانفلات الأمني السائدة في البلاد، يوضّح
مُحدّثنا: «أنا أحمّل مسؤولية هذا الواقع لمصطفى عبدالجليل أثناء توليه
رئاسة المجلس الانتقالي، فقد أهمل تفعيل الجيش وخصوصا في المنطقة الشرقية،
حيث كان يمكن الاعتماد على الجيش ليكون نواة في تلك الفترة خاصّة أنّ لديه
التسليح الكافي»، موضحا أنّ «الإسلاميين هم من فرضوا ذلك التوجّه السلبي
على عبدالجليل. ومن بعده أكمل علي زيدان المهمة».
وفي هذا الصدد يُشير الرفاعي إلى أنّه كان قد التقى مع زيدان حتى قبل أن
يستلم الحكومة وتباحث معه بخصوص إعادة هيكلة الجيش، قائلا: «لمست فيه يومها
حرصه على بناء الجيش الليبي، وللأسف فإنّه تخلى عن مبادئه تلك بعد انتخابه
رئيسا للوزراء. كما أنّه ساهم في بناء مليشيات ومنها مليشيات «سيف النصر»
في الجنوب ومدّها بالأسلحة والتجهيزات العسكرية، فضلا عن دعمه دروع ليبيا».
وقال حرفيا إنّ زيدان «ساهم في تدمير الجيش الليبي، لكونه شخصية ضعيفة
تتحكّم فيه مراكز القوى ومنها الإخوان وغيرها من الحركات الإسلامية حتّى
أصبح أسيرا لديها. كما سبق أن طلبت منه، بحضور جمعٍ من الضباط، مقابلة
مصطفى عبد الجليل فقال إنّه سينقل إليه مطالبنا بخصوص الجيش».
في الاتجاه ذاته، تحدّث الرفاعي عن سطوة جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا
ومحاولاتهم الحثيثة لاختراق مختلف أجهزة الدولة، وأكّد أنّ «الإخوان يحضرون
جيشا كجيش طالبان من أجل الوصول إلى السلطة، فأنا ضدهم كرجل عسكري وكمواطن
ليبي، ولكن هم فاشلون والمجتمعات العربية نبذتهم»، قائلا: «إنّ الشعب
الليبي لا يقبل أصلا بالفاشية الدينية وعلى الطرف الآخر ضرورة تفهّم ذلك».
وأضاف: «أنا لا أكره الإخوان، ولكنّني أرفض سياستهم وأعمالهم على الأرض،
وللتوضيح فهم متحدون مع الحركات الإسلامية الأخرى من أجل الالتفاف على
الحكم، وهذا ما يخفيني، غير أنّ ذلك قد يصل بهم إلى التناحر فيما بينهم،
كما أنّني لا أبرّئهم من عمليات القتل المرتكبة ضدّ عناصر الجيش، فهم
الأقرب إلى ذلك في ظل غياب الحقائق والتحقيقات الجادّة».
عوامل تهديد الأمن القومي الليبي
◄ تفاقم عدد المليشيات المسلحة
◄ انقسامات قبيلة وجهوية وحزبية
◄ حركات إسلامية أبرزها الإخوان
◄ استقطاب المتطرفين في العالم
◄ حضور لافت للمخابرات الأجنبية
وبشأن التهديدات التي تواجه الأمن القومي الليبي، اعتبر الرفاعي أنّه من
«الواضح أنّ عدوّنا يعيش بيننا في الداخل وله وجوه متعدّدة، ويتمثل في
المليشيات المسلحة التي تهدد الأمن القومي، وكذلك القبلية والجهوية
والحزبية المقيتة، والحركات الإسلامية الهدّامة المصطنعة المستوردة».
قاعدة للتطرف العالمي
بالنسبة إلى التهديدات الخارجيّة، فيرى العميد الليبي أنّ «التهديد في
الغالب معروف المصدر والتمويل وحتى التوجّه، ومن ثمة يُمكن التعامل معه
والحدّ منه وأحيانا يمكن القضاء عليه، لكن أن تتحوّل ليبيا إلى قندهار أو
طالبان فهنا تكمن المشكلة الحقيقية في ظل غياب الأمن القومي».
كما وصف الرفاعي ليبيا بكونها أضحت حاليا «نقطة تجمّع لكافّة المتطرفين في
العالم من الجزائر والمغرب وتونس ومصر وغيرها من بقاع العالم. وهذا العبث
يعطي الفرصة لدخول مخابرات العالم، فإن رَضينا وسكتنا فإنّ الدول الأجنبيّة
لن تسكت على ذلك بسبب انعدام الأمن القومي في ليبيا»، مضيفا للتدليل على
ما بلغته هذه الأوضاع من ترهّل «حتى تشاد والنيجر أصبح لهما مطامع في
بلادنا، والغرب قد يتدخّل بحجّة محاربة الإرهاب».
وبخصوص تمويل جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، فقد كان العميد الرفاعي قد
أكّد في حديث سابق أنّ قطر لها دور كبير في ذلك، قائلا «أصبحنا الآن تُبّع
لقطر ولبعض الدول الغربية وهو ما نرفضه، حتى ولو كانت دول صديقة.. فسيادة
البلد تبدو اليوم منتهكة نتيجة السياسات العقيمة المقتصرة على المسكنات».
يرى القيادي العسكري الليبي أنّه من المفترض أن يكون هناك مجلس أعلى للأمن
القومي يتكوّن من وزير الدفاع ووزير الداخلية ورئيس الأركان العامة ورئيس
الاستخبارات العسكرية ورئيس البنك المركزي وكذلك الأمن الغدائي والدوائي،
موضّحا أنّ «الأمن القومي يشمل تقريبا كلّ شيء وهذا مفقود عندنا كليا، ولو
كنا نحافظ على أمننا القومي لما اختُطف رئيس الوزراء وضُرب وأهين وسُلبت
منه خصوصياته… وبسبب غياب الأمن القومي نعيش مختلف المشاكل المفتعلة، من
الوقود إلى فقدان المياه والكهرباء وتكرار عمليات الخطف والقتل للسرقة
واستعمال السلاح في غير موضعه ودون ترخيص من قبل كلّ من هبّ ودبّ، وأصبحت
حقول النفط وموانئ التصدير محتلّة من قبل قطاع الطرق والرعاع، فضلا عن
تعدّد سرقات الأموال بما يفوق ملايين الدينارات».
الجمود السياسي
العميد الركن محمد عبد العاطي الرفاعي
◄ 1970 التحق بالكلية العسكرية بطرابلس/ليبيا
◄ 1974/1972 أسهم في تأسيس كتيبة «الصاعقة» بالجيش الليبي
◄ أجرى العديد من دورات تدريب وتعبئة متقدمة في مصر والعراق وألمانيا
الغربية والاتحاد السوفييتي في اختصاصات آمري سرايا وكتائب ومشاة.
◄ شارك في عدد من الحروب والمهام في كل من تنزانيا، وأوغندا، ولبنان، وتشاد، والمالديف، ومصر
◄ شارك في الحرب العراقية الإيرانية
◄ قاد العديد من العمليات القتالية في تشاد ومنح لقاء ذلك ترقية وأوسمة استثنائية
◄ 1973 شارك في إخماد التمرد ضد النظام الأوغندي، حيث منح وسام جمهورية أوغندا
◄ 1977 انضم إلى الكلية العسكرية وأسهم في تطويرها وكلف بالتدريب لمدة سنة
على غزو تونس والمغرب ولكن بعد جدال معه تم العدول عن هذا القرار
◄ كان له اتصال بالمعارضة في باريس في أوائل التسعينات
◄ 1993 اعتقل بتهمة الانتماء لحزب البعث العراقي وموالاة نظام صدام حسين،
فأمضى بالسجن 10 سنوات، من بينها 8 سنوات في الحبس الانفرادي. كما تواصل
حرمانه من الحقوق المدنية بعد مغادرته السجن عام 2003.
أمّا عن الجمود السياسي الذي أسهم بدوره في تعميق الأزمة في ليبيا، فقد
اعتبر الرفاعي أنّ «البلاد تعيش في الواقع في ظل كارثة سياسية حقيقية سببها
الأحزاب التي خرجت علينا قبل صدور الدستور وتحديد واقع الدولة»، موضّحا:
«نحن نعيش بسبب الأحزاب في دوّامة قد تدخلنا في حرب أهلية لا سمح الله،
ويعود ذلك إلى كونها أحزاب مسلّحة ولها أجندات خارجية تعمل من خلالها،
وهمّها الأساس الوصول إلى السلطة. وما نشهده في جلسات المؤتمر الوطني العام
خير شاهد على ذلك، حيث لا يوجد تجانس أو تفاهم أو رؤية واضحة المعالم
لمستقبل البلاد»، على حدّ تعبيره.
أمّا بشأن التحديات التي تواجه بناء أسس الدولة في ليبيا، فقد أكّد الرباعي
أنّ الدولة المتحضّرة التي تهتم بمواطنيها وشؤونهم تقام على أربعة محاور
أساسية وهي: جيش وطني يحمي الوطن، وشرطة تحافظ على أمن المواطن وممتلكاته،
وقضاء مستقل نزيه يتمتّع بالخصوصية، ومؤسّسات مجتمع مدني فعّالة تتابع
الحكومة وتوجّه الشارع.
وقال في هذا السياق إنّ «الإشكال في بلادنا أنّنا لم نصل إلى هذه الأركان
الأربعة، ومن ثمة أرى تحقيق ذلك في مقدّمة التحديات التي تواجه قيام الدولة
في الوقت الراهن».
والجدير بالذكر أنّ العميد الركن الرفاعي سبق له أن طالب بحاكم عسكري
لقيادة البلاد في هذه المرحلة، وهو ما تخالفه الأغلبية، بل ويتناقض أيضا مع
ما ذهب إليه بشأن توصيفه للأركان الأربعة لـ«الدولة المتحضّرة». وحول هذا
الأمر يقول: «أرى ذلك مجديا وأنفع للبلاد في مثل هذه الظروف الصعبة، أنا
لديّ تحفّظات كثيرة على اللواء خليفة حفتر واختلف معه في كثير من القضايا
ووجهات النظر، لكن مع هذا وضعت يدي في يده من أجل استقرار ليبيا ولتصحيح
مسار الثورة. فالثورة انحرفت عن مسارها الطبيعي، والرجل يتمتع بقدرة
عسكرية».
أمّا عن المؤسّسة العسكريّة الليبيّة اليوم، فهو يرى أنّ الجيش موجود وهو
يحتاج فقط لقيادة عسكرية قويّة، مشيرا إلى أنّ من تمّ اختيارهم لقيادة
الجيش يفتقرون للخبرة والكفاءة اللازمة وذكر في هذا الصدد أنّ اللواء
المنقوش رجل ينفع أن يكون أكاديمي لا لقيادة الجيش، أمّا عبدالله الثني
وزير الدفاع الليبي الحالي فـ«هو الآخر كنت آمره في الكلية العسكرية، وطيلة
عمله كان آمر سرية لا غير، فكيف له أن يقود الجيش. وعلى العموم فإنّ الجيش
الليبي كان يُعدّ من أكبر الجيوش العربية، بعد مصر والعراق وسوريا. كما
أنّه أفضل جيوش المنطقة تسليحا رغم كونه تسليحا شرقيا».
فشل في الملفات الخارجية
وعلى صعيد آخر، سألت «العرب» العميد الرفاعي عن دلالات إطلاق مصر سراح أحمد
قذاف الدم مؤخرا، فأوضح أنّ قذاف الدم كان من دفعته حين تخرّج من الكلية
العسكرية، قائلا إنّ «القذافي وضع في فمه معلقة من الذهب. وهذا الرجل لم
يخدم في الجيش إلا شهورا معدودة، ليصبح بعدها شخصا مقرّبا من القذافي
ومبعوثه الخاص إلى رؤساء العالم، وبالتالي راحت منه الإمارة مع احتفاظه
بالمليارات. وهو ما يهمّ مصر لا قذّاف الدم ولذلك لن يكون له مستقبل»،
مستدركا بقوله: «ما أعيبه على الحكومة الليبية هو عدم استدعاء السفير
الليبي في مصر للتشاور. فظهور قذاف الدمّ في القنوات الفضائية أخطر بكثير
من خروجه من السجن.. والحكومة الليبية هي الفاشلة في إدارة الملفات
الخارجية ومنها ملف قذاف الدم. فمصر هي المحتاجة لليبيا، حيث لها قرابة
مليوني عامل لدينا، ومجرد التفكير في طردهم يجعلها تعيد التفكير في أيّة
خطوة قبل الإقدام عليها»، على حدّ تعبيره.
وبشأن المصالحة وكيفيّة نظره إلى الليبيين المقيمين في كلّ من مصر وتونس
لأسباب سياسية، فقد رأى مُحدّثنا أنّ هذا الملف يُشكّل فعلا «كارثة ووصمة
عار في جبين كلّ ليبي. فثورة فبراير يُراد منها إحقاق الحق، وقد أضحت عودة
هؤلاء ضرورة حتمية، وعلى الحكومة التعجيل بحلّ الإشكالات العالقة لكونها
كارثة سيدفع ثمنها المنتصر والمهزوم، فهي تعد قبل كلّ شيء استحقاقا وطنيا».
هكذا بدا العميد الركن محمد عبد العاطي الرفاعي جريئًا في التصريحات التي
أدلى بها لـ«العرب»، ثابتًا في ما عُرف عنه من انتقاد شديد إزاء الدور
الخطير الذي تقوم به جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا كما في غيرها من
الدول التي هبّت عليها رياح الثورة.
ومع ذلك لا يخشى أن يُصيبه ما أصاب الكثير من زملائه من القيادات العليا
السابقة والحالية للجيش الليبي، لاسيما بعد أن بلغته العديد من التهديدات
بالتصفية التي يربطها صراحة بجماعة الإخوان في ليبيا. في هذا المضمار يكتفي
الرفاعي بالقول إنّ «الأعمار بيد الله.. أنا دخلت حروب تشاد وأوغندا
ولبنان والحرب الليبية المصرية ولا أزال على قيد الحياة، لكن توخّي الحذر
واجب، لاسيّما أنّه وصلتني تهديدات كثيرة وخصوصا عندما تكلّمت عن الإخوان
والمليشيات المسلحة وقتلى غرغور بدم بارد لكن تبقى الأعمار بيد الله.
وليبيا وحريتها تهون من أجلها الأنفس وروحي ليست أغلى من أرواح الضباط
الشهداء».
حذرت جماعة «أنصار بيت المقدس» القوات المسلحة والشرطة من تمرير ما سمته
«دستور لجنة الـ50 العلماني النصراني الصهيوني» خلال الاستفتاء المقرر
إجراؤه 14 و15 يناير المقبل، وشددت على أنها ستجعل من أفراد الجيش والشرطة
«عبرة» من خلال استهدافهم بـ«عمليات استشهادية».
وقالت الجماعة، في بيان نشرته عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» وبعض
المنتديات الجهادية الجمعة، إن: «ما ورد إلى شعب مصر من دستور علماني
نصراني صهيوني، وقبل أن نتحدث عن بعض المواد المفزعة، نقول (نقسم بالله
العلى العظيم أن هذا الدستور لو انتهى بالموافقة عليه لنجعلن من قيادات
الجيش والشرطة عبرة لمن لا يعتبر، ولندخلن عليهم بيوتهم، ولنذبحنهم ذبحًا
كالخراف)».
وأضاف البيان أن: «كل العمليات الاستشهادية التي سبقت، ما هي إلا عبارة عن
تأكيد استطاعتنا مواجهة أي فصيل أو أي مؤسسة أو منظمة، وكله بحمد الله
وفضله».
وقالت الجماعة في بيانها إن: «بعض مواد الدستور الجديد ما هى إلا غطاء
دستورى زائف يقال عنه هراءً إنه سيحافظ على أمن مصر وشعبها»، معلقة بالقول
«عجبًا لما يقولون، وعجبًا لمن يستمعون لهم».
وأضاف: «استحدث دستور (لجنة الـ50) مادة جديدة شديدة الغرابة هي المادة
(64) التي تنص على أن حرية العقيدة مطلقة، أي غير مقيدة بأي ضوابط أو قيود
بما فيها الضوابط الشرعية المنظمة للوضع العقدي للمجتمع».
وتابع البيان: «ولما كانت ديباجة الدستور تلتزم بالاتساق مع الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان والمادة 93 من دستور (لجنة الـ50) تلزم الدولة
بالالتزام بالمواثيق الدولية، فإنه يتوجب علينا الذهاب للإعلان العالمي
لحقوق الإنسان، لنرى ماذا يقول فى هذا الشأن، حيث تنص المادة (18) من
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن لكل شخص حرية الفكر والوجدان والدين،
ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو
معتقده».
وأوضحت: «هذه المادة الأممية تحديدًا وما أعقبها من نصوص تفسيرية، يعلم
المراقبون أنها تمثل انطلاقة لكثير من الشيعة والبهائيين والمرتدين
والملحدين في بعض البلدان الإسلامية في المطالبة بحقهم في إظهار هويتهم
ومعتقداتهم داخل المجتمعات السنية، كما أنها تضرب حد الردة الشرعي في
العمق، فما بالنا وقد تم تضمين هذا النص صراحة فى الدستور؟».
وأشار البيان إلى أن: «الدستور سلب أفراد المجتمع ومؤسساته حق اللجوء
للقضاء في حالة تعدي أحد الأشخاص على رموز الأمة، بل على الذات الإلهية تحت
دعاوى الفن والإبداع، وقيَّد الاختصام في تحرك النيابة العامة فقط، كما
قيَّد العقوبة في التعويض المالي، ومنع أي عقوبات أخرى سالبة للحرية، كما
فى المادة (67) منه، وبذلك تنتهي قضايا الحسبة من مصر تمامًا بالدستور،
فضلاً عن تفشي الفوضى الانحلالية والعقدية تحت مسمى الإبداع».
وأضافت الجماعة: «الخطورة الأشد تتمثل فى إدخال مواثيق الأمم المتحدة
المتعلقة بالمرأة في بنود الدستور الأصلية، ومعلوم لكل ذي بصيرة محاولات
تغريب المرأة المسلمة من قِبَل الطروحات الغربية، والدستور ملأ مسودته
بمصطلحات نسوية معلوم خطرها للمراقبين من قبيل ما جاء فى المادة (11)
المتعلقة بالتزام الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، ومعلوم أن الأمم
المتحدة تضم لمصطلح العنف ضد المرأة (الزواج المبكر، وعدم المساواة في
المواريث، وقوامة الرجل على زوجته)».
وشددت الجماعة على أن «المادة 180 خصصت ربع مقاعد المجالس المحلية للمرأة،
وهي كوتة انتخابية لا توجد في أي دولة بالعالم، وخطورة هذا الأمر تتمثل في
أن عدد أعضاء المجالس المحلية على مستوى الجمهورية يبلغ 54 ألف عضو، وربع
المقاعد للمرأة يعنى أن هناك إلزامًا بوجود 13 ألف و500 امرأة في المجالس
المحلية على مستوى المحافظة والمركز والقرية والحي، وهذا الرقم الصادم
لواقع الريف المصري والصعيد بصفة خاصة، سيحرم كفاءات فعلية ومحبوبة
بالمجتمع من الدخول للمحليات تحت قيد كوتة المرأة».
قام أحد محبي النجمة الأمريكية سكارليت جوهانسون بدفع مبلغ 55 ألف دولار
في مزاد خيري أقيم في دبي ببرج خليفة من أجل الحصول على فرصة السير على
السجادة الحمراء بجوارها.
الواقعة حدثت علي هامش استضافة فندق أرماني ببرج خليفة، “أطول مبنى
العالم”، مجموعة من نجوم السينما والمزايدين الخيريين، أثناء انعقاد
مهرجان دبي السينمائي الدولي (DIFF) في حفل لجمع التبرعات تابع وكالة
أوكسفام العالمية.
سكارليت جوهانسون، وهي سفيرة منظمة أوكسفام قالت: “أنا سعيدة لتقديم هذه
الجائزة الرائعة للمزاد. آمل أن يُجمع الكثير من المال لأوكسفام للمساعدة
في عملهم في مكافحة الفقر في جميع أنحاء العالم”.